تغريدة الشعر العربي

تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر
******************
صاحبة عصابة الجواهر
أميرة القصر الشاعرة عُليَّة بنت المَهْدي ١٦٠ / ٢١٠ هجرية ٠

أول امرأه تتخذ لآلئ على جبينها عصابة من جواهر ٠٠

” احتفظت بإسم حبيبي وبقيت أردده لنفسي.

يا شوقي لمكان خلا لأبقى بإسم حبيبي أنادي .
٠٠٠
لم ينسينك سرور, لا, ولا حزن … وكيف لا؟ كيف ينسى وجهك الحسن؟

ولا خلا منك لا قلبي ولا جسدي … كلي بكلك مشغول ومرتهن

وحيدة الحسن ما لي عنك مذ كلفت … نفسي بحبك إلا الهم والحزن ” ٠
———
عرف الأدب العربي عصورا منذ العصر الجاهلي مرورا بصدر الإسلام ثم الأموي و العصر العباسي الذي نحن بصدده الآن ثم عصر الإمارات و الممالك فالعصر الحديث ٠
وكل عصر بالتأكيد له خصائصه و سيماته التي تميزه عن غيره ٠
و ازدهر العهد العباسي في شتى المجالات التي جعلت المشرق العربي قلب العالم الذي خرج منه العلم و الثقافة هكذا ٠٠
و نبرز هنا شاعرتنا العربية علية أخت الخليفة العباسي هارون الرشيد.
و التي تُعرف بـ العبَّاسة.

وكانت بارعة الجمال ذكية مثقفة نشأت نشأة العفو و الدلال في القصر العباسي ٠٠
و تحفظ القرآن الكريم ٠
و لها ديوان شعر ، و تعزف الموسيقى و تجيد فن الغناء ٠٠
و كتبت أشعار من أبيات قصيرة صممت للغناء.

وشعرها عن الحب و العشق و الحنين والوجد والمدح و ومضات في التجليات و المساجلات ٠٠

* نبذة عنها :
========
عُلية بنت المهدي بن المنصور، من بني العباس.
و أخت الخليفة هارون الرشيد ٠
حياتها بين ( 160 – 210 ه‍ / 777 – 825 م) فقد ولدت ببغداد و توفيت فيها ٠

و كانت أديبة و شاعرة و بعد رحلة عطاء توفيت سنة 210 هـ ببغداد وصلى عليها المأمون.

كانت من ربات الفضل والأدب والجمال، قيل إنها « كانت من أجمل النساء وأطرفهن، وأكملهن فضلا ً وعقلا ً وصيانة » ٠
وهي أديبة، شاعرة، ومما يتقاطع مع ما عرفت به من دين وتقوى، ما ذكره رواة الأخبار غير الموثوقة، التي تقرر أنها كانت تحسن صناعة الغناء، ( أي العزف والتلحين ) وأن أخاها إبراهيم ابن المهدي، كان يأخذ الغناء عنها. وكان مولدها ووفاتها ببغداد..

* قال الصولي:
لا أعرف لخلفاء بني العباس بنتاً مثلها، كانت أكثر أيام طهرها مشغولة بالصلاة ودرس القرآن ولزوم المحراب.
وكانت ذات عقل راجح، وبصيرة متقدة، جعلت أخاها الرشيد يستشيرها في كثير من القضايا وأمهات الأمور، وكثيراً ما كان يأخذ برأيها..
كان يبالغ في إكرامها، ويجلسها معه على سريره، وهي تأبى ذلك وتوفيه حقه..
اتخذت عصابة مكللة بالجوهر، لتستر جبينها، وهي أول من اتخذها.

وكانت متفوقة في عدة أوجه فهي:
ملحنة وموسيقارة ومغنية وشاعرة وأميرة وعاشقة وزوجة، كان صوتها رخيما، وشعرها عذبا، وقد إتفق كاتبو سيرتها على أنها موسيقارة رائدة وملحنة بديعة ومغنية متمكنة، وقد ربطها العشق بخادمين في القصر، أحدهما يدعى (طل) والآخر يدعى (رشأ) ٠
وقد تزوجت بالأمير موسى بن عيسى العباس ٠

ومن ثم حجب الخليفة (هارون الرشيد) عنها خادمها (طل) ومنعه من الخروج، فكان ذلك إيذانا بدخول الأسى إلى قلب الأميرة الرقيقة وعانت، وقاست الفراق المر الذي ضرب عليها بأمر من لا يعصى له أمر، فاحتالت على أشواقها بالشعر وقلبها ينوء بحرمان ثقيل، فقالت وهي تشكو أمرها لله:
رب إني غرضت بهجرها
فإليك أشكو ذلك يارباه..
مولاة سوء تستهين بعبدها
نعم الغلام وبئس المولاه..
طل ولكني حرمت نعيمه
ووصاله إن لم يغثني الله..
يارب إن كانت حياتي هكذا
ضرا علي ما أريد حياه..

