سقوط السيدة فى الحرم .. أم سقوط القيم
بقلم : عماد نويجى
لم يكن سقوط السيدة المعتمرة المصرية في ساحة الحرم الشريف مجرّد مشهدٍ عابر من فوضى، بل كان سقوطًا مدوّيًا لقيمٍ ظنّ العالم أنّها لا تزال قائمة في بلدٍ يُقدّس الحرمين الشريفين.
فما قبل أن تسقط جسدًا، سقطت أمامها أصول التربية، ومبادئ الأخلاق، وقواعد الدبلوماسية التي طالما تشدّقت بها بعض الأصوات حين تتحدث عن “خدمة ضيوف الرحمن”.
نعم، قد يُخطئ البشر في الميدان، وقد تلتبس المواقف، لكن ما لا يمكن تبريره هو دفع امرأةٍ مسالمة، ترتدي لباس الإحرام، في أقدس بقاع الأرض.
ذلك الفعل لا يصدر إلا عن قلبٍ غلُظت فيه الرحمة، ولسانٍ لم يتربّ على “السلام عليكم”، ويدٍ لم تعرف معنى “الحرَم الآمِن” الذي قال فيه الله تعالى:
“وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا”.
فأيُّ أمنٍ هذا الذي يُداس تحت الأقدام؟
وأيّ هيبةٍ تبقى لمكانٍ يُهان فيه المعتمر؟
لقد سقطت السيدة، ولكن قبلها سقطت الإنسانية، وسقط أدب الضيافة، وسقط الوجه الذي طالما حاولت السعودية أن تُظهره أمام المسلمين جميعًا.
وما زاد الوجع وجعًا، أن خرج من أبناء البلد من يُبرّر، أو يُصفّق، أو يُحاول طمس الحقيقة خلف شعارات “الالتزام بالنظام”، وكأنّ النظام يُجيز امتهان الكرامة!
من الطبيعي أن يخطئ فرد الأمن، ولكن من غير الطبيعي أن يُصمت على الخطأ أو يُغسَل بعبارات التبرير الفارغة.
الدول الكبيرة تُقاس بعدالة تعاملها مع الصغير، لا بتبريراتها حين تُخطئ في حقّه.
إنّ من يدخل بيت الله الحرام، لا يحمل إلا نية العبادة والسكينة، ومن يمد يده على معتمر أو معتمرة داخل الحرم، فقد خالف أمر الله قبل أن يخالف القانون.
نطالب بتحقيقٍ شفافٍ، واعتذارٍ رسميٍّ صادقٍ، لا لحساب السياسة بل احترامًا لبيتٍ قال عنه ربّه:
“جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ”.
فليُقَم الحقّ إذن في رحاب هذا البيت،
ولْيُحترم المعتمر كما تُحترم الكعبة،
فكلاهما في حرمة الله،
وما جرى ليس حادثة عابرة… بل جرحٌ في ضمير الأمة.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 