كتبت هبه هيكل
في عالمٍ اختلطت فيه الأصوات بالضجيج، والحقائق بالمظاهر، صرنا نرى الذكور كثيرًا… لكن الرجال نادرون. نُصادف أجسادًا تمشي بيننا، تحمل ملامح الذكورة، لكن الرجولة الحقيقية؟ إنها أعمق من الملامح، أبعد من المظهر، أرقى من الغريزة.
الرجولة ليست صوتًا غليظًا، ولا قبضة قوية، ولا سيجارة مشتعلة في زاوية الفم…
الرجولة موقف.
هي أن تقف حيث يفرّ الجميع، أن تفي حين ينكث الآخرون، أن تُؤثر على نفسك ولو كنت بحاجة، أن ترفع الآخرين دون أن تطلب التصفيق.
الرجولة هي أن تكون ملاذًا، لا مأوى فقط.
هي أن تشعر المرأة – أية امرأة في حياتك: أمك، أختك، زوجتك، ابنتك – أنك وطنها حين يضيع العالم.
قال رسول الله ﷺ:
“خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي”
فأي رجولة أعظم من أن تُقاس بالخُلق، واللطف، والرعاية، لا بالقوة أو السيطرة؟
أما الذكر، فهو من يحيا لأجل شهوته، يحسب رجولته بعدد النساء لا بكرامة امرأة، يملأ الدنيا صخبًا ولا يُشعر أحدًا بالأمان.
وفي الجهة المقابلة، لا يُقاس جوهر المرأة بأنوثة ناعمة فقط، بل بعمقٍ داخلي يسمو بها فوق الغرائز.
المرأة الحقيقية هي التي تعرف متى تكون ركنًا، ومتى تكون سندًا، ومتى تكون أنثى تُنير حياة رجلها، لا تُضيّعها.
هي التي قال فيها الشاعر نزار قباني:
“المرأة تُولدُ مرتين، يوم تخرجُ من رحم أمها، ويوم تجد رجلاً يفهمها”
المرأة ليست جسدًا يعبره الرجل، بل روحٌ تحتضنه، وكرامةٌ تُقيمه، وقلبٌ يُقوّمه.
الأنثى قد تُغريك، لكن المرأة تُلهمك.
والرجل قد يُدهشك، لكن الرجولة تؤمنك.
❝ الرجولة لا تُمنح… بل تُكتسب. والأنوثة لا تُباع… بل تُصان. ❞
ومن عاش حياته يظن أن الذكورة تكفي، أو أن الجمال يغني، فقد فاته جوهر الحياة: العُمق، والنية، والصدق، والمواقف.
فكن رجلًا لا ذكرًا، وكوني امرأة لا أنثى فقط…
فالذكر لا يُبنى عليه بيت، والأنثى لا تُقيم وطنًا.
لكن الرجل والمرأة… يصنعان الحياة.