حكاية حياة
بقلم: نجلاء محجوب
لم أكن أتوقع أن يحمل لي القدر كل هذا الفرح وأن يجبر الله كسر قلبي يومًا، هل كانت دعوة دعوتها واستجابها الله لي، أم أنها عطاء يساوي حمل ثقيل تحملته سنوات طويلة، بدأت حكايتي عندما تعرضت لأصعب موقف تعرضت له في حياتي، وهو تعرضي لحادث لم يمر مر الكرام، ولكنه مر بعد أن سلبني قدرتي على المشي مجددًا، في البداية كنت لا أستوعب أنني سأقضي باقي حياتي برفقة كرسي متحرك، وكنت أخجل من وضعي الجديد فقطعت علاقتي بأصدقائي نهائيًا، و عشت سنوات طويلة بين جدران غرفتي، وحدث بيني وبينها ألفة فكانت تشاركني البكاء كلما بكيت، وتفرح كلما فرحت، وكانت فرحتي كبيرة عندما استطعت الوقوف مجددا، لكن لم تكتمل فرحتي حيث أن الحركة منعدمة بالرغم من أن شكل ساقي تبدو طبيعية جدًا، والحادث الذي غير مسار حياتي هكذا كان قد حدث لي وأنا في عمر الثلاثة والعشرين عاما، صبرت سنوات طويلة واستسلمت للواقع وكان يومي روتيني جِدًّا، ما بين مشاهدة التلفاز وتصفح بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يكن الأكونت الخاص بي يضم إلا عائلتي فقط، واستمرت حياتي على هذا المنوال إلي أن بدأت أقترب من عيد مولدي السابع والأربعين، وقتها كنت أشعر بفقدان الأمل ومللت من الروتين اليومي الذي لا يتغير، نظرت إلي كل ما مضى وصبر تجرعته حوالي أربعة وعشرون عاما، رأيت أن حياتي مرت هكذا عبثا لم أحقق شئ، وأنا في هذه الحالة بدأت أتصفح بعض الصفحات الفكرية والأدبية لأوجه تفكيري إلى اتجاه آخر بعيدا عن الاكتئاب الذي يتجه نحوي هدفه أن يفتك بي، لا أعرف ما الذي جعلني أرسل طلب انضمام إلي إحدى الجروبات الأدبية و كان أول جروب انضم له في حياتي، وقتها كنت متوجسة خيفة لأنني طوال أربعة وعشرين عاما لا أتحدث مع غرباء، وكنت من وقت الحادث قد قطعت علاقتي بأصدقاء الجامعة فكنت وحيدة، بدأت أتابع الكتابات في الجروب اقرأ فقط و لا أعلق لأنني أخشى الاحتكاك بالآخرين، فكتبت لأول مرة ثلاثة أو أربعة أسطر من باب التجربة، فوجدت تفاعل، فشعرت أنني خرجت خارج أسوار وضعتها لنفسي سنين طويلة فمات الإحساس بالوحدة، بعدها أنشأت صفحة بهدف تخصيصها لمنشوراتي و أول مقال كتبته كان يتحدث عن الصداقة، وبدأت أعلم نفسي بنفسي أحدد موضوع ثم أبحث في محرك البحث جوجل اقرأ عنه وأحدد أفكار ثم أكتب، وبمرور الوقت أصبح لكتاباتي متابعين، ثم أحببت كتابة القصص القصيرة وانشغل يومي وأصبح عقلي مزدحم بالأفكار التي أرغب في الكتابة عنها، ولم يعد لدي وقت للتفكير في ما مضى من حياتي، و بدأت أكون صداقات وكانت عناية الله تحيط بي عندما منحني الله أصدقاء أوفياء، ثم بدأت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية تراسلني لأنضم لديسك الكتاب ثم أصبحت كتاباتي تنشر داخل بلدي وخارجها، وأصبح لى بعض النصوص المسموعة بالراديو، وكان حلم حياتي أن أكتب يوما في جريدة الأهرام بينما حقق الله لي حلم في اتجاه أخر وهو نشر إصداري الأدبي الأول، أخيرا قرر القدر أن يصافحني، وعوضني الله، فأنا سعيدة سعادة لم أعشها من قبل، لا تيأس مهما حدث لك لأن وراء كل أزمة عطاء.