تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
((( غزل الغربة ٠٠!! )))
الشاعر د٠ طاهر عبد الحي شبانة – ١٩٦٣ م
بـاغِتُنـي العـــيـونُ ولا تُبـــالي
بمـــا ألْـفَتْـهُ في نفســـي وبالــي
كأنـي كلمـــا أشـــفقـتُ مـنـهـــا
تُبالـغُ في حصـاري واعــتقـالــي
بِكَـمْ لَحْــظٍ رشقْــتِ بـه فــؤادي
أردتِ بـه انقيـــادي واعتـــلالـي
وكَـمْ مِــنْ عــاشــــقٍ لا تتقيـــه عــيونُـــكِ يا جـمـــيلةُ بالجمـــالِ
و يـا ويلـي إذا مـا مــت شوقًــا وطـرفُـكِ قـد تـورطَ في اغتيـالي ٠
——–
في هذه التغريدة نطوف معا حول شخصية مركبة الجوانب بين الإنسانية و العلم و الشعر ، و من هذا المنطلق ننطلق داخل إطار تلك الزويا حيث كان العطاء ٠٠
الدكتور طاهر عبد الحي رفيق رحلة الصبا منذ نعومة أظفاره و كنا بالنسبة له الجيل السابق لكننا ملاصقين في قرب بحكم الروابط الاجتماعية و تجمعنا لُعبة كرة القدم فكان عاشقا لها و بعض الألعاب الشعبية البدائية التي يؤمها الجميع ، و لا سيما في مراحله الأولى ، و لا يفوتنا هنا ذكر التجمعات و الحلقات ليلاً حول بيوتنا حيث أحاديث الاسمار المفيدة و التي أثرت في توجهتنا بل و شخصيتنا في نقل التجارب عن كثب هكذا ٠٠
و تدور الأيام و معها الليالي الجميلة التي كانت تجمعنا بمثابة ( صالون ثقافي ) وسط التأملات و التطلعات و الأحلام بين أحضان القرية و تصوب أُعيننا صوب الأفق الرحب حيث الأيام القادمة تتوجه شطر محراب الجامعة و المدينة معا ٠
و نعود إلى شخصية الدكتور طاهر فكان طاهر اليد عف اللسان طيب القلب محبوب من الجميع هاديء الطبع ، و لِم َ لا فقد نشأ في بيت له طقوسه الدينية و الاجتماعية حيث الالتزام و الانضباط فوالده عالم دين من الطراز الأول له بصماته على القرية الكل يحترم هذا البيت لمقداره و مدى تأثيره في حياتنا ، علاوة على إنهم أهل علم و فضل و حلم ٠ وحرصون على مداومة العلم و تحضير رسائل الدكتوراة المختلفة و المستمرة ٠
فالدكتور – طاهر – على الجانب الإنساني كان يعشق رسالة العلم ومهنة التدريس و هو طالب و بعد التخرج يذهب إلى المدارس بدون مقابل تشجيعا للعملية التعليمية في حب وود ٠٠
ثم بدأت مواصلة رحلة البحث العلمي و العمل الأكاديمي تسيطر على الأمور ٠
و قد ظهرت عليه علامات قرض الشعر مبكرا ً و تجسدت مع ( شعراء دار العلوم ) و شارك في أمسيات مختلفة في اللقاءات و الإذاعات ٠٠
و أثناء مناقشته لرسالة الدكتوراه – و كنا حضور معه – قد افتتحها بقصيدة شعر عصماء ، برغم إنه سيلقى سهاماً تناوشه من لجنة المناقشة و في حضور عقر دار العمالقة ، فأبلى بلاءً حسناً حيث كان تخصصه في النحو و الصرف ٠
و كنت ألاحظ شعراء العلماء و الفقهاء تتغلب عليه نزعة النظم و اللغة الرصينة ، أما الجانب الشعوري و العاطفي و الوجداني متجمد إلا قليل ٠٠
و الدكتور طاهر قد هذَّب القصيد و جعل لها سمتها و روحها التفاعلية مع النفس و الواقع و البيئة في معادلة تضم الخصائص الفنية لعملية الإبداع من كافة مقوماتها المتعارف عليها عند أهل النقد أصالة و معاصرة ٠
و شعره حوى الاخوانيات و المناسبات و الاجتماعيات ، كما ظهرت فيه رومانسية الغزل و أوجاع الغربة و الحنين إلى الوطن بجانب تسليط الضوء على المواقف و الأوضاع التي تسيطر على الأنا و الذات و الأخر ٠٠
فهو لغوي متمكن في النحو و الصرف و العروض ٠٠
و قارىء نهم ناقد و مناقش يُشار له بالبنان في الرسائل و المحاضرات ٠
