وبالرغم من كونها حالة اجتماعية تجتر معها الكثير من المآسي فقد ظلت وضعية الزوجات “المعلقات” قضية تحتاج إلى المزيد من تسليط الضوء، وهو ما حمل المخرجة المغربية مريم عدو للعمل على فيلم وثائقي يتناول واقع ثلاث نساء من مدينة بني ملال، وسط المغرب، وينقل صورا من معاناتهن بعد اختفاء أزواجهن دون سبق إنذار.
تقول المخرجة ” مريم عدو ” لم يكن الأمر هينا، فقد تطلب إنجاز الفيلم الوثائقي أزيد من 6 سنوات، بسبب الحساسية التي تحيط بالموضوع وخصوصيته، كما كان من الصعب في البداية كسب ثقة النسوة للظهور بوجه مكشوف والتحدث بعفوية عن تجربتهن، وعن أوجه المعاناة التي يتكبدوها”.
وتحكي عدو، كيف قادها هذا العمل للقاء أزيد من 60 سيدة، قاسمهم المشترك هو اختفاء الزوج عن البيت، وتشير إلى أن القصص تختلف من حالة لأخرى، “حيث ترفض العديد منهن اللجوء إلى طلب الطلاق حفاظا على صورتهن كسيدات متزوجة داخل المجتمع ووسط محيطهن، فيما تتشبث أخريات بأمل عودة الزوج إلى البيت مهما طال الغياب”.
ومع ذلك فإن فئة ثالثة من النساء المعلقات تضطرهن ظروفهن الشخصية إلى طلب الطلاق، على حد قول عدو، وذلك بالرغم من الصعوبات التي توجههن في إتباع مسطرة “التطليق للغيبة.
وتلفت المتحدثة، إلى أن الأسباب التي تدفع الزوجة لتطليق زوجها الغائب متعددة ومختلفة، من قبيل ضرورة الحصول على إذنه من أجل السفر أو في تدبير أمور خاصة بالأطفال، إلى جانب الزامية الحصول على توقيعه عند استخلاص وثائق رسمية.
وتشير المخرجة المغربية، إلى أن “غالبية النساء “المعلقات” ينحدرن من أوساط فقيرة، ويعانين أوضاع نفسية واجتماعية صعبة بعد اختفاء الزوج، ويجدن أنفسهن بين ليلة وضحاها معيلات لأسرهن.
المعاناة النفسية
يجمع الخبراء في علم النفس على أن المعاناة النفسية للمرأة المعلقة تزداد كلما طالت مدة غياب الزوج، خاصة مع استمرار وجود صور نمطية مرتبطة بالنساء.
تقول الأخصائية في علم النفس السريري وفي الوساطة الأسرية سعدية الشط، إن توصيف المرأة المتخلى عنها من قبل الزوج بـ”المعلقة” هو وصف قاسي جدا، ولا يمكنه أن يساهم سوى في مفاقمة وضعها النفسي، الذي يختلف من حالة إلى أخرى وقد يصل إلى حد الاكتئاب أو الإصابة بمرض الهستيريا.
وتعتبر الدكتورة الشط في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، أن التخلي عن الزوجة هو نوع من أنواع العنف الممارس ضد المرأة، حيث يصادر حقها في العيش بشكل طبيعي.
كما تشير الأخصائية النفسية، إلى أن هذه الوضعية قد تفقد الزوجة المعلقة ثقتها في نفسها، مما ينعكس سلبا على مجرى حياتها الاجتماعية حتى بعد حصولها على الطلاق، مثلما قد ينعكس على الأطفال ويتسبب لهم في اهتزاز عاطفي وقلق مستمر يدخلهم في عزلة عن محيطهم الخارجي.