سايكس–بيكو: أكبر خدعة فى عقولنا!

سايكس–بيكو: أكبر خدعة فى عقولنا!

 

 

بقلم: أيمن بحر

تخيّل أن تُسلب منك أعظم فكرة في التاريخ: فكرة الأمة الواحدة.
تُجرد من إحساسك الحقيقي بالانتماء، ويُقنعك من لا يعرف لغتك ولا دينك بأن الأشجار والحجارة والرمال والأسلاك الشائكة هي “الوطن”… وأن تموت دفاعًا عن حدود وهمية رسمها قلم الإنجليزي مارك سايكس والفرنسي جورج بيكو على خريطة ورقية، بينما كان العرب يهللون لسقوط الخلافة، غير مدركين أنهم يهللون لنهايتهم هم!

منذ ذلك اليوم المشؤوم، تم تحويل الأمة إلى حظائر بشرية:
كل حظيرة لها علم ملوّن، ولهجة محلية، وبطاقة هوية، وجنسية مصطنعة،
وغُرس في أذهاننا أن الدفاع عن هذه الحظائر هو “شرف”،
وأن من يعبر هذه الأسلاك الوهمية هو “عدو”،
وأن من يموت على بوابات هذه الحدود سيدخل الجنة… لا لأنه دافع عن دينه، بل لأنه دافع عن حدود صنعها المستعمر ليبقى السيد، ونحن العبيد.

وهكذا، تحوّل العربي إلى ساخر من أخيه العربي،
أصبح المصري يسخر من السوداني،
والسعودي يعادي القطري،
والمغربي يخاصم الجزائري…
رغم أن الدين واحد، واللغة واحدة، والتاريخ مشترك.

قرن كامل من التيه

اتفاقية سايكس–بيكو لم تكن مجرد تقسيم جغرافي للأرض،
بل كانت تقسيمًا للعقل والهوية والولاء.
فبدلًا من أن يكون الولاء لله ورسوله ولأمة الإسلام،
صار الولاء لخريطة مرسومة، وعلم مصبوغ، وجنسية مختلَقة.

ضحكوا علينا حين قالوا إن الاتفاقية مدتها مئة عام،
لكنهم زرعوها في عقولنا لتبقى إلى الأبد.
صرنا نخاف على بقاء “الوطن” أكثر مما نخاف على بقاء الدين!

صورة من الماضي العظيم

تأمل مشهد النبي ﷺ واقفًا شامخًا أمام جيشه:
فيه العربي والأعجمي، القرشي والأوسي، الفارسي والرومي، الأبيض والأسود…
جيش لا يعرف الحدود، ولا يعترف بالهويات المصطنعة.

تذكّر كيف حكم عمر بن الخطاب 22 دولة من قلب المدينة،
وكيف اجتاحت جيوش الوليد بن عبد الملك من سور الصين إلى جنوب فرنسا،
وكيف دوّى صدى هارون الرشيد في ثلاث قارات،
وكيف حطم المعتصم عمورية ردًّا على استغاثة امرأة،
وكيف أعاد صلاح الدين القدس لأمتنا،
وكيف أوقف قطز زحف المغول،
وكيف مزّق العثمانيون الإمبراطوريات الصليبية ورفعوا راية الإسلام في قلب أوروبا.

كل ذلك دون جواز سفر، دون تأشيرة، دون حواجز وحدود.
من قرطبة إلى بغداد، ومن المغرب إلى مكة…
كنا أمة واحدة.

فلْتسقط سايكس–بيكو!

فلتسقط الحدود التي صنعها المستعمر،
ولتسقط الرايات التي فرّقتنا،
ولتسقط العبودية للوطن الوهمي!

لقد حبسونا داخل الأسلاك الشائكة، بينما فتحوا هم حدودهم لبعضهم،
صاروا أمة واحدة، ونحن أممٌ متفرقة.

لكن الحقيقة ستظل واضحة كالشمس في كبد السماء:
الوطن ليس حدودًا… الوطن هو الأمة.

شاهد أيضاً

ما فائدة وجود القواعد الأمريكية في قطر؟ وهل ستتحرك إذا ضُربت إسرائيل؟

ما فائدة وجود القواعد الأمريكية في قطر؟ وهل ستتحرك إذا ضُربت إسرائيل؟   بقلم: أيمن …