بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد إنه ينبغي علينا أيها المربون وأولياء الأمور أن يعلم الطفل أن زكاة الصحة والقوة التي في أجسادنا أن نعين بها الضعفاء، وأن نعود المرضى ونقضي حوائجهم، وزكاة العلم أن نعلم الجاهلين، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ” أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ” يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟
وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلي من أناعتكف في هذا المسجد، ويعني المسجد النبوي شهرا، ومن كفّ غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يومتزول الأقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل، كما يفسد الخل العسل” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد فرض الإسلام تعليم الصبي الصلاة منذ السابعة من العمر حتى العاشرة، أما الصيام فهو أشق على النفس من الصلاة ولكنه أحيانا يكون لدى بعض الأطفال الكسالى.
الذين يعرضون عن الطعام بطبيعتهم، أيسر من الصلاة، بينما نجده مشكلة لدى الطفل الأكول، لذا فإنه من واجبنا أن نعلمهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع” ونعينهم على تنفيذه إتباعا للسنة، وتمهيدا لتيسير الصيام عليهم بالتدريج، ثم صيانة لهم من الأمراض في المستقبل، وبشكل عام، فإن تدريبهم على الصيام ينبغي أن يتم تدريجيا، ووفق الظروف الصحية للطفل، ففي شهر رمضان من كل عام، يرى الطفل والديه، و الكبار من الأقارب والجيران والمدرسين يصومون فيشعر بالغيرة والرغبة في تقليدهم، لذا يجب أن نعينه على ذلك وننتهز هذه الفرصة بأن نشجعه ونتركه يصوم لمدة ساعتين مثلا، ثم نزيد عدد الساعات حسب قدرة الطفل، وإذا رغب في الطعام تركناه حتى يشعر أن هذا أمر يخصه وأنه شيء بينه وبين ربه.
ولا ينبغي أبدا أن نخاف عليه من الضعف أو الهزال، فشهر رمضان كالعطر يتبخر سريعا، كما أن الطفل إذا إشتد به الجوع، فسيكون أمامه أحد أمرين، إما أن يأكل لأنه لم يعد يتحمل الجوع، وبذلك نطمئن عليه، وإما أن يحاول أن يتحمل الجوع ويجاهد نفسه وبذلك يتعود مجاهدة النفس والصبر على طاعة الله، فنطمئن عليه أكثر، ولا ينبغي أن ننسى مكافأته على إجتيازه فترة الصوم المحددة بنجاح ويكون ذلك بزيادة مصروفه مثلا، أو أن تقول له الأم مثلا ” أنا فخورة بك، فقد أصبحت الآن مثل الكبار تستطيع مجاهدة نفسك ومقاومة الشعور بالجوع والعطش” وإذا جاء شهر رمضان في أيام الدراسة فللطفل الذي لا يزال في مرحلة التدريب أن يختار أن يصوم في فترة وجوده بالمدرسة، ثم الإفطار بقية اليوم أو العكس حتى يستطيع أن يتم اليوم.
خاصة وأن بعض المدارس تقلل ساعتين من فترة الدوام في رمضان بينما تتوقف الدراسة في هذا الشهر في البعض الآخر، ولنتذكر أن مستقبل الطفل الحقيقي هو الآخرة، لذا ينبغي أن نعده لها خير إعداد وأن نخاف عليه من مخالفة أوامر الله تعالي أكثر مما نخاف عليه من الضعف أو التقصير
في الدراسة.