كتب /مصطفي العموري
كان حفل اليوم مهيب وكأنه الخيال, وكأن الدنيا كلها أظلمت اليوم لأراكي يا مصر ,لازلتي انتِ وانتِ فقط تتوهجين وتضيئء ما بين الارض والسماء, دوماً كان بعقلي أماكن أعشقها ، وأماكن يهفو لها قلبي ، وأغمض عيني فاقطع الاف الأميال لأسافر إلي هناك وحدي بمخيلتي.
اليوم كنتي انتِ كل صورة نسجها يوماً خيالي, نعم تجسدت أمامي وتمثلت فيكي , كل الأماكن التي زرتها والتي لم تطاها يوما قدماي.
وكأن ما فى الروح خرج فجاة وتجسد فى ابهي صوره , أروع مما تخيلته يوما أو خبئته بداخلي وتعلق به فؤادي ,أو خطرعلي بالي.
لمن لا يعرف منكم يا سادة «طريق الكباش» هو في الأصل طريق ملكي كان يربط ما بين «معبد الأقصر» و «معبد الكرنك» ,ويبلغ طوله 2700 متر ، وكان ملوك مصر القديمة يستخدمونه في الاحتفالات والطقوس الدينية.
الطريق وقتها كان له اسمين؛ الأول هو «وات نثر» ويعني طريق الرب، والثاني هو «تا مي رهنت» ويعني طريق الكباش , وذلك لأن الطريق كله مزين على الجانبين بتماثيل على هيئة كباش في وضعية أبو الهول.
وظل الطريق مدفون تحت الأرض لقرون طويلة ، و أول من اكتشف هذا الطريق كان الدكتور الأثري «زكريا غنيم» عام 1949 ، وعثر على 14 كبش ، وبعدها في الستينات عثر الدكتور «محمد عبد الرازق» على 64 كبش آخرين ، و في عام 2002 توصل الدكتور «محمد الصغير» إلى حقيقة أن هذا طريق كامل طوله 2.7 كم مزين على جانبيه بالكامل بــ 1200 كبش ، وأستطاع أن يحدد مسار الطريق القديم الأصلي بدقة.
وكانت المشكلة ان أغلب هذا الطريق قد دُفن تحت المباني إلي ان قررت الدولة ان تخوض التحدي ,وبدأت أعمال الحفر الأثري لتظهر معالم الطريق الأثري للنور من جديد أمام أعيننا وأعين العالم أجمع في مشهد مهيب يجسد عظمة مصر وتاريخها.
رأيتك اليوم يا مصر كأنك ضوء خرج من بئر سحري ليصل شعاع منه ويصيب كل قلب وعين , كأنه سهم مصوب من قوس التاريخ ليشق طريقه عبر الزمن, وينفذ بسلام لايوقفه شئ , اليوم كنتِ انتِ الأسطورة, ملاذ للروح , حيث الدهشة والمتعة والانبهار أمتزجت مع الفخر والعزة والكرامة.
اختلطت بداخلي العديد ,والكثير من المشاعر والاحاسيس, وأنا أشاهد العرض البديع الذي اقيم بأيدي أبنائك تمجيداً لكي ,حتي أنني لا أجد كلمات لأعبر عن عظمتك أو روعتك أو أوصفها , أشعر بالعجز كباقي العالم أمامك اليوم.
شاهدتك كأنك نور سطع فجأة, كأنك فكرة, فأستنارعقلي وأدركت الحقيقة فكنتي أنتِ فاطمئن قلبي وهدات روحي , ولكن زاد شغفي وتعلقي بكي, وأيقنت من أنكي أنتِ أولا ومن بعدك التاريخ .
حاضر أمتزج مع ماضي ومستقبل , ذكري مع واقع ورؤية ولا حدود فاصله بينهم, لم يكن مجرد عرض ولا موكب وليست مجرد موسيقي وأنغام, بل وميض ثم نور , أشعل من جديد نيران حبي لكي وطبول أعادت دقات قلبي , كقبلة الحياة التي لامست جسدي هكذا اليوم كنتي وستظلي ابد الدهر.
اليوم عانقتك بروحي من شدة ما شاهدت من جمالك, وشعرت بالغيرة عليكي, وكنت أشعر بالرغبة في ان أخبئك بين ذراعي ,ولا يراك غيري وكنت أري بريق عيني ولمعتها ف صفاء بحر عيناكي, ولكن مثلك لا يحويه زمان ولا مكان.
اليوم يومك تزينتي فى أبهي صورة ليراكي العالم أجمع اليوم, فلا مانع عندي طالما انهم سيرونك بعيني, فلتسطعي كالقمر الليلة تحميكي أرواح أجدادي, و ليشهد الله أنني لم احتضن بحب أي الأماكن غيرك ولا أدري أعيش أنا فيكي, ام أنك انتِ من تسكنين قلبي , فداك روحي, ودوما حبي لكي انتِ وحدك يا مصر, يا وطني وملاذي وأرضي وأرض أجدادي ,و أولادي من بعدي.