رؤى وفِكَرٌ تطويريّة لعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة في سورية ( 8 )
الجزء الثّامن
كنت في الجزأين السّادس والسّابع من البحث المقّدم لمقام السّيّد اللواء محمّد الشّعّار نائب رئيس الجبهة الوطنيّة التّقدميّة مع مناقشة الفقرة الرّابعة من القسم الخاص المتعلّق بعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة قد أشرت لضرورة فصل منظّمتي اتّحاد شبيبة الثّورة وطلائع البعث عن التّربية ضمن التّقسيمات التّربويّة في وزارة التّربية وتغيير اسمهما لتغدو الأولى باسم شباب سورية والثّانية أطفال سورية ، وسنكون في الجزء الثّامن من البحث للحديث عن الفقرة الخامسة من القسم الخاص المتعلّق بعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة ، والتي تتعلّق بالإشارة إلى ” تعديل آلية العمل في ” مجلس الشّعب ” ليكون قادراً على المحاسبة الحقيقيّة للحكومة ” .
فمن المعلوم عموماً أنّ مجلس الشّعب شُكِّل أساساً للدّفاع عن مصالح الشّعب وليس مصلحة الحكومة وما يرغب تحقيقه السّادة الأعضاء في المجلسين أي : مجلس الشّعب ومجلس الوزراء ، ولم نسمع في سورية أنّ حجب الثّقة تمّ عن وزير أو حكومة في تاريخ مجلس الشّعب ، وكان وجود ذلك المجلس شكليّاً من أجل إقرار بعض القوانين والتّشريعات دون فاعليّة رقابيّة حقيقيّة ، وليمارس سلطته الحقيقيّة لا بدّ أن يتمّ تفعيل الدّور الرّقابيّ لمجلس الشّعب بحيث يكون فاعلاً عموماً ، وليس انتفاضة انتخابات المجلس قُبيلَ انتهاء الدّور التّشريعيّ الخاص عندما يصحو الأعضاء فجأة بعد مرحلة سبات لسنوات ، وكنت قد أشرت في الجزء الرّابع من البحث الحالي لاستعمال مصطلح ( قائمة الوَحدة الوطنيّة ) المعمول به وما يتركه من آثار سلبيّة لدى المرشّحين نتيجة الغلط في الاستعمال الذي ربّما كان غير مقصود ، والأفضل عدم استعماله في الانتخابات القادمة بالصّورة التي يتمّ اعتمادها ، كونه لا يمثّل كلّ السّوريين عبر التّشكيلة التي يتم اعتمادها وفق الانتماء الوطنيّ ومفهوم المواطنة ، ونظراً لما يشكّله من خطورةٍ على الوضع السّوريّ باستعماله ، فيمكن أن يتمّ استبداله بأيّ مصطلح يبتعد فيه عن الحالة التّقسيميّة ، وسورية الآن بحاجة كي تكون موحّدةً أبناءَها تحت سقف الوطن تحقيقاً للمواطنة التي أشار إليها الدّستور في مادته الثّالثة والثّلاثين ، وإنّنا بحاجة حقيقيّة للوَحدة الوطنيّة التي أكّدتها المادة الثّامنة والعشرون من الدّستور التي أشارت للوَحدة الوطنيّة في نظام التّربية والتّعليم ، وكذلك في الفقرات الثّانية والثّالثة والرّابعة من المادة الثّالثة والثّلاثين التي نصّ الدّستور عليها أيضاً .. ولعلّ ذلك ما أشرت إليه في الجزء الثّاني من بحث سابق بعنوان :
” ماذا يأمل الشّعب العربيّ السّوريّ من السّيّد الرّئيس بعد أداء القسم ؟!” وهو منشور بتاريخ 5/7/2021م .
ولعلّ من شبه المؤكّد عموماً في الدّول أنّ مجلس الشّعب أو البرلمان هو من يقوم بالدّور التّشريعيّ ، و الذي يكون دوره مؤثّراً أكثر من غيره ، ولكنّ السّؤال الآن :
أيّهما المؤثّر في دور الآخر مجلس الشّعب أو مجلس الوزراء في سورية!؟، ومادور السّادة أعضاء مجلس الشّعب في سورية أمام مجلس الوزراء ؟!.