و أخيراً بالنسبة لندرة تواجده بيننا إلا في المناسبات القليلة و خاصة الأعياد ، لكننا جميعا نلتمس له العذر فهو ليس انطوائيا و لكن ظروف العمل و الإقامة و السفر إلى الخارج جعلت أسبابا وجيهة في الدفاع عنه ٠
و كنا و مازلنا نغتنم الفرصة كلما سنحت نلتقي سويا نتجاذب فيها شذرات من أحوالنا الاجتماعية و الثقافية و الهموم و الأحلام اليومية ٠
و نحيلك عزيزي القارىء الكريم ٠٠
للتعرف على شخصيته من خلال إنتاجه العلمي و الأدبي ٠٠
و نماذج من شعره ، فقد كتبت عنه منذ سنوات طوال في جريدة ” كفر الشيخ ” شاعرا ً ، حيث كان لي فيها مقال ثابت تحت عنوان ( من أعلام الشعر في كفر الشيخ ) و قدمت العشرات في دراسة بمثابة مدخل إلى عالم كل شاعر حسب الفصحى و العامية و مدرسته الكلاسيكية العمودية أو الرومانسية أو الحر المرسل التفعيلة الواقع قبل قصيدة النثر ٠
و ستظل كفر الشيخ كفر المبدعين و كفر الشعر ، و بها العشرات من أساطين الشعر في الوطن العربي بلا مزايدة ٠
* نشأته و سيرته الذاتية :
—————————
وُلد الشاعر و الباحث و الأكاديمي الدكتور طاهر عبد الحي محمد شبانة في عام ١٩٦٣م ٠
بقرية أبو سكين مركز الحامول محافظة كفر الشيخ جمهورية مصر العربية ٠
تخرج في كلية دار العلوم – جامعة القاهرة
التخصص العام: اللغة العربية والعلوم السالمية
التخصص الدقيق: النحو والصرف والعروض
الدرجة العلمية: أستاذ دكتور (متفرغ ) ٠
صدر له ديوانان من الشعر ٠
– غزل الغربة ٠
* مع سيرته الذاتية من الموقع :
—————————–
جهة عمله في مصر: كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
عدد البحوث والمؤتمرات والدورات التأهلية:
1- له 12بحثا في مجال التخصص بخالف رسالتي الماجستير والدكتوراه.
2- له 11كتابا في مجال التخصص بعضها.
3- أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.
4- ناقش عشرات الرسائل العلمية في الجامعات المصرية القاهرة والأزهر والمنصورة وطنطا
وكفر الشيخ وجامعة الدمام محمد بن سعود السالمية بالرياض.
5- شارك في جملة من المؤتمرات العلمية بعضها دولي.
6- حاضر في عدد من الندوات ذات الصلة باللغة واألدب والمجتمع.
7- اجتاز 12 دورة تأهيلية قبل حصوله على درجة أستاذ.
8- رأس بعض المجالس العلمية على مستوى الكلية، وشارك في العديد منها على مستوى
الجامعة.
9- تم تعيينه ( في العام 1444هـ ) عضوا علميا في مجلة العلوم العربية بجامعة اإلمام محمد بن
سعود السالمية.
التدرج الوظيفي:
1- عين قائما بأعمال رئاسة قسم اللغة العربية بكليته في 2011/9/28م
2- عين رئيسا لقسم اللغة العربية بكليته في 2013/7/30م
3- عين وكيال لشئون الطالب والتعليم 2013/10/3م
4- تولى مهام عمادة الكلية، ووكالة الدراسات العليا لمدة عام دراسي حيث كانت الوظيفتان
شاغرتين خالل تلك المدة.
= المؤلفات العلمية:
أوال البحوث:
1- اعتراضات ابن هشام على ألفية ابن مالك (عرض ودراسة )
2- بحث في تنوين القوافي.
3- بحث في الجمع والتداخل بين اللغات.
4- المجرد والمزيد من األفعال واألسماء في سورة مريم ( دراسة صرفية تحليلية)
5- غير وما بمعناها في العربية صفة واستثناء (دراسة نحوية )٠
6- ظاهرة التقارض ( أبعاد صرفية ومالمح داللية ) ٠
7- الازدواج في العربية ( دراسة صرفية )
8- أنماط التحويل على مستوى الجملة في قراءة عاصم برواية شعبة (مدخل وتطبيق) ٠
9- الحس التداولي في النحو العربي.
