بقلم الدكتورة / هبة المالكي مدرس بكلية بكلية الاسلامية والعربية
بيت الزوجية هو السكن الذي تلجأ إليه الفتاه ويلجأ إليه الشاب بغرض الاستقرار الأسري وتطبيقا للسكن والمودة والرحمة
المنصوص عليه في قوله تعالى : “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (الروم آية 21)
في بداية الأمر تعتقد بعض الفتيات أن الزواج أمر عادي ليس فيه أي تضحية وأن المسؤلية جميعها تقع على عاتق الرجل دون أدنى مجهود منها وذلك راجع إلى عدم توجيه الأهل وبسبب انعدام الوعي الذي صورته وسائل الإعلام الذي أوضح بدوره أن الحياة الزوجية ماهي إلا حب وترفيه دون أدنى مسؤليات مما يكون له أكبر الأثر في اعتقاد الفتاه بأن هذا الرجل ملك لها وأنها ستغير جميع خصاله وأفعاله وأنها ملكة البيت من أول يوم تضع قدمها في هذا البيت دون مراعاة لأم الزوج أو أهله مما يكون له دورا فعالا في بث روح العداء بين الزوجة وأهل الزوج.
لاأقول بأن الخطأ يقع فقط على كاهل الفتاة وحدها ، ولكن قد يكون أهل الزوج من البداية يضعون زوجة الابن موضع العداء والتحفز منها دون أن يظهر من الفتاة مايدل على ذلك.
ومما لاشك فيه أن النزاع المستمر بين الزوجة باعتبارها تريد أن تفرض سيطرتها وبين ام الزوج وأهله الذين يضعون أنفسهم موضع السطوة وفرض السيطرة حتى لايخرج إبنهم من تحت أيديهم فتبدأ النصائح والإرشادات التي قد تكون سببا في تصدع هذا الكيان الأسري بين الزوج وزوجته ، مما يوقع الشاب الذي فتح بيت بعد جهود وعناء ومشقة مادية ومعنوية يقع بين أمه وزوجته ويكون رد فعله في هذا :
إما ترك الأمور دون وضع حد لها وإما وقوفه بجانب أمه وضياع بيته وزوجته أو وقوفه مع زوجته ضد أمه وأهله وفي كل ماسبق من الذنوب والأثام وتخريب البيوت وتدميرها مالايخفى مما يعود بالأثر السلبي على الأبناء وخروج جيل ضعيف واهي لايقدر المسؤلية ولا يفهم معناها
ولحل هذا الأمر لابد من وضع عدة نقاط أساسية يجب التنويه لها والإشارة إليها أولى هذه المقدمات :
تربية النشئ على خوف الله عز وجل في السر والعلن ، وتعويدهم على تحمل المسؤلية وحب العطاء والفهم الجيد لمعنى فتح البيوت وبناءها بناء سليما مبني على الاحترام والتقدير والعطاء والتضحية.
وأن تربى الفتاة على تقدير الزوج واحترامه وأن المرأة سندها زوجها مهما ارتقت في المناصب العلمية وحصلت على أعلى الدرجات.
وأن يربى الشاب على عدم العصبية وتحمل المسؤلية والصبر على خُلق زوجته ، امتثالا لهدي النبي صلوات الله وتسليماته عليه ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : “لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر”
ومن الأمور التي يجب التنويه عليها القدرة على العطاء ومد يد العون والمساعدة والمساندة والتقدير لزوجته وأهلها ، مما يكون له أكبر الأثر في إشاعة روح المودة والتراحم بين أفراد المنزل الواحد وكفانا فخرا وعزا أن نلتزم بهديه صلوات الله وتسليماته عليه.
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يساعد زوجاته في أعباء المنزل، وقد سئلت عَائِشَة رضي الله عنها: «مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ فقَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ» عَنِ الأَسْوَد، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ – تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ – فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ».
وكذلك ضرب لنا صلوات الله وتسليماته عليه أروع المثل في إظهار حبه لزوجته عائشة رضي الله عنها وإظهار حبه لأبيها ، ويؤيده حديث أنس أنه قال يا رسولَ اللَّهِ أيُّ النَّاسِ أحبُّ إليكَ قالَ “عائشةُ قيلَ مِنَ الرِّجالِ قالَ أبوها” ، ومما هو معلوم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يضرب إحدى زوجاته قط
ومن حسن تعامل الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته مما يوحي بالتراحم والمودة أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق السيدة عائشة -رضي الله عنها-
حيث قالت رضوان الله عليها – أنه صلى الله عليه وسلم قال لي: «تعالى أسابقك، فسابقته، فسبقته على رجلي، وسابقني بعد أن حملت اللحم وبدنت فسبقني وجعل يضحك وقال هذه بتلك».
فهذا بعض خلق النبي صلى الله عليه وسلم الذي لابد وأن يتخذها الشباب أسوة حسنة وصدق الله العظيم “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة”
فعلى الفتيات والشباب ان يتقوا الله في دينهم ودنياهم وعلى الأهل من كلا الطرفين أن لايتدخلوا في شؤن أولادهم وبناتهم
فالحياة الزوجية ليست حربا بين الزوجين وليست صراعا لإثبات الأقوى وإنما هي حياة مبنية على المودة والرحمة والألفة وحسن المعاشرة حتى يكون ذلك سببا في وضع نواة طيبة تثمر ثمرة طيبة تخرج للمجتمع بهدف الإصلاح والتنمية لا الحقد والبغض والحسد والانتقام