أخبار عاجلة

تغريدة الشعر العربي

تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
******************
إنخيدوانا الشعر العراقي المعاصر ٠٠ !!
الشاعرة العراقية المهندسة زينب جبار ٠

” يقولُ (حبيبتي) و يخوض عزفا
و ما أدركتُ بعد (الياء) حرفا

وكي نُمضي الحديثَ أهزُ رأسي
فأُسقط من جنونِ الشوقِ، صَفّا

كأني قد بُعثتُ بنصف عقلٍ
و جئتُ بحبهِ لأُضيعَ نصفا

فلو أُوتيتُ عُمراً فوق عمري
لعُشرٍ منهُ ما أتممتُ وصفا

حبيبٌ خالصٌ من كلِ عيبٍ
ومن فرط الكمالِ أقولُ أُفّا ٠
٠٠٠٠٠
من أرض الرافدين عراق العراقة نتوقف مع نخلة الشعر الحديث ” إنخيدوانا ” التي تعزف متواليتها على شط العرب تستلهم الرمز بالأسطورة بروح ثائرة تجمع شتات الأصالة نحو جماليات النص من خلال نظرات و تأملات تختصر متاهات الواقع بكافة معطياته إنها زينب جبار التي عشقت الكلمة الشاعرة و الرسم و الموسيقى منذ طفولتها فكانت القصيدة بمثابة متحف للثقافة و الفنون حافلة بكل خصائصها التي تحمل دلالات الخيال حول براح النفس هكذا ٠٠

* نبذة عن الشاعرة زينب جبار :
—————————
ولدت الشاعرة المهندسة زينب بمحافظة واسط بالعراق ٠
و بعد مراحل التعليم الأولية تخرجت في كلية الهندسة قسم مدني، ثم حصلت على درجة الماجستير في البيئة ٠
و هى تعشق الرسم و الموسيقى بجانب الشعر فنها الأول الهندسي بالكلمات و الصور و الإيقاع الخليلي في لغة رصينة ٠
و شاركت في مسابقة( أمير الشعراء ) بأبو ظبي ٠
و تحاول أن تتخطى التعبير عن يومياتها و الحالة الاجتماعية إلى عالم خيالي فضفاض يسمح لها بتوظيف مشاعرها في انطلاقة بلا حدود داخل الزمان و المكان ٠٠
كما توظف الاسطورة و الرمز في ربط الماضي بالواقع في ثنائية النص الذي يستوعب تجربتها التى تحلم بها في حضن الوطن هكذا ٠

* مختارات من شعرها :
===============
تقول الشاعرة العراقية زينب جبار في قصيدة بعنوان ( موردٌ لإحدى ظباء مكة) تستلهم من الماضي الغزل العفيف بصوره الرقيقة في صبغ الروح بقيم جمالية تشرق من جديد :
تعلو ثماري بعيداً عن مدى الكشْفِ ،
يا حِسَّ ضوءٍ تعدَّى فيَّ ما أُخفي

ولم أُعاتبْكَ بل قبَّلْتُ غفْلَتَها ،
حينَ العناقيدُ قد قلَّتْ الى النِّصْفِ !

والليلُ فاكهةُ الأَحلامِ ، أَنتَ بها
الأشهى ، فجئتُ أَردُّ القَطْفَ بالقَطْفِ

فافتحْ ليَ الأَحرفَ السُّمْرَ التي امتلكتْ
دفءَ البيوتِ الذي ما كانَ في حرْفِ

يا طِفليَ المُنْتقى للأيكِ ذاكرةً
خذْ أَخْذَ روحٍ ولا تكبُرْ على الكَفِّ

وخذ حكاياكَ من ولادةٍ وكفى
فالشهرزاداتُ ليستْ بنتَ مُستكفِي !

ودعْكَ من غَيرتي ! ماذا يشدُّكَ في
طُولِ الليالي وقد زادتْ على الأَلفِ ؟

إني كتابُكَ فاقرأني كما نَهَرٌ
ألقى بكلِّ همومِ الماءِ للجُرْفِ

ولا تَلُمْني إذا ما نمتُ واقفةً
بينَ الغلافينِ
– هذا ليس من ضَعفي –

لكنْ لأنَّ كتابَ الحُبِّ يقلقُهُ
أمرُ الغبارِ الذي ينمو على الرَّفِّ !

إِيهٍ حبيبي ،
تقبَّل قَيدَ عاشقةٍ
تنهاكَ
حتى عن التبذيرِ في اللطْفِ

لمَّا خشيتُ عليهِ كَسْرَ آخرِهِ ،
أَردتُ قلبَكَ ممنوعاً من الصَّرْفِ !

أَمَّا اللواتي إِليكَ اجتزْنَ ليْ زمناً
فإنَّهنَّ بحكمِ الثابتِ المنفي

كصخرةٍ في أقاصي البحرِ ، أَكرمَها
بالذِّكْرِ ما نالَهُ حوتٌ من العطْفِ ٠

***
و في قصيدة أخرى تحاكي أول شاعرة تقول الشعر في تاريخ العالم ” إنخدونيا ” و هى ابنة الملك سرجون الأكدي بعنوان ( إنخدونيا ) حيث توظف الأسطورة و الرمز لربط القديم بالحديث في موازنة تبعث صوت الحياة من خلال ابنة أور ، فتقول زينب جبار فيها :
سبقتْ طلوعَ زمانِها أزمانا ،
قمراً يزيح عن النهى أوثانا

وفدَتْ الى الدنيا بأول دعوةٍ
لقلوبنا أنْ يبتكرْنَ لسانا !

