ثبت أن السعادة هي الإيمان الراسخ بقدراتنا الذاتية، التي تزيدنا رضا عن أنفسنا، وأن نتقبل أنفسنا كما هي، وكما خلقنا الله، نسعد بمميزاتنا ونتقبل عيوبنا، مع السعي إلى تصحيحها كلما أمكن ذلك، وألا نقلل من قيمة أنفسنا، وألا نقارن أنفسنا بالآخرين، فعندما نستطيع أن نتقبل أنفسنا فحينها، وحينها فقط سنصل إلى درجة الرضا النفسي التي تجعلنا أكثر سعادة.
إن الاستمتاع بما نمتلك وتفضيلنا له على ما لا نمتلك، أو ما لا نستطيع أن نمتلك يقودنا إلى سعادة أكبر، كما سنجد أن قضاء وقت كبير في التفكير والبحث عن السعادة سيستنفد قدراتنا وإمكاناتنا في الوصول إليها.
وسنجد أن قدرتنا على أداء أي عمل تتوقف على ثقتنا بقدرتنا على إنجازه، تمامًا كما قال المهاتما غاندي: (إذا كنت تعتقد أنك تستطيع، أو كنت تعتقد أنك لا تستطيع فأنت على حق في الحالتين)، وعندما تكون كل أهدافنا غير متجانسة مع قدراتنا، فإن هذه الأهداف ستسهم في خيبة الأمل وعدم التوافق، وستضاعف احتمالات عدم القناعة وعدم الرضا.
إن حياتنا تتألف من عدة جوانب مختلفة، ولذا علينا ألا نركز كثيرًا على جانب واحد منها، ونترك باقي الجوانب دون اهتمام؛ فعدم استقرار هذا الجانب تحديدًا، سيحول دون شعورنا بالسعادة الحقيقية، وسيصبح هذا الجانب محور تفكيرنا، ويلغي استمتاعنا بأي شيء آخر، حتى إذا كانت هناك أشياء أخرى موجودة نحبها.
سعادتنا في الحقيقة نسبية؛ وذلك وفقًا لنطاق اصطنعناه بأنفسنا، فإذا قسنا رضانا عن بعض اللحظات الجميلة التي مرت بنا في مدار حياتنا، فإننا قد لا نشعر بالسعادة؛ لأننا سنقارن رضانا اليوم مع أيام كانت صعبة مرت بنا.
وعلينا أن نحاول أن نقلل دائمًا من التفكير في الأشخاص الذين مروا بحياتنا وقد أساءوا إلينا، فهذه الذكريات ستصيبنا بطاقة سلبية داخلية، ستنعكس بالتأكيد على سلوكنا الظاهري والباطني بالحزن والألم.
بل انظر إلى ذاتك فستجد أن السعادة موجودة بداخلك، فلا تحاول أن تبحث عنها عند الآخرين؛ لأنك إن لم تجدها بنفسك ولنفسك، فإنك ستظل تبحث عنها طوال الحياة، وسيمضي بك قطار العمر دون أن تجدها.
السعادة الحقيقية هي الرضا النفسي، وحب الخير والعطاء للآخرين، واليقين بالله وبكل ما قسمه لك في تلك الحياة، نعم هناك من يمتلكون الكثير والكثير ويشعرون بالسعادة، ولكن هناك أيضًا من يمتلكون القليل، ولكنهم يشعرون بالرضا، فأولئك القانعون بما لديهم يشعرون بأضعاف أضعاف سعادة أولئك الذين يمتلكون الكثير.
وعندما تقول دائمًا أنا في نعمة ستأتي النعم باحثة عنك، وتجلب لك السعادة؛ واليقين بالله وحسن الظن به، والتفاؤل والأمل هي أفضل ما نواجه به تحديات الحياة وصعوباتها.
واخيرا على الرغم من اختلاف منظور السعادة من فرد إلى آخر، فإنهم جميعًا يتفقون في الشعور بها، فالسعادة أمر يصعب تفسيره، فهل هي امتلاك ثروة أم نجاح أم هي أشياء أخرى نمتلكها؟!