أخبار عاجلة

” جيل بلا عنوان “

” جيل بلا عنوان ”

بقلم : طلال الربابعه

مع تقدمي في العمر على مشارف السبعين وقد أصبح الشعر الأبيض هو اللون السائد الذي يغطي رأسي دون استحياء وكأن هذا الشعر يريد ان يخبرني بأنني قد اكتسبت معرفة جديده وأنني الآن في عمر يسمح لي بالنصيحة او الإدلاء برأي ما في حال تعرضي لأي مسأله…وأنظر الى خطوط قد رسمت على وجهي فتؤكد لي بأنها لم تظهر من فراغ فورائها حكايات وروايات وكبوات وإنتصارات… ولكن يأتيني فجأة موقفا يذهلني ويجعلني أتنحى جانبا ليقول لي مازلت لاتصلح للمواقف الصعبة وانت الآن غير جاهز .. مواقف عديده يفاجئني بها هذا الجيل ، فهو يريد ان يصرخ في وجوهنا ويقول لم تكتسبوا الخبرة ولن نكون مثلكم فأنتم تعودتم على الأدب الزائد وممارسة بعض الأوامر وتطبقون العديد من المفاهيم وتتشبثون بالكثير من العادات الباليه .. أكاد اسمع تلك العبارات منهم وان لم تكن كلمات مباشره ..
تعلمنا منذ الصغر بأن النصيحة يجب أن تؤدي لتطوير الشخص، أو تصارحه بأمر قد يكون غافلاً عنه، ولا تسبب له أي إحباط يجعله يقلل من شأنه، ويجعله يخفض تقييمه لقدراته. فما من إنسان كامل، فالجميع لديه بعض العيوب والميزات في تعامله مع الآخرين.

وبالنسبة لي هدفي دائماً من النصيحة هو الإصلاح، وليس إهانة الآخرين، فالبعض يقومون بتوجيه النصائح بهدف التقليل من شأن الآخرين، ليظهروا أنفسهم بصورة جيدة. لكنني دائما أضع نفسي في مكان من يُقدَمْ له النصيحة، وأقول في نفسي هل سترضى لو جاء إليك أحدهم ليخبرك أنه اكتشف فيك بعض العيوب بأسلوب فظ ومزعج. كيف ستتصرف إن جاءك أحدهم أمام مجموعة من الناس، ورمى بوجهك بعض الكلمات ككتلة من العيوب، بالتأكيد وحتماً لن أرضى أن يخاطبني أحدهم بهذه الطريقة.

وأحاول أن أتذكر دائماً مميزات الأشخاص الذين أقابلهم في حياتي، بدلاً من التركيز المُبالغ فيه على عيوبهم ، فلكل شخص مميزات، لذا أحاول أن أذكر أمامهم ميزة واحدة على الأقل، وسيشعرني ذلك بشعور أفضل إتجاههم، فأخفف من حالة الضيق التي ربما أصابتني منهم، بسبب إحدى تصرفاتهم السيئه في إحدى محطات حياتي …كنت وما زلت لغاية الآن أُجلس الأكبر مني سنا مكاني ، ولا أقاطعه اثناء حديثه ، ولا أرفع صوتي أمامه، وأنتقي عباراتي وكلماتي عند محاورته ..

لكن هذا الجيل غريب عجيب يصول ويجول جيل رافض لأي نصيحة ، جيل اصبح هو يوجه لك الإتهامات، ويضرب كل مفاهيم الأدب بعرض الحائط، ويعطي لنفسه صلاحيات لاحصر لها أتفاجأ منه وأندهش وتنتابني شهقه تخرج من حنجرتي بصوت قوي ومن ثم افقد صوتي وتخونني عباراتي فألتزم الصمت ، لكن تبقى عيوني جاحظه من هول المفاجأه .. فأنعزل بين زوايا نفسي أتساءل هل الأدب اصبح عيبا ، وهل احترام الغير أصبح خنوعا ، هل الإلتزام في بعض العادات صار عارا .. ماذا حل بهذا الجيل ، جيل فهم حب الذات بطريقة أنانيه ،جيل يريد التعبير عن ذاته بوقاحة .

أناقة اللسان هي ترجمة لأناقة الروح .. جيل يريد ان يضع أصبعه داخل عينيك ليقول لك إذهب أنت ومبادئك الباليه فلم يعد يهمني أحد ، اريد ان أحقق ذاتي بأي شكل من الأشكال ، وأن أعبر عن نفسي بالطريقة التي تعجبني ،نحن بحاجة للخلافات احيانا لمعرفة مفاهيم الآخرين لكن وجهة نظرهم ومنظومتهم هي التي تهمني، لايهمني رأيك ولا عمرك ولا خبرتك ولن يتغير رأيي او تصرفاتي لمجرد انني أراك بشعرك الابيض أو بملامح قد بدى من خلالها آثار السنين وخبرات عديده ..
الإحترام لايدل على الحب انما يدل على حسن التربيه التي إفتقدها هذا الجيل .

جيل لم أستطع ان أجد له أي مسمى فأنا مازلت مندهشا … ولكنني مازلت أفتخر بمبادئي وبقلبي الطيب الذي احمله ونيتي الصادقة وأهم مافي الموضوع اننا جيل تعلم كيف يتعايش مع كل الظروف وكل البشر واستوعب كل ذلك .. لكن للأسف جيل الآن جيل لم يستطع التعايش مع احد غير نفسه ففقد الإحساس بطعم الحياة وبقيمة القلوب الطيبة التي تحيط به .

شاهد أيضاً

====== مصر عظيمة ======

====== مصر عظيمة ====== مهما قلنا فيك كلام مش هنوفي ومهما كتبنا فيك ياغالية أوراق …