ألقت بوجهِ الآسرينَ ، قيودَها
وأنا الوريثةُ ، ألقتِ البرهانا

نهَرٌ من التأريخِ يدفقُ بيننا
روضتهُ في معصمي شريانا

منذُ اشْتركنا بالحياة قصيدةً
سبقتْ بنا الأقراطَ والفستانا !

هذا اتفاقُ الناثراتِ همومَهنَّ
على السنينَ جزالةً وبيانا

يرنو له من شاء خطواً راسخاً
لينال في تالي الزمانِ مكانا

من روحه أسقى العراق طموحَها
فاخضوضرتْ بدفاتري بستانا

من خمرة الشعر التي من لم..
يذقها مات من فرط الأسى ظمآنا

أنا بنتُ أورٍ، علَّمَتْني أرضُها ال
سمراءُ كيفَ أُصادقُ الألوانا

والدهرُ آمنَ أَنَّ معنى روحهِ
في ما لديَّ وما لدى ( انخِدوانا )

هو هكذا قلقُ النساء نبوءةٌ ،
موجٌ يعمر مَدُّهُ إيمانا

ثمَّ التقينا باختصارِ شعارنا
بمقولةٍ صدحتْ بها كلْتانا :

رغم الذي تعني ولادةُ شاعرٍ
فأهمُّ منها كونُه إنسانا !

***
و نختم للشاعرة زينب جبار بهذه القصيدة تحت عنوان ( أمانةٌ في جيوبِ الريح ) تجنح فيها إلى عالمها الخيالي الطائر المحلق يتنقل بحريته ليبعث لنا موال الجمال من خلف جدار المستحيل حيث تقول فيها :

لا يُربكنَّكَ
فيَّ الشوقُ والأرقُ
هُمْ مَزَّقوكَ و لكن
كُلُّهم ورقُ

هُمْ باغتوكَ
على الميعادِ ليلَ دُجىً
وحَصَّنوا الجُرحَ بالأوجاعِ
وافترقوا

أمانةُ الريحِ
لم تحفظْ عباءتَهم
بل ألبستْها لِمَن في هولِها سُحِقوا

و حدَّثوكَ للومِ الغَيرِ في نَسَقٍ
فكادَ يؤمنُ، من لاموهُ قَدْ صَدَقوا

و لِي و أنتَ و هذا الجُرْحُ ثالثنا
فَمٌ يفيضُ فتخفي موجَهُ الحَدَقُ

لا يحزننك
فالذكرى رصيفُ غدٍ
والماثلونَ
على أكنافها طُرقُ

كمْ قَدْ سَلَكْتَ ظُنُوناً
لستَ تَعْرِفُها
ولَسْتَ تَعْرِفُ ما تعني
ولا تَثِقُ

لكنَ تَوقَك للإبحارِ بَرَّرَها
و كم رعى التوقَ نهجٌ طائشٌ نَزِقُ !

هذِي خَطاياكْ،
عَلِّقها على أملٍ
لعلَّ غفرانَ ما تخشاهُ يتفقُ

لا يُحزننكَ
صوتُ النَعْيِّ في لُغَتي
هذي المَواويلُ
أهْلِي في دَمِي عَلِقوا

الى الأنام كم امتدَّتْ موائِدُهمْ
و كمْ تَعطَّرَ مِن أنفاسهم عَبَقُ

و كم سيولدُ في أعتابِ غربتهم
نَسْلٌ بهِ أهلُ تلكَ الأرضِ ما لَحِقوا

لا يُحزِنَنَّك
فالدنيا محاولةٌ
أو قَشَّةٌ ، هي أقصى حُلْمِ مَنْ غَرِقوا

سيعبرُ الوقتُ و التيار يألفُهم
و لنْ يُحسِوا بِطعمِ الموجِ ينبثقُ

سيرقصون كثيراً في محطتهم ،
هذي الأخيرةُ تَكْفي كلَّ من خُلقوا

لا يُربكنك
حزنُ الطِفلِ حينَ يرى
مَلامِحَ الغيمِ
كالأنهارِ تنزلقُ

كلُّ البداياتِ
كانتْ بذرةً سَقَطت
وجَرَّها النهرُ
والأنسامُ والعَلَقُ

وشَكَّلَ الناسُ
بَعضاً من نِبوءَتِها
و عَلَموها
صِراطَ الضيمِ تعتنقُ ٠

وبعد هذا العرض الموجز لشاعرة العراق ( زينب جبار ) التي نسجت قصيدتها من عبق التاريخ و التراث و الحضارة بين جماليات البيئة و وروعة الأبجدية في تواصل مفعم بكل المعاني و الصور في دفقة شعورية انسيابية تنم عن عمق الرؤية و الثقافة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله ٠

شاهد أيضاً

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد

رواية رائحة العندليب حوار أدبي || مع الروائي السعودي عبدالعزيز آل زايد حوار: د.هناء الصاحب …