بقلم الباحث التاريخي / سمير ألحيان
احبابي وإخواني وياأيها الصحب الكرام علينا أن نتعلم أن نفكر خارج الصندوق وليس داخله فاليوم فقط، أدرك العرب أن الذي أخر احتلال الفرس للعواصم العربية -بغداد، بيروت، دمشق، صنعاء- هو معاوية، رضي الله عنه وعن أبيه..
هذه الأمة تعيش على أوهام خطيرة، عمرها قرون طويلة، هي كل زادها، وهي كل تاريخها المذخور..
الأمة التي تتلقف التاريخ من الواقدي لتصدقه وتلقنه للأجيال، وتمرر لهم أن سيبويه مات بسبب رفع منصوب أو نصب مرفوع إنما هي أمة مدخولة مسرطنة..
فيا ليت جيلا يعلنها ثورة على المألوف، وعلى عبدة المألوف، ويلقي في روع الحشود أن مواريثكم كتبها أعداؤكم، فلم يسلم شيء من يد التزوير إلا عقيدتكم أيها الناس..فالله تعهد بحفظ الدين، لا بحفظ التاريخ، ذلك أن التاريخ تحفظه فطنة الأجيال أو تُسلم عقولها لعدوها كما فعل العرب الأولون والآخرون، فالأمم تحفظ تاريخها وسيرها وأيامها بنفسها، ولا تتلقاه من غيرها فتخصي فحولها وتطعن ظهور رجالها فتضحك من جهلها الأمم..
فماهو ميدان معركتنا اليوم !!
ميدان المعركة الحقيقي اليوم هو الوعي..ومن فاز فيه فاز بالمعركة..
الشعوب العربية عقولها مخطوفة، ووعيها مشلول، ونظرتها للأشياء منبثقة من الفهم الخاطئ لها..ومن هذه العاهة أتاها أعداؤها..
العقل المخطوف، والوعي المشلول، هما أخطر ما يواجه الأمم، وأكثر ما يتسبب في ذِلتها وهوانها، وهو كذلك المدخل الذي يكون سببا في ارتماء الأمة المهزومة في حضن عدوها، وهي غير عالمة بما تفعل!!
الأمة الإسلامية في تاريخها المعقد المديد، لم تعرف وعيا حقيقيا إلا في مرحلة بني أمية، وسقوط دولتهم كان سقوطا لدولة العرب المسلمين، وبدايةً لقرون من عطالة العقول ووقوعها أسيرة لمخططات ومؤامرات ثنائية الشيطان التي نحن ندفع ثمنها إلى اللحظة، ردةً وضلالةً وتحريفا وتمييعا وتعطيلا للأفهام والعقول..
الأمة الإسلامية وقعت ضحية تفكيرها البدائي الذي يجعل من العدو وليا حميما، فأضاعت بهذا دولتها وسلطانها، ثم دينها لولا حفظ الله لرسالته، فَوَرَّثت الأجيال إرثا دينيا مدخولا، ومجازر في حق التاريخ.
ومن هذين المنفذَين كانت كل الشرور، ومنهما تكون عودة الروح إلى هذه الأمة، ولا عودة إلا بالفوز في معركة الوعي..الوعي بدين الله الحق، وتطهيره من كل شوائب الوضاعين من كل المتربصين والحاقدين علي ديننا الفطري السمح الحنيف ومن كان في حزبهما ممن اختار سفينتهما، والوعي بالتاريخ لتشخيص الداء الحقيقي الذي سمّم جسد الأمة فأصابها بالهزال فاعتلت قرونا طويلة!!