تفسير أية| الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
متابعة: عزيزةمبروك
يقول الحق فى الآية 41 من سورة الحج : ” الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ” معنى: ” مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأرض..” جعلنا لهم سلطاناً وقوة وغَلَبة فلا يَجترئ أحد عليهم أو يزحزحهم وعليهم أنْ يعلموا أن الله ما مكَّنهم ونصرهم لذاتهم وإنما ليقوموا بمهمة الإصلاح وينقوا الخلافة الإنسانية فى الأرض من كُلِّ ما يُضعِف صلاحها أو يفسده.
لذلك كان سيدنا سليمان عليه السلام يركب بساط الريح يحمله حيث أراد فداخله شيء من الزهو فمال به البساط وأوشك أنْ يُلقيه ثم سمع من البساط مَنْ يقول له: أُمِرْنا أن نطيعك ما أطعتَ الله. والممكَّن فى الأرض الذى أعطاه الله البأْس والقوة والسلطان يستطيع أنْ يفرض على مجتمعه ما يشاء حتى إنْ مُكِّن فى الأرض بباطل يستطيع أنْ يفرض باطله ويُخضِع الناس له ولو إلى حين.
فماذا يُناط بالمؤمن إنْ مُكِّن فى الأرض؟ يقول تعالى : ” الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأرض أَقَامُواْ الصلاة..” ليكونوا دائماً على ذكْر وولاء من ربهم الذى وهبهم هذا التمكين ذلك لأنهم يترددون عليه سبحانه خَمْس مرات فى اليوم والليلة.
“وَآتَوُاْ الزكاة وَأَمَرُواْ بالمعروف وَنَهَوْاْ عَنِ المنكر” فهذه أسس الصلاح فى المجتمع والميزان الذى يسعد به الجميع.
“وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور» يعني : النهاية إلينا وآخر المطاف عندنا فمَن التزم هذه التوجيهات وأدَّى دوره المنُوط فى مجتمعه فبها ونِعْمتْ ومَنْ ألقاها وراء ظهره فعاقبته معروفة.
ثم يُسلِّى الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم حتى لا يهتم بما يفعله قوم من كفر وعناد ومجابهة للدعوة:” وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ» (42) «وَإِن يُكَذِّبُوكَ..” “الحج: 42” يعني: فى دعوتك فيواجهونك ويقفون فى سبيل دعوتك ليبطلوها فاعلم أنك لست فى ذلك بِدْعاً من الرسل فقد كُذِّب كثير من الرسل قبلك وعليك أَلاَّ تلاحظ مسألة التكذيب منفصلةً عن عاقبته نعم : كذب القوم لكن كيف كانت العاقبة؟ اتركناهم أم أخذناهم أَخْذ عزيز مقتدر؟
فلا تحزن فسوف يحلُّ بهم ما حَلَّ بسابقيهم من المكذِّبين والمعاندين.
وقلنا: إن الرسول يتحمّل من مشقة الرسالة وعناء الدعوة على قَدْر رسالته فكلُّ رسل الله قبل محمد كان الرسول يُرْسَل إلى قومه خاصة وفى مدة محدودة وزمان محدود ومع ذلك تعبوا كثيراً فى سبيل دعوتهم فما بالك برسول بُعِثَ إلى الناس كافة فى كل زمان وفى كل مكان لا شَكَّ أنه سيتحمل من التعب والعناء أضعاف ما تحمِّله إخوانه من الرسل السابقين.
وكأن الحق تبارك وتعالى يُعد رسوله صلى الله علية وسلم ويُوطِّنه على تحمُّل المشاقِّ من بداية الطريق حتى لا تفتّ فى عَضُده حين يواجهها عند مباشرة أمر الدعوة. يقول له: ليست السيادة أمراً سهلاً إنما دونها متاعب وأهوال ومصاعب فاستعد كما تنبه ولدك : انتبه فالامتحانات ستأتى هذا العام صعبة فالوزارة تريد تقليل عدد المتقدمين للجامعة فاجتهد حتى تحصل على مجموع مرتفع وحين يسمع الولد هذا التنبيه يُجمع تماسكه ويجمع تركيزه فلا يهتز حين يواجه الامتحانات.