تهديدات طهران.. بين الخطاب السياسى والاستعداد العسكرى
كتب/ أيمن بحر
تشهد منطقة الشرق الأوسط توتراً غير مسبوق مع تصاعد التهديدات الإيرانية برد واسع فى حال تعرضها لهجوم عسكرى فى ظل تقارير استخباراتية تشير إلى استعدادات إسرائيلية لتنفيذ ضربات جوية تستهدف منشآت طهران النووية.
ووفقًا لما نقلته صحيفة واشنطن بوست فإن إسرائيل قد تستهدف منشآت فوردو ونطنز النووية خلال الأشهر المقبلة فى محاولة لتعطيل البرنامج النووى الإيرانى مما يثير مخاوف من اندلاع نزاع إقليمى واسع.مع تصاعد نبرة الخطاب صرّح رئيس أركان الجيش الإيرانى محمد باقرى بأن أى اعتداء على إيران سيشعل المنطقة بأكملها مؤكداً أن الرد الإيرانى سيكون أشد قسوة وأوسع نطاقاً من أي مواجهة سابقة.
فى المقابل وصف محمد جواد ظريف مساعد الرئيس الإيرانى للشؤون الاستراتيجية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو حول ضعف إيران العسكرى بأنها محاولة مضللة لتبرير هجوم محتمل مشدداً على أن بلاده ليست هدفاً يسهل استهدافه
يرى الباحث السياسى مصدق بور خلال حديثه أن إيران رغم تصعيدها الإعلامى لا تزال تتفادى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل مستندة إلى حسابات دقيقة تتعلق بالتوازنات الإقليمية والتحديات الداخلية.
ويضيف أن نتنياهو يحاول استدراج الولايات المتحدة إلى صراع مفتوح مع إيران فى حين أن طهران تدرك أن أى مغامرة عسكرية قد تكون لها تداعيات خطيرة على أمنها القومى.
كما يشير بور إلى أن التهديدات الإيرانية لا تستهدف إسرائيل فحسب بل تشمل مناطق حساسة حيث تخشى طهران عمليات تخريبية تستهدف منشآتها العسكرية والنووية.ويؤكد أن إيران تعتمد على استراتيجية الردع من خلال التلويح باستهداف القواعد الأميركية والإسرائيلية فى المنطقة كوسيلة لردع أى هجوم محتمل
لطالما وظّفت إيران القضية الفلسطينية فى خطابها السياسى إلا أن مصدق بور يرى أن الدعم الإيرانى للفصائل الفلسطينية لم يكن دائمًا مدفوعا بمصلحة المقاومة بقدر ما كان أداة لتعزيز نفوذها الإقليمى.
ويشير إلى أن العديد من الدول العربية تتهم إيران باستخدام شعار دعم فلسطين كغطاء لدعم ميليشيات مسلحة دون تحقيق مكاسب حقيقية على أرض الواقع.
ويضيف أن إيران ربما بالغت فى تقدير قوة الفصائل التى تدعمها حيث أظهرت الوقائع أن بعض الحركات التى تلقت دعماً إيرانياً لم تكن صادقة فى مواقفها تجاه إسرائيل.رغم التصعيد الخطابى يرى محللون أن إيران قد تلجأ إلى تهدئة التوتر عبر تعزيز علاقاتها الإقليمية. ويوضح مصدق بور أن إيران يمكنها تحقيق مكاسب استراتيجية عبر بناء شراكات اقتصادية قوية مع دول المنطقة بدلاً من التورط فى صراعات مفتوحة.
كما يشير إلى أن القيود المفروضة على إيران سواء عبر العقوبات الاقتصادية أو الضغوط الدبلوماسية تعكس رغبة القوى الغربية فى احتواء نفوذها ومنعها من تحقيق مكاسب جيوسياسية كبيرة.
ويرى أن السياسات الأميركية والإسرائيلية تجاه إيران تهدف إلى إبقائها فى دائرة الصراع الدائم بما يبرر استمرار التحركات العسكرية فى المنطقة.مع استمرار التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب تبقى المنطقة فى حالة تأهب وسط احتمالات تتراوح بين تصعيد عسكري محدود أو انزلاق نحو مواجهة شاملة.
وبينما تواصل إيران استعراض قوتها العسكرية يظل التساؤل قائمًا: هل ستظل هذه التهديدات في إطار الحرب النفسية أم أن المنطقة تقف فعلاً على أعتاب مواجهة حقيقية؟.