حين يسكن الكِبْرُ روحَ الإنسان، ينطفئ النورُ
بقلم / الكاتب أحمد فارس
يُعَدّ الغرور من أخطر الصفات التي يمكن أن تُصيب الإنسان في رحلته نحو النجاح، فهو لا يسرق مجده فحسب، بل يُفقده أجمل ما فيه: إنسانيته وتواضعه.
المغرور لا يسمع إلا صوته، ولا يرى إلا صورته؛ ينعزل في برجٍ من الوهم، ظانًّا أنه بلغ القمة، بينما هو في الحقيقة على حافة الهاوية.
فالقلوب لا تنجذب لمن يعلو فوقها تكبّرًا، بل لمن يقترب منها تواضعًا، فالتواضع يجذب القلوب، بينما الغرور يطردها.
وكم من صديقٍ ابتعد، وكم من حبيبٍ انطفأ حبّه لأن الكبرياء جعل صاحبه يرى نفسه أكبر من الجميع.
لقد قال أحد الحكماء: «من ظنّ أنه يعلم كل شيء، فقد بدأ أول دروس الجهل.»
الغرور أشبه بسمٍّ يتسرّب إلى القلب دون أن يشعر صاحبه، فيُعمي البصيرة ويُوقف مسيرة التعلّم.
إنه العدوّ الخفيّ للنجاح، إذ يجعل صاحبه يظن أنه اكتمل، فيتوقف عن التطور ويبدأ طريق السقوط دون وعي.
وللتاريخ كلمته…
فرعون الذي قال: «أنا ربّكم الأعلى»، غرق في لحظةٍ من جبروته، ليكون شاهدًا على أن الكبرياء لا يرفع أحدًا، بل يُهوي به إلى أعماق الهلاك.
وقارون الذي تباهى بماله وقال: «إنما أوتيته على علمٍ عندي»، لم يكد يُكمل كلماته حتى خسف الله به الأرض.
وفي عصرنا الحديث، كم من موظفٍ ناجحٍ فقد منصبه لأن الغرور جعله يُسيء معاملة زملائه!
وكم من عالمٍ أو فنانٍ لمع اسمه ثم انطفأ نجمه، لأنه ظنّ نفسه فوق النقد والنصيحة، أو توهّم أنه ملاكٌ لا يُخطئ!
إن رسالتي اليوم إلى كل فئات المجتمع — إلى الطالب والطبيب، والعالم والعامل، وصاحب القرار وصاحب الحلم —
أن الغرور لا يصنع مجدًا، بل يدفن صاحبه حيًّا في عزلةٍ باردةٍ يسمع فيها صدى صوته فقط.
أما التواضع، فهو النور الذي يُضيء درب النجاح، والسرّ الذي يحفظ الإنسان من السقوط.
إنه القوة التي تُنضج العقول، وتفتح القلوب، وتزرع الطمأنينة في النفوس.
ليُدرك كل إنسانٍ أن القوة الحقيقية لا تكمن في أن يعلو فوق الناس،
بل في أن يسمو بأخلاقه وإنسانيته. فالعظمة ليست في الكِبْر، بل في التواضع الذي يرفع صاحبه دون أن يُسقط أحدًا.
وحين يتعلّم الإنسان أن يقول: «أنا أتعلم» بدلًا من «أنا أعلم»، يكون قد خطا أولى خطواته في طريق المجد الحقيقي —
ذلك المجد الذي لا تذروه الرياح ولا يمحوه الزمن، لأنه يُبنى على وعيٍ صادقٍ ونَفْسٍ نبيلةٍ تعرف أن التقدّم لا يولد من الغرور، بل من الإصرار على التطور.
وفي نهاية المطاف، ستتحقق أحلامك حين تؤمن بنفسك وتخلص في سعيك،
لأن الغد لا يشرق إلا على من زرع اليوم بنور العمل والإيمان.
ختامآ: إمض بخطواتٍ واثقةٍ، وابقَ وفيًّا لقيمك ومبادئك…
لتصنع مجدك بيديك، اليوم، وغدًا، وإلى الأبد.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 