الى أمي
الى جميع الامهات بعيدهن..
النّورُ في وجهِها
……..
ربيعي في فصولي وجهُ أمّي
أرى فيه الكواكبَ تستنيرُ
أرى فيه الجمالَ وصحوَ ذاتي
وأفراحي الّتي فيها أطيرُ
وينبوعاً سقى نفسي ارتياحاً
على عطشٍ فأورقَتِ الزهورُ
بعيد الأم فتح وردُ قلبي
وفي ارجائها فاح العبيرُ
أتوقُ لطيفِها في كلِّ حينٍ
كحاجٍ حولَ قبلتِه يدورُ
إذا ابْتَسمتْ لسانُ الدَّهرِ غنّى
وإنْ حزِنتْ فما ابْتَسَمتْ دهورُ
وعاطفةُ الأمومةِ كونُ حبٍ
فلا كرَماً تضاهيها البحورُ
على راحاتِها ارْتفَعتْ نجومٌ
وجالت في محياها البدورُ
وقدرتُها على الأيامِ عزمٌ
وأخلاقٌ وإخلاصٌ كبيرُ
ولاملكٌ تبوَّأ عرشَ أمّي
هِيَ الأولى وليسَ لها نظيرُ
فشيمتُها العطاءُ بلا حدودٍ
عواطفُها يؤجَّجُها الشُّعورُ
إذا مَسّتْ صخورَالأ رضِ لانتْ
وللأطفالِ أثْمرَتِ الصّخورُ
ولوْ نَزلتْ إلى الصحراءِ أمّي
لقامتْ في صحارى الأرضِ دورُ
وأمْطرَتِ السَّما شهداً ورِزقاً
وزهرَ الرَّوضِ وانفجَرَ الغديرُ
تمايَلتِ السَّنابلُ مُثقلاتٍ
وبالأغصانِ عشَّشتِ الطيورُ
صباحٌ مشرقٌ زاهٍ بدفءٍ
وأزهارٌ بها عَبقَتْ عطورُ
فواحاتٌ تعجُّ بكلِّ لونٍ
ثغاءاتٌ وقطعانٌ تخورُ
تُشيدُ مدارساً تبني شَباباً
وفي الصَّحراءِ ترتفعُ القصورُ
تعالوا كَيْ أُحدِّثَكُمْ بحبٍ
عنِ الماضي وما نقلَ الضَّميرُ
إذا رجلٌ وحيدٌ في مكانٍ
فلا إثنين في الدُّنيا يصيرُ
وأمٌّ ذاتَ يومٍ في انفرادٍ
غدت إثنين إذ شاءَ القديرُ
فلولا مريمٌ ماكانَ عيسى
وقرّ ببطنِها طفلٌ صغيرُ
وحرفانِ اسْمُها ألفٌ وميمٌ
فمِنْ ربِّ السَّما ألفٌ منيرُ
وميمٌ من رسولِ الله فيهِ
وجمعُهما معاً أمٌّ يصيرُ
إذا خفقَ الفؤادُ يقولُ أمّي
ففي رِئتي لها أبداًحضورُ
كبرتُ وأنتِ ياأمي جسوري
إلى العلياءِ ترفعُني الجسورُ
أنامُ وتسهرينَ على حياتي
وَحُضنُك جنَّتي والوجهُ نورُ
ذراعُكِ بالأمانِ يلفُّ جِسمي
فتغمرُني السَّعادةُ والسُّرورُ
تناهى في هواكِ شِغافُ قلبي
يمدُّ يدا اليكِ ويستعيرُ
دعاؤك من هبوبِ الرِّيحِ ينجي
حَياتي والهمومُ بها تسيرُ
حُرِمْتِ مِنَ الكثير لأجل عيني
فإن أرعاكِ هلْ هذا كثيرُ؟
بقربِكِ هذه الدُّنيا جناني
ومهدُ طفولتي مرجي النَّضيرٌ
ولمّا غِبْتِ عنْ عينيَّ أمي
بكيتُ بوحشَتي وبكى السريرُ
وطيفُكِ لا يفارقني وإنّي
بما أهديكِ منْ قلبي فخورُ
الشاعر الدكتور وهيب عجمي..لبنان