دليل التوحيد
د.عبدالواحد الجاسم
((((سبحان الله ))))
* اولا :لايوجد من البشر ومنهم الطغاة_ منذ بدأ الخلق الى قيام الساعة _أن يعظمه التابعين بهذه الكلمة فهي خالصة لله وحده سبحانه حتى فرعون الذي وصفه القران انه طغى لم يعظمه الاتباع له بقول سبحانك .
*ثانيا :
لفظ الجلاله (((الله))) على مدى التاريخ لم يسمي احد بهذا الاسم فهو خالص له وحده .
* صداقة من يسبح الله
صداقة الحيوانات والشجر والحجر !!!!
حوار للدلاله :
قلت:
لقد ذكرت لي أن أصدقاءك بحدود الكون.. فهل تراك تصادق الشجر والحجر.. وتلك الحيوانات اللاتي لا تعرف إلا مرعاها؟
قال:
وما لي لا أصادقها، ونحن جميعا إخوان في مملكة واحدة، لرب واحد.. نتطلع جميعا إليه بشوق وحنان، ليمدنا بفضله ومدده.
قلت:
لقد قبلت منك ما ذكرت لي سابقا.. لكني الآن أراك بدأت تخرج عن حدود العقل.. فهل هناك عاقل في الدنيا يقول ما تقول؟
قال:
ألم تسمع كتاب الله ، وهو يذكر تسبيح الكائنات جميعا؟
قلت:
بلى.. فقد سمعت قوله تعالى:﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (الحديد:1).
وقوله: ﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ (الجمعة:1)، وغيرها من الآيات الكريمة.
قال:
أنت قرأتها.. ولكنك لم تسمعها.
قلت:
بلى.. لقد سمعتها من أفواه كبار القراء، وبأجمل التراتيل، وطربت لها كثيرا.
قال:
لكنك لم تسمعها من الحق.. لأنك لو سمعتها منه لأسرعت تصادق هؤلاء الجالسين في حلقة الذكر العظمى يسبحون الله ويحمدونه.
قلت:
لقد سمعت بعض العلماء يذكر أن تسبيح الكائنات وحمدها لله من باب الإشارة.. لا من باب الحقيقة.. أي أن الكائنات كلها دلائل على وحدانية الله وقدرته، فهي تنزهه عن الشرك والعجز.. وليس المقصود من تسبيحها أنها تفعل ذلك.. لأن ذلك يقتضي منها قدرات كبيرة لا تتوفر لها.
قال:
مثل ماذا؟
قلت:
أولها الحياة.. فلا يمكن للجماد أن يمارس ما يمارسه الأحياء..
قال:
ومن ذكر لك أن هذه الكائنات الجامدة ليست حية؟
قلت:
أنت الذي ذكرت ذلك.. فمجرد وصفك لها بكونها جامدة، يعني عدم حياتها.
قال:
وما شروط الحياة التي تراها؟
قلت:
لست أنا الذي يراها.. بل كل العقلاء يرونها.. فهم يذكرون أن الحي يحتاج إلى أن يكون مدركا على الأقل..
قال:
فهل ترى أن هذه الكائنات التي مدحها الله تعالى بأنها تسبحه ليست مدركة لما تقول؟
قلت:
ما تعني؟
قال:
لو أن أحدا وضع في آلة تسجيل تسبيحا لله، ثم راح يقول لقومه: انظروا كيف تسبح هذه الآلة الله.. هل يقبلون منه ذلك؟
قلت:
لا شك أنهم لن يقبلوا منه ذلك؛ فالتسبيح يحتاج إلى وعي.. والآلة ليس لها وعي.
قال:
ولو أن أحدا اخترع روبوتا، ثم يبرمجه على هيئة الصلاة، فيصلي في كل وقت.. ويذكر الله بين الصلوات، ويقرأ القرآن، هل يمكن اعتباره روبوتا عابدا؟
قلت:
لاشك أنه لا يمكن اعتباره كذلك.. لأن حركاته مجردة عن الوعي.
قال:
فهل سمعت قوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ (الرعد:15)
قلت:
بلى.. وقد سمعت معها قوله تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ (النحل:48)
قال:
فهل ترى الله تعالى يثني على هذه الكائنات، وتعظيمها لله، وتسبيحها له، وسجودها لعظمته، ثناء فارغا لا معنى له؟
قلت:
بل هو ثناء حقيقي، فتعالى الله أن يثني على من لا يستحق الثناء.
قال:
فأنت تقر إذن بأنها مدركة لما تقول.
قلت:
لا يمكنني أن أقول خلاف ذلك.. ولكني لم أستطع أن أتصور أن هناك كائنا يمكنه أن يكون مدركا من غير أن تتوفر له شروط الإدراك التي نعرفها..
