أخبار عاجلة

سلطة الثقافة ومشكلاتنا الحضارية الراهنة

 

أ. د/ نجيب عثمان أيوب.  –   جامعة حلوان…

في محاضرة أمام رواد (صالون الموسوعة الإنسانية الثقافي بالقاهرة) دار نقاش حول مشكلاتنا المعاصرة، من غياب الوعي وتلاشي الانتماء وشيوع الأنانية وانتشار المخالفات وتكرار الجرائم البشعة، على المستويين المحلي والعالمي المعاصرين، كان حديثنا عن جوهر المشكلة الذي ينحصر في  انهيار الثقافات على المستوى المعرفي، والارتباك الفج بين مفاهيمها وتطبيقاتها، وضرورة أن تتحول القيم الثقافية من معارف إلى سلوك  فردي وجماعي، في صورة وعي جمعي وضمير إنساني عام.

فالالتباس القائم حول مفاهيم المدنية والحضارة والثقافة، وبالتالي الشرخ القائم بين الخطاب والسلوك، الواضح في مجالي المواطنة والتدين والزعم الأخلاقي الإنساني.      كان تناولنا للمفهوم اللغوي والفلسفي والسياسي والاجتماعي والأدبي للحضارة، وعلاقتها بالثقافة الإنسانية عامة، كعلاقة الكل بالجزء، والفارق المفاهيمي بينهما، لأن حضارة الإنسان واحدةٌ، بينما تتعدد الثقافات وتتنوع بين الأمم وفق عوامل التاريخ والجغرافيا المؤثرة، فرغم تعدد الثقافات وتنوعها، إلا أنها تعود إلى نبع واحد، وهو حضارة الإنسان الفطرية التي تُسَلِّمُ في جوهرها بقيم الخير والحق والجمال كمبادئ ثابتة، وما الثقافة إلا الصورة المرنة التي تكمن في الفنون والآداب والمعتقدات الناعمة للحضارة الإنسانية، بمُخرجاتها المادية الصلبة التي تتجلَّى في العمارة والمنجز التكنولوجي الصناعي والزراعي والتعليمي والطبي، وتنعكس في سلوكنا اليومي.

كما تكلمنا عن بنية الحضارة الإنسانية الأساس، وعناصرها: من لغة وأدب وفنون وتاريح وفلسفات ومنشآت ومؤسسات، وضرورة أن  تَتَجَلَّى مزدانةً بهذه القيم.                       وعن مظاهرها: من ملامح الرقي الإنساني والتمدن، سواء في صورته الاقتصادية أو العلمية أو الفنية أو الأدبية، وبالتالي الاجتماعية والأخلاقية، لتنعكس انتماءً وطنيًا للأرض والتزاما روحيا وسلوكيا بالدين، وحبا وشغفا لكل خير وجمال، وبعدا وجفاءً لكل شر وقبح.

وعن عوامل تعافيها وازدهارها: من الاستقرار والترابط بين أبنائها القائم على إيمانهم بأهدافهم الجماعية، وانتشار القراءة والكتابة بينهم كذاكرة لتاريخهم ومعالم موروثهم الروحي والأخلاقي، ووسيط تواصلٍ مع غيرهم.

وعن أسباب شيخوختها وانهيارها ذكر نرى ان ألاسباب تتلخص في عيون فلاسفة علم الاجتماع القُدامى والمحدثين، وتنحصر في الارتباك المعرفي لمفهوم التحضر والثقافة، والفجوة الكبيرة بين ما يعتقده الأشخاص وما يمارسونه في حياتهم اليومية فيما بينهم، علاوة على ما يبث لدى الأفراد والجماعات من أفكار مغلوطة يلتبس خلالها الحق بالباطل والصواب بالخطأ والخير بالشر.

واشار المؤرخ العربي المسلم: ابن خُلُدون المَغْرِبي (منذ القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي) التي أسست لفكر الاجتماعي الأوروبي، أوجست كونت، وجون ستيوارت ميل، والفيلسوف الإنجليزي آرنولد تويمبي، والألماني شينجلر، وعالم الاجتماع والحضارة فيجر، لتتغذى بها كافة النظريات السيسيولوجية الحديثة وما بعد الحديثة وإلى اللحظة، بالربط القديم  بين القول والعمل وبين الإيمان والسلوك، لتتحول المزاعم إلى سلوك فاعل وقائم على الأرض، تتجلى فيه قيمُ الحق والخير والجمال.

واخيرا نوصى  بضرورة غرس قيم التَحَضُر بين أجيالنا بكافة السُبل التربوية والإعلامية والتثقيفية؛ حتى نواكب ركب التَمَدُن الإنساني العام، مستمسكين بقيمنا الروحية السامية بأصالة وثقة وثبات، متطلعين نحو النمو المرجو بطموح وتصميم وأمل….

 

شاهد أيضاً

لا تستقبلوا العام الجديد بانطفاء الأنوار و انطفاء الشموع

    كتبت: زهراء محمد شحاتة تم النشر بواسطة: عمرو مصباح استقبلوها بالنور ولو ولعتو …