قالت وهي تناجى طيف (طل) الذي حجب وأبعد، فتحكي له عن أشواقها وتكنيه بسروة البستان:
أيا سروة البستان طال تشوقي
فهل لي إلى ظل لديك سبيل؟
متى يلتقي من ليس يرجى خروجه
وليس لمن تهوى إليه دخول..
عسى الله أن نرتاح من كربة
فيلقى اغتباطا خلة وخليل..
غير أن دور الواشين لا ينتهي أبدا، فقد علم (هارون الرشيد) أن أخته لا تزال تذكر (طل) فجاء إليها آمرا:
لا أريد بعد اليوم أن يجري إسم (طل) على لسانك أبدا.
وأقسم لو أن هذا حدث فلن يحدث لك خير. فقالت وهي تخفي ألما:
سمعا وطاعة ياأمير المؤمنين.
وعادت علية لما اعتادت عليه صلاتها واللوذ بمحرابها وقراءة القرآن الكريم، فقد كانت علية كما ذكر المؤرخون حسنة التدين ولا تلجأ للهو إلا في أيام حيضها!!.
قادت أرجل الحنو (هارون الرشيد) إلى غرفة أخته (علية) وكان يحبها حبا كبيرا، ولكنه أبطأ في الدخول إليها عندما سمعها تتلو القرآن وأخذ يسمعه،
فعندما بلغت قوله عز وجل:
فإن لم يصبها وابل فطل. أرادت أن تقول (طل) فقالت الذي نهى عنه أمير المؤمنين! فضحك (الرشيد) وأقبل عليها يقبل رأسها ويقول لها: وهبت لك طلا ولا أمنعك بعد هذا من شئ تريدينه.
فانتفض قلبها ولم تستطع أن تشكره غير أن خطين أسودين جريا على خديها أنابا عن ذلك ٠
* من شعرها :
—————-
أقولُ والرَّكبُ قد مالتْ عمائمهمْ

بَعْدَ الهُدُوءِ بِقَفْرٍ غَيْرِ مَأْنوسِ

والعِيسُ قد وَخَدَتْ عَرْضَ الفلاة بِهِمْ

وماتَرى لَهُمْ همّاً بِتَعْريسِ

إذا أقولُ أتاني اليَوْمَ نَعْرُهُ

زجرَ الحداة ِ وحثّ الرّكبِ للعيسِ

سقياً لأرضٍ إذا ما نمتُ نبّهني

قَبْلَ الصّباحِ بها نَقْرُ النواقيسِ

صوت التّداريج لا المُكّاءُ تَسْمَعُهُ

بينَ البساتينِ فيها والفراديسِ

إذا أضاءت من البستانِ حاوية ً

بألف صَوْتٍ بديعٍ غَيْرِ مَلبوسِ

كأنَّما أرضها والياسمينُ بها

زبرجنُ والنَّسرينُ يغشى بالقراطيسِ

الوردُ والسوسنُ في كلّ شارقة ٍ

على الميادين أذنابُ الطواويسِ
خِلالَهُ الآسُ والخَيْريُّ عن كَثَبٍ

والنَّخْلُ من بَيْنِ خُذْروفٍ ومَغْروسِ

لتلك أشهى إليّ أن أموتَ بها

من السُّقامِ بأرضِ القفرِ والبوسِ ٠
***
و تقول في قصيدة أخرى :

أسعى فما أجزى وأظما فما

أُرْوَى من الباردِ والعَذْبِ

يحملني الحُبُّ على مركبٍ

من هجركمْ يا أملي صعبِ

***
أيا رَبِّ حتى متى أُصْرَعُ

وحَتَّام أبكي وأسترجِعُ

لقد قطعَ اليأسُ حَبْلَ الرَّجاءِ

فما في وصالكِ لي مطمعُ

بُليتَ بِقَلْبٍ ضعيفِ القُوَى

وعينٍ تضرُّ ولا تنفعُ

إذا ما ذكرتُ الهوى والمنى

تحدَّر من جَفْنِها أربعُ ٠

***

أطلتِ عاذلتي لومي وتفنيدي

وأَنْتِ جاهِلَة ٌ شَوقي وتَسْهيدي

قام الأمين فأغنى الناسَ كلَّهم

فما فَقيرٌ على حالٍ بموجودِ

لا تشربِ الرّاحَ بين المسمعات وزرْ

ظبياً غريراً نقيّ الخدّ والجيدِ

قد رنَّحتهُ شمولٌ فهو منجدلٌ

يَحْكي بِوَجْنَتِهِ ماءَ العناقيدِ ٠

هذه كانت رحلة مع العباسية الأميرة علية بنت المهدي صاحبة عصابة الجواهر و الشاعرة و العازفة التي لها صولات وجولات في الأدب داخل القصر العباسي تظل ذكراها دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله ٠

شاهد أيضاً

كف الضياء

كف الضياء …………. بخل الزمان ينهي الجفاء ويسعد الفؤاد نور الرجاء اراك تمزق ثوب النقاء …