قال:
ذلك من كبرياء البشر.. فقد رحنا نتوهم أننا وحدنا في الكون.. وأنه لا عاقل غيرنا.. ولذلك صرنا نتهم كل شيء بالعجز والجهل والموت المطبق.. مع أن كل شيء يسبح بحمد الله ويقدسه ويقنت له ويسجد بين يدي عظمته.
قلت:
لا بأس.. أظن أنك أقنعتني بحياة الكائنات.. ولكن ذلك وحده لا يكفي لعقد الصداقة معها.. فالصداقة تقتضي مشاعر المحبة والمودة.
قال:
ألم تسمع قوله صلى الله عليه وآله وسلم عن جبل أحد: (هذا جبل يحبنا ونحبه)؟
قلت:
ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يقصد بذلك ظاهر ما فهمته.. بل كان يقصد أن ذلك الجبل بمن دفن فيه من أصحابه وقرابته صار يحبه.. مثلما قال الشاعر:
أَمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى … أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا
وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي … وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَالدِيارا
قال:
فما تقول في وصف حب الجبل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. أم ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر ذلك من دون أن يكون لكلامه معنى واقعيا؟
قلت:
معاذ الله.. وأستغفر الله.. وقد ألقمتني الحجة، فبورك فيك.. فقد حجبتني الغلظة أن أسمع ذلك.. وقد تذكرت لتوي حنين الجذع لفقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يسكن حتى ضمه صلى الله عليه وآله وسلم، فقد روي عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب إلى لزق جذع فأتاه رجل رومي فقال أصنع لك منبرا تخطب عليه فصنع له منبرا هذا الذي ترون، قال فلما قام عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب حن الجذع حنين الناقة إلى ولدها، فنزل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فضمه إليه فسكن فأمر به أن يحفر له ويدفن)
قال:
لقد ذكر القرآن الكريم ما يحمله هذا الكون الذي يراه الخلق جامدا من المشاعر النبيلة التي لا يستطيع أن يعيها القاسية قلوبهم من ذكر الله، ومنها ذكر مشاعر الحجارة وهي تهبط أو تتفجر أو تتشقق من خشية الله، كما قال تعالى:﴿ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّه﴾(البقرة: 74)
قلت:
أجل.. بل إن الله تعالى وبخ العتاة الغلاظ حين قارن قلوبهم بالجبال التي يرونها قاسية، بينما هي أكثر لينا منهم، فقال: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [الحشر: 21]
قال:
وهكذا أخبر عن تأثر الكون جميعا بتلك الشتائم التي يسب بها البشر ربهم من دون أن يعوا ما يقولون.. لقد قال في ذلك: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا﴾ [مريم: 90 – 92]
قلت:
أجل.. وقد ذكرني حديثك هذا بأحاديث كثيرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنستنيها الغفلة.. ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء يوم القيامة) قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: (هم الذين إذا فسد الناس صلحوا)، ثم قال: (ألا لا غربة على مؤمن، وما مات مؤمن في غربة غائبا عنه بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله تعالى:﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾، ثم قال:(ألا إنهما لا يبكيان على الكافر)
قال:
إن هذا الحديث يبين لك ما ذكرته من كثرة أصدقاء المؤمن، حتى لو بدا غريبا بين الخلق.. ذلك أن الكل معه.. الله وملائكته ورسله وجميع الصالحين.. بل جميع الكائنات.. كلها معه.
قلت:
لقد جعلني حديثك هذا أعي جيدا سر ذكر الله تعالى لكلب أصحاب الكهف في كل مرة يذكرون فيها.. بل إنه اعتبر أحدهم، حين ذكر ما قيل في عددهم، قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ [الكهف: 22]
قال:
أجل.. فقد كان ذلك الكلب الذي اتبعهم، وحرص على صحبتهم أفضل حالا من أولئك الجبابرة الذين أخرجوهم من بيوتهم، واضطروهم إلى أن يأووا إلى الكهف.
قلت:
صدقت، وقد ذكرني حديثك هذا بنهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن اتخاذ ظهور الدواب منابر، ثم علل ذلك بقوله: (فرب مركوبة خيرا أو أكثر ذكرا لله تعالى من راكبها)
قال:
ولهذا أمرنا أن نذكر الله تعالى عند ركوبنا لها، لأنه أجرتها؛ فهي تستمع بذكرنا لله، وتستمع بذكرنا للقائه، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ﴾ [الزخرف: 12 – 14]
قلت:
لقد ذكرتني بحديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه: (من قال إذا ركب دابة: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، سبحانه ليس له سميّ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعليه وسلم، قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن خففتَ عن ظهري، وأطعتَ ربك، وأحسنتَ إلى نفسك، بارك الله في سفرك، وأنجح مقصدك)
قال:
أجل.. ولهذا كان من بركات هؤلاء الأصدقاء الطيبين هذه الدعوات التي تنالها منهم.
قلت:
أجل.. وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، فقال: (إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر يصلون على معلم الناس الخير)
صلى الله على محمد واله وصحبه ومن والاه الى يوم القيامة