أخبار عاجلة

تعدد الزوجات أزمة عائلية تهدد استقرار الأسرة

بقلم / محمد كمال الصعيدي 

 

في المجتمعات الحديثة، لم يعد تعدد الزوجات مجرد قرار شخصي داخل الأسرة، بل تحول إلى قضية اجتماعية تثير الجدل لما تخلفه من آثار نفسية واجتماعية خطيرة على الزوجة والأبناء واستقرار الأسرة. وفي زمن تتزايد فيه تحديات الحياة وضغوطها، يصبح هذا القرار سببا في توتر دائم داخل البيوت، ويقود أحيانا إلى تفكك الروابط العائلية وضياع المعنى الحقيقي للأسرة.

الزوجة… من شريكة إلى متهمة بالنقص

عندما يتخذ الرجل قرار الزواج الثاني، تشعر الزوجة الأولى غالبا بأنها فقدت مكانتها في قلبه، وأن سنوات الجهد والتضحيات لم تقدر. هذا الشعور بالخذلان يترك جروحا نفسية عميقة، ويفقدها الثقة بنفسها وبمن حولها. ومع الوقت، تتحول العلاقة من شراكة تقوم على المودة إلى منافسة مؤلمة.

تعيش كثير من النساء في صراع بين الحفاظ على الأسرة وبين الكرامة الشخصية، مما يؤدي إلى توتر دائم، وقلق، واكتئاب يؤثر على حياتها اليومية واستقرار البيت كله.

الأطفال… الضحايا الصامتون

الأطفال هم أكبر الخاسرين في تجربة التعدد. وجود أكثر من بيت يعني بيئة غير مستقرة، مليئة بالمقارنات والمشاعر المتضاربة.

قد يشعر بعض الأطفال بأنهم أقل حبا أو اهتماما من إخوتهم في البيت الآخر، فيتولد لديهم إحساس بالظلم والغيرة.

هذا الاضطراب العاطفي قد ينعكس لاحقا في سلوكيات عدوانية أو في ضعف الثقة بالنفس. وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يعيشون في أسر منقسمة يكونون أكثر عرضة لمشكلات التواصل والعلاقات في المستقبل.

الأسرة… انهيار هادئ يبدأ من العاطفة

يؤدي تعدد الزوجات غالبا إلى تفكك داخلي بطيء داخل الأسرة. فبين الغيرة والشك والمقارنة، تضيع المودة التي كانت تجمع أفراد البيت.

الزوج نفسه يجد صعوبة في تحقيق التوازن بين مسؤولياته، ويتحول تدريجيا إلى شخص مرهق نفسيا وماديا.

ومع غياب العاطفة وتزايد التوتر، تفقد الأسرة تماسكها ويبدأ الانهيار من الداخل دون أن يلاحظه أحد في البداية.

انعكاسات اجتماعية واقتصادية

اجتماعيا، يسهم التعدد في زيادة نسب الطلاق والمشاحنات الأسرية، ويخلق حالة من التوتر بين العائلات.

أما من الناحية الاقتصادية، فهو يضاعف الأعباء المالية على الرجل ويقلل جودة حياة جميع أفراد الأسرة، بما في ذلك مستوى التعليم والرعاية الصحية والنفسية للأطفال.

ومع مرور الوقت، تتأثر صورة الأسرة في المجتمع ويضعف دورها كركيزة أساسية في بناء جيل متوازن ومستقر.

خاتمة

قد يظن البعض أن تعدد الزوجات دليل على القوة أو النجاح، لكنه في الحقيقة امتحان للوعي والمسؤولية.

الرجولة لا تقاس بعدد النساء، بل بقدرة الرجل على الاحتواء والاحترام والحفاظ على بيت واحد مستقر.

في زمن أصبحت فيه العاطفة عملة نادرة، فإن أسمى ما يمكن أن يقدمه الإنسان لشريك حياته هو الأمان، لا المنافسة.

فالأسرة ليست مشروعا يمكن نسخه وتكراره، بل كيان واحد إذا تصدع، سقطت معه كل المعاني الجميلة للعلاقة الإنسانية

شاهد أيضاً

” ما بين المتعة والخطر: رحلة بحث عن الألعاب التي تُنمي عقول الأطفال وتحمي طفولتهم من سن 3 إلي 10 سنوات “

” ما بين المتعة والخطر: رحلة بحث عن الألعاب التي تُنمي عقول الأطفال وتحمي طفولتهم …