تطبيق الأتمتة
د.عبدالواحد الجاسم
1- تطبيق الأتمتة في صناعة السيارات:
كان لصناعة السيارات النصيب الأبرز في استخدام الأتمتة، حيث تم الاستغناء عن الإنسان والاستعانة بآلات ومعدات ذكية تتم قيادتها بواسطة أجهزة كمبيوتر متقدمة ومزودة بعدد من عناصر التحسس المختلفة للتأكد من صحة العمل المطلوب ودقته، على أن يتم برمجة حركة تلك «الروبوتات» لتتحرك تلقائيا وتقوم بوظيفتها بشكل دوري دون كلل أو ملل.
2- عملية الأتمتة في الصناعات الكيمياوية:
تتميز الصناعات الكيماوية دون غيرها من الصناعات بأنها تتطلب الحذر التام والتشدد من احتمالية الاصابة بأية مواد كاوية أو حارقة تصيب العاملين، كما أنها في كثير من الأحيان تتطلب العمل في درجات حرارة يصعب على العاملين التواجد فيها بشخوصه، ولذلك ظهرت الحاجة لأتمتة الصناعات الكيمياوية ودمج الآلات والمعدات التقنية الذكية لتقوم بالعمل بكل دقة في المعايرة والقياس، وتكون قادرة على العمل بمنتهى الحذر وفق شروط صارمة يتم برمجتها عليها دون وجود الإنسان ذاته داخل بيئة العمل.
والأتمتة الكيماوية غالبا ما يشرف على عملها حواسيب متخصصة مركزية تصدر الأوامر إلى حواسيب أخرى فرعية ثانوية لتنفيذ مهام ما أو تغيير مواصفات ما، وعند مواجهة أي حالة طارئة بإمكانها إصدار إشارات الإنذار لعناصر المراقبة والتنسيق.
3- عملية الأتمتة في الطيران والفضاء:
كان للأتمتة دور كبير في تطور المجال الفضائي عبر استعمال أجهزة رصد بدلا من الانسان لتحلق بالفضاء ويتم التحكم فيها بحواسيب خاصة، وأيضا تلك الأجهزة والتقنيات التي ساهمت في فرض السيطرة على مراكز الاتصال والمراقبة ومحطات إقلاع وهبوط الطائرات، وخير أمثلة على ذلك نجد الأقمار الصناعية وأنظمة الطيران عن بعد أي بدون طيار، وغير ذلك الكثير.
4- عملية الأتمتة في مجالات أخرى:
ونحن في القرن الحادي والعشرين أصبحت كل المجالات بلا استثناء مؤتمتة ويدخل فيها عامل تقني أو ميكانيكي يسهل عملها، وهو ما نجده في مصانع مواد البناء والغزل والنسيج والملابس وحركة القطارات وغيرها.
أثر الأتمتة
السيئة الكبرى التي تسببها عمليات إدخال الأتمتة بسرعة من الناحية الاجتماعية هي البطالة، إذ إن الأتمتة تحذف أعمالاً عدة وبالتالي يفقد عدد كبير من العمال أعمالهم السابقة. وإلى أن تحدث أعمال جديدة لليد العاملة التي فقدت أعمالها السابقة وإلى أن تطور هذه اليد العاملة مهارتها لتتوافق مع الأعمال الجديدة، يعاني العمال الذين فقدوا أعمالهم نتيجة إدخال الأتمتة معاناة كبيرة. ولذلك لا ينصح بإدخال الأتمتة إلا تدريجياً وببطء، وعندما يوجد نقص في اليد العاملة اللازمة.
ويعاني العالم الثالث، في بعض بلدانه وليس فيها كلها، فائضاً في اليد العاملة وشحاً في رأس المال اللازم للاستثمار في التجهيزات. وتختلف درجة هذه المعاناة بين بلد وآخر إذ تكون شديدة في بعض البلدان وقليلة في بعضها الآخر، ومع ذلك يظل النقاش دائراً حول عملية إدخال الأتمتة في بلدان العالم الثالث التي تشكو من وجود فائض في اليد العاملة عاطل عن العمل، فيرى بعضهم ضرورة إدخال الأتمتة لأن تكاليف الإنتاج في الصناعة المؤتمتة تكون أقل بكثير من تكاليف الإنتاج في الصناعة غير المؤتمتة، وبالتالي يمكن للبلد ذي الصناعة المؤتمتة أن ينتج سلعه بتكلفة مقبولة وأن يزاحم بإنتاجه في الأسواق العالمية عندما يتوافر لديه فائض كبير من اليد العاملة يزداد تعرضه للبطالة عند إدخال الأتمتة ويحتاج إلى مدة طويلة لتطوير مهاراته بحسب الأعمال الجديدة إضافة إلى أن توافر الأعمال الجديدة يحتاج إلى وقت طويل.
إن التعليم المستمر، والتعرّف إلى الثقافات المختلفة، وتطوير شبكة متنوعة من الأقران والمحافظة عليها، والاستجابة بشكل استباقي للملاحظات، سيسمح للفرد بصقل مهاراته الإنسانية الفريدة، التي لا يمكن لأي آلة أن تتطابق معها.
إن تطور الذكاء الاصطناعي المستمر، لا يعني إطلاقاً أن نستعد لمستقبل من البطالة، فالمفترض أن يجعلنا الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة، فمكان العمل لا يزال يقدّر كثيراً اللمسة الإنسانية. لدينا كلنا الفرصة لمواصلة صقل مهاراتنا البشرية الفريدة، التي لن تظهرها الآلات.
ويمكن التأكيد على أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي، ستغير طبيعة العديد من الوظائف ،وتخلق العديد من الفرص الجديدة.
لذلك، فإن الحاجة إلى المهارات البشرية الفريدة، ستظل مهمة لنمو الوظائف واستقرارها لسنوات قادمة.
انتهى