بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ” رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ” رواه مسلم، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ” متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عزّ وفضل ” رواه مسلم، واعلموا أن الهدوء يقود إلى الثبات والمناعة، فإذا إستطعت أن تطبق المبادئ والقواعد التي تؤول إلى سكينة النفس أمكنك حينئذ أن تخلص من الخجل، أي أن تكون ثابت الموقف واثقا بنفسك لا تبالي حركات الآخرين ولا تكترث بآرائهم وتصرفاتهم تجاهك، كما يذوب في داخلك كل تأثير لما قد تمنى به من خيبة أو إخفاق في كثير من الأحوال والظروف، وهكذا تخلص أيضا من قابليتك للإنفعال السريع التي تخضع صحوك النفسي لموقف الآخرين منك، وتفتح إستقلالك بيدك إذ يسود الفكر الواعي اليقظ جميع غرائزك، وأخيلتك وتصبح إرادتك هي العليا شأن من شؤونك الشخصية.
وإعلم أن للنظرة تأثير قوي في الآخرين وهذا هو الشائع المعروف، ولكن الأصح أن نقول ” للنظرة تأثير قيم، في بعض الأحوال والظروف والمواقف” والواقع أن العين لا تؤثر بنفسها، ولا تملك خصائص مؤثرة، نافذة، إلا بمقدار ما للمصباح الكهربائي من خاصة الإنارة، أي أن العيون تستقي المصباح نوره من القوة المولدة للكهرباء، فهناك وراء الآلة البصرية وهي العين ينابيع الطاقة التي تمدها بالسحر والفتنة مثل الفكرة والعاطفة، والحرارة العاطفية، وما في كل واحد من قوة، تتجمع وتتفاعل، ويولد من تجمعها وتفاعلها، قوى مغناطيسية شخصية، والأثر الذي تحدثه نظرة شخص في آخر، هو قبل كل شيء دليل على درجة قابلية الإنفعال عند المتأثر، وقد تنظر شزرا لولد تريد توبيخه وتوفق معه إلى بغيتك من النظر الشزر وحده، ولكن هذه النظرة نفسها تبدو مضحكة مع غيره.
كما أنها إذا تكررت مع ولد آخر، تعودها ووقف أثرها فيه، وقد رأيت من الأولاد من يسمرون أنفسهم، ويديرون رؤوسهم عندما يشعرون بثقل النظرة، فيقاومون تأثرهم، وينخطفون بمهارة، وإذا رأيت امرءا يحاول أن يؤثر فيك بما يصوب إليك من نظرات، فقلد الولد، وتسمر في مكانك ولا تدر رأسك عنه، ووجه نظرتك فوق مخاطبك أو تحته، أو يمينه أو شماله، بمسافة ثلاث سنتيمترات لتتمكن بعد ذلك من وزن عباراته، وتأمل ما يقوله دون ذهول، إذ يمتنع في هذه الحالة، كل إنحراف أو إضطراب يعتري حاسة النقد لديك، ويظل تمييزك محتفظا بصفائه الطبيعي، فإذا أصبح ذلك عادة فيك، بدأت بتطبيق أول مبدأ من مبادئ تربة النظر، وهذا في المنزلة الأولى، والثانية تكون في أن تصوب نظرك، عندما يأتي دورك في التكلم، نحو النقطة المتوسطة الواقعة بين عيني من تخاطب.
واضعا في ذهنك أنك لا تريد التأثير فيه، بمعنى أنك لا ترغب في السيطرة عليه، وإنما تريد إجتذاب إنتباهه وحصر ذهنه عند نقطة معينة، وها أنا أضع أمامك معاني الألوان التي تظهر في مختلف العيون، كي تعمل على إستظهارها وملاحظة الإنطباعات التي تولدها فيك وفي غيرك من الناس، ثم لتلمس تأثير النظرة بما حول العينين من الجفون وأهداب وما فيهما من حور ودعج وإتساع بعد ذلك.