فمجلس الوزراء سلطته تنفيذيّة ويحيل لمجلس الشّعب مالديه من مقترحات قبل اكتسابها درجة الإقرار ، ويكون مجلسُ الشّعب مقرّاً ومقرّراً لتلك المقترحات لتغدو قرارات ، وبالتّالي : يكون مجلس الوزراء مشرّعاً ومنفّذاً مايريده لاحقاً عبر وساطة مجلس الشّعب ، وهنا يأتي السّؤال :
لماذا لم نسمع في سورية أنّ حجب الثّقة تمّ عن وزير أو حكومة في تاريخ مجلس الشّعب ؟!، وإذا ما أرادوا أن يقوموا بذلك فهناك مئات الحسابات السّياسيّة والشّخصيّة التي تمنع ذلك ، ومن هنا فإذا ما تمّ استجواب وزير ، فيكون له مريدين من الأعضاء يدافعون عنه ، وهم الذين يتزلّفون له دفاعاً واستماتاً لتبييض أفعاله ذوداً عنه ، وإذا كان مجلس الشّعب يمثّل سلطة الشّعب ، فلماذا لايقوم بدوره في خدمة الشّعب دفاعاً واستماتاً عن حقوقه أمام الحكومة ؟!.
ولم نعهد استيقاظاً لذلك المجلس في أيّ دور تشريعيّ له سواء حديثاً أم قديماً إلّا قُبيل انتهاء الدّور التّشريعيّ لأعضائه ، فهل سنجد قانوناً انتخابيّاً يمثّل الشّعب وطموحاته بمختلف اتّجاهاته وأطيافه ومكوّناته أو الحال ستبقى على ماهي عليه عبر اتّجاه واحد بمسميّاتٍ مختلفة ولونٍ واحد محدّد الاتّجاه والرّؤى والأهداف وتُمنَحُ الأحزاب الأغلبيّة النّيابيّة قبل الانتخابات التّشريعيّة ؟!،وهل سنشهد تغييراً في حجم الدّوائر الانتخابيّة وطريقة الاقتراع والتّصويت ، لتكون ممثّلة الشّعب في مختلف فئاته واتّجاهاته وبيئاته ، وقد سبق أن تساءلتُ في الجزء الرّابع من البحث الحالي :
ما المادة الدّستوريّة التي استند لها حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ أو غيره من أحزاب في حسم نتائج الانتخابات وعدد المقاعد في البرلمان ؟ وما المواد القانونيّة التي استنجد بها لتعزيز تلك الفكرة وفق التّقسيم المعمول به ؟ ، وهل تتحقّق أهداف المواطنة وأبعادها القانونيّة والثّقافيّة والحضاريّةبموجب ذلك وفق ما يسعى له السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد ؟! ، ولماذا تجري الانتخابات إذا كانت الأغلبيّة محقَّقة دونها أو أنّ الانتخابات للمستقلّين فقط ؟!.
وهل سيكون دور مجلس الشّعب القادم متمّماً للحكومة ومقرّا لما تريده أو سيكون محاسباً لها يعمل بشفافية ومصداقية مع الشّعب ؟!. ويبقى السّؤال :
هل ستُنقَل جلساتُه عبر الإعلام ؟!، وإذا تمّ نقل وقائع جلسات المجلس عبر إحدى القنوات الإعلاميّة السّوريّة _ والإعلام السّوريّ جزء من الحكومة ، وهو لم ينقل يوماً بثّ جلسات مجلس الشّعب ولم يقبل بها إلّا عندما يكون هناك خطاب للسّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد تحت قبّة المجلس _ حفظه الله ورعاه للوطن _ ولماذا تُحرجُ سورية من بثّ جلسات السّادة أعضاء مجلس الشّعب وتخشاها وتهابها عندما يكون هناك نقاش تحت قبّته لأمر يتعلّق بالشّعب ومصالحه التي من المفترض أن يرعاها مجلس الشّعب ليتمّ التّوجيه لنقل وقائع جلساته بشفافية ومصداقية ، وليتبيّن لذلك الشّعب ماذا يفعل مَن يُفترَض أنّهم ممثّلوه تحت قبّة مجلسهم ؟!..
هذه الأسئلة وغيرها أضعها بين يدي سيّد الوطن الدّكتور بشّار الأسد حفظه الله ورعاه ونناشده بدور مؤثّر حقيقيّ لمجلس الشّعب ، وليس مظهراً من مظاهر الدّولة فقط ، وأن يكون مؤثّراً حقيقيّاً لا متأثّراً .
وسنكون في الجزء التّاسع من البحث مع الفقرة السّادسة من القسم الخاص المتعلّق بعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة ، والتي تتعلّق بالإشارة إلى ” تفعيل الدّور الرّقابيّ لمنظومة مكافحة الفساد سواء الهيئة المركزيّة للرّقابة والتّفتيش أم سواها ، وإحداث منظومة جديدة تكافح الفساد بصورة حقيقيّة “، فكونوا معنا .
بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية