الوطن يحميه الأبرار

الوطن يحميه الأبرار
قلم الشريف_أحمدعبدالدايم

يُعرّف الوطن على أنَّه الأرض التي وُلد فيها الإنسان، ونشأ بها، وترعرع في أرجائها، وتزوّج فيها، فهو يُمثّل الذكريات التي لا يُمكن نسيانها، حيث يحتضن الأحباب، والأصدقاء، والأهل، والآباء، والأجداد.
الوطن:
يُشّبِهْ حقلٍ مليءٍ بالأزهار والأشجار المثمرة والروائح الجميلة، فالوطن هو حقول الورد التي تُزهر في الروح، وهو الخيّمة الكبيرة التي يستظلّ الجميع والأهل ، وهو النِسّمة الوادعة التي تهبّ على النفس الحزينة فتُشعلها فرحًا، وهو الأهل والأحبة، ولا يُدرك قيمة الوطن وجَمَالُهْ إلّا من تغرّب عَنهُ، فَفي لحظات الغُرّبَةْ يفتقد الإنسان كُلّ إحساسٍ بالجمال، لأن الوطن هو الأمان والإستقرار، وهو قوة الجذب الهائلة التي تجذب القلوب والعقول، ولا يمكن لأي كائنٍ أن يعيش بكرامة كاملة إلّا إذا كان في وطنه، فالوطن هو الماضي والحاضر والمستقبل.
ولذلك يقول الإمام الغزاليّ:
(والبشر يألَفُون أرضَهم على ما بها، ولو كانت قفرًا مستوحَشًا، وحبُّ الوطن غريزةٌ متأصِّلة في النفوس، تجعل الإنسانَ يستريح إلى البقاء فيه، ويحنُّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هُوجِم، ويَغضب له إذا انتقص)
حُبْ الوطن:
يتجلّى حُبْ الوطن في كَوّنُه فِطرةْ مجبولٌ عليها كلّ إنسان، حَيّثُ تُعتبر هذه الفِطرةْ نَبضْ قلبهُ، ودمُهْ الذي يجري، فالوطن هو مكان النشأة والولادة، ويُستمَدّ حُبُهْ من دِروس الهِجريّة النبويّة، حَيّثُ كان الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم يُحب وطنه (مكة الكرمة) كثيراً.
حتّى أنَّه قال: (واللَّهِ إنِّي أعلمُ أنَّكِ خَيرُ أرضِ اللَّهِ وأحبُّها إلى اللَّهِ ولَولا أنَّ أهلَكِ أخرَجوني مِنكِ ما خرَجتُ).
ومن ناحية أخرى لا يعني حبّ الوطن التعصب لوطن دون آخر، أو لجنس دون جنس، أو تقسيم الأمة إلى أقسام مُتباغضة ومُتنافرة، فحب الوطن يعني الأخوّة، والتعاون، ونصرة جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم.
ولا يجوز مساواة محبة الوطن لمحبة الله ورسوله، وذلك امتثالاً لقوله تعالى:
(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة الاية 24
واجب المواطن تجاه وطنه:
يجب أن يقوم كل مواطن بالالتزام بالواجبات المنوطة إليه تجاه الوطن، ومنها تقوى الله، والتمسُّك بالوطن من خِلال الانتماء والإخلاص إليه.
بذلْ الغالي والنفيس في سبيل حماية الوطن، والمُحافظةْ على مُمّتلكاتُهْ، والتضحية من أجلُهْ. والوقوف في وجِهْ أيّ مُحاولَة تَعّبَثْ بِأمن الوطن، وتَضُرّ.
مِنْ صُوَر حُبْ الوطن :
تَتَعدّد صُوَر حُبّ الوطن، على الرغم منْ توافق الشخص مع الحاكم و أو القائمين عليه مِنْ عدمُهْ.
مهما كانت الظروف والأحوال سيئة في الوطن، يَظَلّ الوطن حَنُونًا، لأن محبة الوطن لا تُقاسْ بِمِقدار ما يُقدمُه الوطن لأبنائه، بل على العكس تمامًا، إذ يجب على أبناء الوطن أن يُقدِمُوا للوطن كل ما بِوسّعِهِمْ كي يَضَعُوهْ في المُقدمةِ، ومِنْ ثُمَ ينعمون بخيراته والأمن على تُرابِهْ وتحت سَمَائِهْ، فالوطن يكبر بِسَواعدْ الرِجال ودُعاء الأُمَهَاتْ ومَحَبَةْ الأطفال وإرثْ الأجداد.
الوطن أكبر من كلّ شيء:
فهو أكبرمن حُكّامه أو القائمين عليه لأن الكل يزول ويبقى الوطن، وأغلى من الأبناء والأحفاد، ولو خُيّروا الناس بين التضحية بِدِمَائِهِمْ وبين أوطانِهِمْ، فلا شَكّ بأنهُمْ سَيختارُون أوطانهم لأنّ لا شيء يوازيها، ولا يُمّكن أن يأخذ مكان الوطن أحدًّ أو أن يُارن بأي ثمن.
وإن توفير الوَطن للمُواطِن سُبلْ الحياة الكريمة والخدمات اللازمة له يُؤثر إيجابياً على المواطن، إذ يشعُرْ المواطن بالاستقرار والأمن والراحة وهذا يقوي الجبهة الداخلية بقوة النسيج الاجتماعي بين أبناء الوطن وقوة تماسكهم وترابطهم ووحدة صفهم الوطني.
وتأخذ أشكالاً مختلفة، ومنها ما يأتي احترام قوانين الوطن. حماية أرض الوطن، وسمائه، ومائه، وترابه، وجميع مرافقه.
محبة الأهل والأخوة من أهل الوطن الواحد، فالمواطنون الآخرون هم شركاء في أرض الوطن، وهم الذين يؤنسون الإقامة في أرضه، وبالتالي هم جزء من الوطن. التضامن والتكافل بين أبناء الوطن الواحد.
لذا وَجَبَ الشُّكرْ على نِعمَةْ الوطن، فهي من أعظم النعم التي تستوجب الشكر مِثلَمَا نرى فى بعض البلاد المجاورة، وخدمة الوطن من خلال الأعمال النافعة والصالحة، حيث يقول أحمد شوقي.
وللأوطانِ في دمِ كلِّ حرٍّ يدٌ سلفَتْ ودَينٌ مُستحقُّ.
الختام:
مهما قيل في الوطن من قصائد وأشعار، يظلّ الوطن أكبر من الوصّف، وليس غريبًا أن يكون الوطن مُلهمًا للأُدباء والشُعراء، فالجميع يتفاخرون بحبهم لأوطانِهِمْ، لأنهُم يعلمون قيمة الوطن، ولِهَذا يَتَغنّون فيِه ويصِفونُهْ بأنه حُبّهُمْ الكبير، والحبيب الّذي لا يَخُونْ أبدًا.

شاهد أيضاً

” تشغيل وحدة الحضانات وإضافة 8 أســرّة جديدة بالقسم الداخلي بـ مستشفى القصاصين التخصصي

” تشغيل وحدة الحضانات وإضافة 8 أســرّة جديدة بالقسم الداخلي بـ مستشفى القصاصين التخصصي تابع/ …