بقلم: عصمت سنوسي ابوالروس.
هل تجرؤ فتاة عادية على اختلاق نسبها لرئيس دولة سابق؟
هل تفتح فمها باتهامات تطال فنانين وبلوجرز دون أن تهاب النيابة؟
وهل يُعقل أن تتحول مقاطع “بيع فسيخ ومدود” إلى طريق مختصر للثراء الفاحش؟
كل تلك الأسئلة فجّرتها فتاة تُدعى “مروة”، ظهرت على تيك توك لتروي ما يشبه «الرواية المسكوت عنها» في قلب المجتمع الرقمي، وسط صمت من الجهات الرسمية، وتجاهل إعلامي، وغياب للمحاسبة… حتى اللحظة.
👤 ادّعت أنها ابنة مبارك… فهل كانت تكذب؟
قبل أن نحاكم “مروة” بكلمة واحدة، فلننظر في منطقها.
قالت إنها ابنة الرئيس الأسبق حسني مبارك من الفنانة إيمان الطوخي. وأن سوزان مبارك – حسب وصفها – دفعت الأم للانسحاب من الأضواء، وقامت بإخفاء نسبها.
> هل هذا ممكن؟
من ناحية قانونية، لا توجد مستندات تُثبت أو تنفي.
ومن ناحية الواقع السياسي في عصر مبارك، فالنفوذ حينها كان كافيًا لـ “طمس هوية كاملة”، خاصة إن كانت العلاقة خارج إطار الزواج أو تهدد صورة “العائلة الرئاسية”.
كصحفية ، لا أملك أن أؤكد أو أنفي، لكنّ السؤال يبقى:
> لماذا تُلقي فتاة بهذا الحجم من الادعاء على نفسها، إن لم يكن معها شيء أقوى من الشهرة؟
الشهرة وحدها لا تدفع فتاة إلى أبواب النيابة، بل على العكس، قد تُدفع للسجن.
💰 من أين جاء هذا الثراء؟ سؤال بريء في زمن غير بريء
تحدثت مروة عن بلوجرز تحولوا من بسطاء يبيعون “الفسيخ” أو “المدود” إلى مالكي سيارات فارهة وفلل في أشهر المدن الجديدة.
قالت إنها لا تُصدق أن فيديوهات الطبخ أو العتاب العائلي يمكن أن تدر كل هذه الثروات.
وجهة نظري كصحفية؟
سألت نفسي: هل من المنطقي أن تسبق أرباح تيك توك أرباح الصحافة، التعليم، والمهن الشريفة؟
عندما سألت الإعلامية ريهام سعيد “أم مكة” عن مصدر دخلها، لم تستطع الأخيرة أن تقدّم إجابة منطقية، رغم أنه سؤال طبيعي:
> “ليه أنا صفحتي على الفيس ما بتكسبش زيكم؟”
ضحكت أم مكة وقالت: “أنا معايا 2000 دولار مش عارفة أسحبهم”.
أهذا هو الاقتصاد الرقمي الجديد؟!
🕳️ حفرة التيك توك السوداء: شبكة أم صدفة؟
وفق ما قالته مروة – ونقلاً عن محتوى منشور – اتُهمت بعض الأسماء المعروفة بالتورط في “استغلال إلكتروني”، “تحويلات مالية مشبوهة”، و”علاقات غير مفهومة مع كيانات خارجية”.
هل هذه مجرد تهيؤات؟
أم أن صمت الجهات المُشار إليها يُفسَّر كخوف من فتح ملفات أوسع؟
أنا لا أتهم، لكنّ سؤالي هو:
> أين البلاغات الرسمية التي تكذّبها؟
لماذا لم تتحرك النيابة سوى ببيان مختصر منسوب لفنانة واحدة، رغم أن مروة ذكرت عشرات الأسماء؟
هل الخوف من التصعيد أكبر من الرغبة في تبرئة النفس؟
🔍 مصر الرقمية… هل دخلنا اقتصادًا رماديًا؟
مروة – وإن خالطت كلامها الانفعالات – إلا أنها لم تفتح فقط ملف النسب، بل ملفًا أخطر:
المال غير المراقب، والمحتوى غير المنظم، والمنصات التي تحوّلت إلى بوابات للثراء الخفي.
بلوجر يظهر في بيت شعبي، ثم بعد شهور في ڤيلا
بلوجر كانت تبيع أكل منزلي، ثم تسافر دبي، تركيا، وتُظهر حفلات ومجوهرات.
والأغرب؟
أن صانعي المحتوى الهادف أو التوعوي لا يحققون 1% من هذه الأرباح.
> فهل نحن أمام “منصات إعلام بديلة”، أم “أسواق تبييض إلكترونية”؟
🧠 التحليل بين الانفعال والعقل
أنا كصحفية ، أعلم أن الصحافة لا تُبنى على اتهامات بلا دليل.
لكن في الوقت نفسه، الصحفي لا يتجاهل الظواهر التي تحدث أمامه باسم “الحياد”، لأن الحياد الأعمى يُولد التواطؤ.
ما قالته مروة قد لا يرقى لأن يكون تحقيقًا موثقًا، لكنه يفتح بابًا على أسئلة كثيرة لم يجب عليها أحد:
ما مصدر الأموال المتدفقة إلى بعض الحسابات؟
من يراقب محتوى البلوجرز الذي يمس القيم والأسرة والأطفال؟
لماذا لا تُفعل قوانين التجارة الإلكترونية والضرائب على هذه الحسابات؟
ما مصير مروة الآن؟ ولماذا لا يخرج من ينفي أو يؤكد روايتها رسميًا؟
⚖️ قانونيًا… لا اتهام، ولا إدانة، بل أسئلة
بحسب القانون المصري (180 لسنة 2018)، لا يُسمح بنشر اتهامات دون أدلة أو أحكام قضائية.
ولذلك، أنا لا أتهم أحدًا، ولا أُدين جهة أو شخصًا.
بل أطرح – كصحفية جديدة في هذا الميدان – أسئلة يتداولها الناس علنًا، ويبحثون عن إجاباتها في صمت.
🛑 كلمة أخيرة… من على الهامش
> ربما لا تملك مروة ورقة تثبت نسبها،
لكنها تملك شيئًا أهم:
الجرأة على كسر الصمت.
ومهما كانت دوافعها، فإن حديثها فضح هشاشة الرقابة، وفتح بابًا نحو “الحقيقة التي لا يمكن دفنها تحت محتوى تافه”.
قد تكون مروة على خطأ…
وقد نكتشف لاحقًا أنها ضحية أو مُضلِّلة.
لكن الذي لا شك فيه: أن ما يجري خلف شاشات السوشيال ميديا يحتاج إلى تحقيق أكبر من مجرد تريند.
📌 تنويه قانوني للنشر:
– هذا المقال لا يتضمن أي اتهام مباشر، ولا يحمل مسؤولية قانونية على أي جهة، وهو تحليلي صحفي لرواية منشورة عبر قنوات عامة.
– الأسماء المذكورة وردت ضمن تصريحات علنية لمصادر متاحة على الإنترنت، ويحتفظ كل طرف بحقه في الرد أو التوضيح.
– تمت مراعاة قوانين النشر المصرية والدولية، دون تجاوز لحرمة الحياة الخاصة أو القيم الدستورية.