حصار النبى فى شِعب أبى طالب والاستفادة من قوانين الكفر

 

 

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

أجمعت قريش أمرها على قتل النبي صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم فجمع أبو طالب بني هاشم مؤمنهم وكافرهم، وأخبرهم بمكيدة قريش، فتحركت فيهم حمية الدم والنسب، فقرروا أن ينحازوا الى النبي صلى الله عليه وسلم في شِعب بمكة يقال له شِعب أبي طالب، وانحاز معهم حمية أيضا بنو عبد المطلب بن عبد مناف.

 

و فى عصرنا الحديث حاول البعض اظهار رسالة النبي صلى الله عليه وسلم على انها ثورة يسار من الفقراء ضد الأغنياء المترفين، فكيف يتفق ذلك وقد عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم اغراءات المُلك والمال والزعامة ليتخلى عن دعوته للاسلام.

 

وقد رفض النبي صلى الله عليه وسلم كل تلك الاغراءات، وفي نفس الوقت لم يعترض عليه اصحابه ولم يضغطوا عليه رغم ماتعرضوا له من حصار وتجويع وألم، فهل يطمح اصحاب الثورات اليسارية لأكثر من الحكم في ايديهم والمال في جيوبهم ؟ ولكنه الايمان بالرسالة السماوية التي تحقق العدل بين جميع البشر والحرية لكل انسان والنصرة لكل مستضعف مظلوم، ومن الطبيعي ان ينكرها كل طاغية وظالم ومستبد، فقد تضامن مشركي بني هاشم وبني عبدالمطلب مع النبي صلى الله عليه وسلم وحمايتهم له هو أثر من اثار القبلية أو القومية وهو عرف من اعراف الجاهلية، وهذا درس يستفيد منه المسلم حيث يسعه الاستفادة من قوانين الكفر التي قد تخدم الدعوة.

 

على ان يكون ذلك مبنيا على فتوى صحيحة من اهلها، ولقد فتحت المقاطعة الاقتصادية والاجتماعية وما تناقلته الاخبار من تجويع وعزلة للنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وصبره عليها  عيون كل ابناء الجزيرة العربية لبحث اسباب تلك المأساة وصبر اهلها عليها، فكانت اعظم دعاية اعلامية لهذه الدعوة الاسلامية وكان لها اعظم الاثر في اسلام كثير من ابناء القبائل العربية، فلم يستطع ابو طالب ان يقاوم هذا التحالف الباغي إلا بالحرب السياسية من جهة، ومحاولة تفتيت هذا التحالف، فعمل قصيدته اللامية المشهورة وفي بدايتها ولما رأيت القوم لا وُد عندهم، وقد قطعوا كل العُرا والوسائل، وقد حالفوا قوما علينا أظنة، يعضون غيظا خلفنا بالأنامل.

 

وكان لهذه القصيدة أثر خطير زلزل اوضاع مكة، واستطاعت ان تحرك كامن العصبية عند اقارب بني هاشم، حيث ائتمروا سرا، ودعوا الى نقض الصحيفة،

 

إن درس المقاطعة ضد النبي صلى الله عليه وسلم منذ بعثته نستفيد منه دورسا كثيرة منها ان  أي بلد مسلم يحاول تطبيق شرع الله يجب ان يضع في اعتباره انه سيتعرض للمقاطعة والحصار من اعداء الأمة في الداخل والخارج، وعليه ان يضع في مخططاته كيفية مواجهة هؤلاء والتعامل معهم بحذر وحكمة، وضرورة حشد طاقات الامة بكاملها لكيفية مواجهة الحصار، والصمود والتحدي لكل المخططات الدولية والاقليمية والداخلية التي تؤيد الباطل وتقف معه، وكيفية الخروج من تلك الأزمات وهي أقوى داخليا وخارجيا.

 

فإن أحفاد قريش من الكفار لازالوا يعملون ضد دعوة الاسلام واتباعه المسلمين، وينبغي على قائد الأمة ان يكون على معرفة كاملة بالنظام الدولي وطبيعة الدول وحكامها وشعوبها ومعرفة مدى تحقيق العدالة عندهم ومدى استقلال القضاة والقضاء حتى إذا ما احتاج الي الدعم الخارجي في حال أي حصار على دولته يكون لديه المعرفة الكاملة في امكانيات كيفية دفع الحصار ومساندة الدول الاخرى له ولشعبه والخروج من الحصار أقوى عزيمة واعظم قوة، فقد بذلت قريش كثير من المال والجهد لمحاصرة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته والضغط على الاجساد والبطون، وفرضت مقاطعة شرسة وكرست كل حلفاءها معها،

شاهد أيضاً

لشكر قيد النعم 

 الشكر قيد النعم  كتب سمير ألحيان إبن الحسين ألا بنعمة ربك فحدث : التقدير وشكر …