الهرمنيوطيقا د.عبدالواحد الجاسم

الهرمنيوطيقا

د.عبدالواحد الجاسم

هي علم التأويل او التفسير .

اصل كلمة “هرمنيوطيقا” مشتقة من الفعل اليوناني (Hermeneuin ) معناه “التفسير ” او “الاظهار” او ” التبيين ” او “الترجمة” ، وهي مرتبطة بالإله ( هرمس ) الذي هو رسول الآلهة عند اليونان بين “زيوس ” وبين بقية الالهة ، او بين ” زيوس ” والبشر ، وكان ينقل الرسائل بين “زيوس” وبقية الآلهة أو بين “زيوس” والبشر ، وتوجب على “هرمس” أن يكون ملما وعالما ً بلغة الآلهة وبلغة البشر الذين وضعت لهم الرسالة فيفهم البشر بمراد الآلهة ، ويفهم الآلهة بمراد البشر .

ويسمى “علم التأويل” ،او “التأويلية” ، او ” هرمنيوطيقا ” .
*
اول من استخدم هذا العلم هو “ارسطو” بكتابه (الارغنون ) ، وبالقرون الوسطى استخدم هذا المصطلح (الهرمنيوطيقا) بمعنى تأويل وتفسير الكتاب المقدس حيث يشير إلى مجموعة من القواعد والأسس على كل مفسر ان يستند عليها اذا اراد تفسير النص الديني ( الكتاب المقدس ) .

و توسع هذا المصطلح وشمل النصوص الأدبية والفلسفية وغيرها.

*
اول كتاب عن الهرمنيوطيقا الفه (دان هاور سنة 1654 ميلادي .

وهناك اتجاهات متعدده للهرمنيوطيقا سنعرضها لاحقا .

*
مراحل الهرمنيوطيقا

*

أولا : المرحلة الكلاسيكية

نشأت بعصر النهضةوالثورة في اوربا عند القرن السادس عشر والتي تدعو إلى الإصلاح الديني ، فهذه النهضة أدت إلى ان يقطع المسيحيين علاقتهم بالكنيسة ، والقضاء على مرجعية الكنيسة في تفسير الكتاب المقدس .

كانت الكنيسة هي الجهة الوحيدة المخولة بتفسير الكتاب المقدس .

حيث انسحب هذا التخويل والحق الحصري في تفسير الكتاب المقدس من الكنيسة .

وضعوا قواعد ومناهج معينة في تفسير الكتاب المقدس ، هذه المناهج والقواعد تغني عن تفسير الكنيسه
وهي السبب في تأسيس علم الهرمنيوطيقا .

وتعرف الهرمنيوطيقا الكلاسيكية بأنها : (علم يبين لنا المنهج الصحيح لفهم النص الديني ، ومنطق إزالة الغموض والابهام عن النص الديني ) .

*
ثانيا : الهرمنيوطيقا الرومانسية :

اسسها الفيلسوف “شلاير ماخر ” وله دور كبير في جعل الهرمنيوطيقا تنتقل من تفسير النص الديني فقط ، إلى تفسير اشمل وأوسع حيث تشمل حتى النصوص الأدبية والفلسفية والتاريخية وغيرها.

*
خصائص الهرمنيوطيقا الرومانسية

اولا : الهرمنيوطيقا الرومانسية كل نص (سواء ديني او أدبي او فلسفي او تاريخي ..الخ ) له جانبين جانب موضوعي يتمثل باللغة والنص ، وجانب ذاتي يتمثل بفكر المؤلف وقصده .

ثانيا : الجانب الموضوعي للنص ( اللغة) فهمه بسهولة من خلال معرفة قواعد اللغة التي يتألف منها واما الجانب الذاتي للنص ( المؤلف وتفكيره ) فيه صعوبة .

ومن يرغب تفسير النص لازم تكون عنده قدره على الدخول في ذهن المؤلف حتى يعرف قصده من النص .

ثالثا : هذا الحدس والتنبؤ بقصد المؤلف ومراده من النص لايكشف قصده حيث
تكون بين المؤلف وبين القاريء مدة زمنية طويلة ، فيكون النص صعب وغامض على القاريء ، فيقع المفسر غالبا بسوء الفهم للنص ولذلك فلابد من تأسيس قواعد للفهم الصحيح للنص .

رابعا : اشتراك المؤلف مع القاريء بالانسانية ويسهل من عملية فهم النص .

خامسا : تعميم النظرية لغير النص حيث تشمل المؤلف وتوجهاته .

سادسا : يوجد معنى واحد للنص ، وليس معاني لامتناهيه وهو قصد المؤلف .

“شلاير ماخر” يقول ( الهرمنيوطيقا هي فهم النص كما فهمه مؤلفه بل افضل منه )
و ان المفسر تتوفرله ادوات وظروف لفهم النص غير متوفرة لصاحب النص ، فلذلك لازم المفسر يفهم النص أفضل من مؤلف النص .

*
ثالثا الهرمنيوطيقا الفلسفية

ظهرت في القرن العشرين واسسها الفيلسوف “هيدجر” وطورها “غادامر” الذي تعلم منه .

*
خصائص الهرمنيوطيقا الفلسفية

اولا البحث عن معنى الفهم وحقيقته وتفسيره عند قراءة نص معين وترك تفسير الغموض في فكر المؤلف .

ثانيا استقلالية النص عن الكاتب فعند اكتمال الكتاب تنتهي سيطرة المؤلف عليه ويكون كيان مستقل ومن يفسر الكتاب لايشترط ان يكون مطابق لراي المؤلف وقد تتعدد الروى حول الموضوع .

ثالثا عملية فهم النص هي حوار بين المفسر وبين النص ، حيث المفسر يطرح اسئلة على النص والنص يجيب على الأسئلة إلى ان يصل المفسر من هذا الحوار لنتيجة معينة وفهم معين للنص .

رابعا كل مفسر او قاريء للنص محكوم بآراء مسبقة عن النص التي تحكم عملية فهم النص .

خامسا لايوجد تفسير نهائي للنص ينتهي عنده كل تفسير آخر ، وإنما التفسيرات لامتناهية وغير معدوده .

سادسا توقعات المفسر تؤثر على فهم النص
فالمعتقد للمفسر يحاول عكس ميوله الفكري على فهم النص وتفسيره .

سابعا التفسيرات المتعددة للنص لاتوجد ضابطة او قياس لمعرفة التفسير الصحيح و تكون جميع التفسيرات صحيحة نسبيا وهو ما يطلق عليه بنسبية المعرفة.

فكل تفسير هو صحيح بحدود ظروف المؤلف وعقائده ومتبنياته ومزاجه وثقافته .

شاهد أيضاً

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين

دعامات القيادة بقلم محمد تقي الدين القيادة درب العظماء يسعى إليها كل عظيم لكن هيهات …