10- من قضايا النحو والمعنى في تركيب النص القرآني (دراسة تطبيقية ) ٠
11- التماسك النصي في قصيدة جاهلية للمثقب العبدي ( دراسة في علم نحو النص)٠
ثانيا التحقيق:
1- شرح المفصل البن يعيش – من أول الكتاب إلى نهاية باب الحال.
2- شرح العالمة األمير على نظم العالمة السجاعي في السيما ٠
3- رسالة في المصدر الميمي، واسمي الزمان والمكان للعالمة الصبان.
ثالثا الكتب:
1- كتاب التسهيل لعلوم التنزيل (دراسة نحوية صرفية ) ٠
2- القواعد النحوية
3- الأحكام الصرفية
4- بحوث في النحو والصرف واللغة (ثالثة أجزاء ) وهي جملة من البحوث السابقة.
5- في العروض والقافية والضرورة الشعرية.
6- النبع الصافي في العروض والقوافي ، والضرورة الشعرية، وما خرج على أوزان الخليل ٠
7- ارتشاف الضرب من أصول اللغة ومعجمات العرب.
8- مقالات في الفكر النحوي ، محاضرات لمرحلة الدكتوراه بجامعة الدمام محمد بن سعود السالمية ٠
9- زبدة التعريف بمصادر النحو والتصريف.
10- جنى السالك من أوضح المسالك – الجزء الأول ٠
11- قراءة وتدريبات.
12- في علم التالوة وقواعد التجويد ( برواية حفص عن عاصم )
13- في التربية الدينية.
14- نظرات في تفسير ابن جزي ٠
* مع مختارات من شعره :
—————————-
و شاعرنا عاشق لمسقط رأسه و وطنه و يحمل أفراحه و أحزانه بين جوانبه التي تسافر معه في صدى ترحاله فيجعل من محبوبته و عيون العشق و الحب رمزاً للجمال مع موال الحياة فيقول في هذه المقطوعة الرائعة مجسدا في غزليته في اللحظ و القرب حياة و عند الصدود اغتيال لهذا القلب الشفوف الذي أضناه سُهد الدُّجى في كبد و تعنت من خلال صور بلاغية متدفقة إلى مرافئ الحلم و الوصال و عدم التجاهل في رفق حتى بالتدريج برىء من أصل الصبابة أبدا في واقعية :
ُبـاغِتُنـي العـــيـونُ ولا تُبـــالي
بمـــا ألْـفَتْـهُ في نفســـي وبالــي
كأنـي كلمـــا أشـــفقـتُ مـنـهـــا
تُبالـغُ في حصـاري واعــتقـالــي
بِكَـمْ لَحْــظٍ رشقْــتِ بـه فــؤادي
أردتِ بـه انقيـــادي واعتـــلالـي
وكَـمْ مِــنْ عــاشــــقٍ لا تتقيـــه عــيونُـــكِ يا جـمـــيلةُ بالجمـــالِ
و يـا ويلـي إذا مـا مــت شوقًــا وطـرفُـكِ قـد تـورطَ في اغتيـالي
لا تسـألي عـني فـلـســتُ بـذي كَبِـــدْ كَـلَّا ولا قـلــبٍ يَـــدُقُّ وَيَـتَّـئِـــدْ
أنا ما براني السُّهْدُ فى حُضْن الدُّجَى ما شَفَّنِي شـوقٌ ولا صبرٌ نَفِــدْ
ما هزَّنِي سِــــرُّ الجمـالِ وَسِحْــــــرُهُ مـا بـتُّ أَحْلُـمُ ليــلةً أو أعتـقــدْ
خَرِسَــتْ مواويـلُ الوِصـالِ بخـافـقي وَتَغَيَّبَ المعنَى العجيبُ ولم يَعُـدْ
فَكَتَمْـتُ أنفــاسَ الهَــوَى بجــوانحِي وَبَـرئْتُ مـن أهـلِ الصبابَةِ للأبدْ ٠
***
و بعد هذه القراءة المتواضعة في عالم الدكتور طاهر عبد الحي شبانة حول ثلاثية ( الإنسان و الشاعر و الأكاديمي ) نكون نوهنا هنا في عُجاله عن تنوع الأداء و الإنتاج الذي هو عنوان صاحبه في تلك الحياة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله ٠