بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا واشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله “يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون” ،” يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام انه كان عليكم رقيب” ، ” يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما” ثم أما بعد تعد الوسطية من أعظم الخصائص التي تميزت بها الأمة الإسلامية، والوسطية بمفهومها الشامل المرتكز على معنى الخيرية والعدالة والبينية.
وإستمدتها من منهج الإسلام ونظامه، وهو منهج الوسط والإعتدال والتوازن، الذي إختاره الله تعالي شعارا مميزا لهذه الأمة التي هي آخر الأمم، وللرسالة التي ختمت بها الرسالات حيث قال تعالي ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ” ويقول عالم من علماء الغرب حينما وقف مخاطبا تجمعا للمسلمين إنكم لن تستطيعوا أن تنافسوا الدول الكبرى علميا أو تقنيا أو اقتصاديا أو سياسيا، أو عسكريا ولكنكم تستطيعون أن تجعلوا تلك الدول تجثو على ركبها أمامكم بالإسلام، فأفيقوا من غفلتكم لقيمة هذا النور الذي تحملون، والذي تتعطش إليه أرواح الناس في مختلف جنبات الأرض، وتعلموا الإسلام وطبّقوه، وإحملوه لغيركم من البشر تنفتح أمامكم الدنيا، فإنها الأمة الوسط بكل ما تحويه الكلمة من معاني.
فالوسطية هي المنهج الرباني الذي ينسجم مع الفطرة الإنسانية، والوسطية هي تحقيق لمبدأ التوازن الذي تقوم عليه سنة الله في خلقه، والوسطية هي إتباع النصوص، لا إتباع الأهواء ولا الآراء، والوسطية هي كون الإنسان في دائرة المشروع لا إفراط ولا تفريط، وقال الأوزاعي رحمه الله ما من أمر أمر الله به إلا عارض الشيطان فيه بخصلتين، ولا يبالى أيهما أصاب، الغلو، أو التقصير، وكما أن الوسطية هي حق بين باطلين، وصواب بين خطأين، وخير بين شرين، واعتدال بين طرفين، ذلك أن صراط الله مستقيم، وسبل الضلالة تتشعب عن يمينه وشماله، فمن كان على ذلك الصراط المستقيم فهو على الوسطية الربانية، فإن الوسطية ليست مصطلحا مطّاطا يطوغه كل أحد لتبرير ما يراه ويفعله، فالوسطية هي الرّاجح دليلا من الكتاب والسنة.
والضعيف والشاذّ ليس من الوسطية في شيء، وكما أن الوسطية ليست اتهام المخالف بالتطرف والتشدد لمجرد أنه يخالف ما أراه، وكما أن الوسطية هي يسر الإسلام، وليس اليسر معناه أسهل الأقوال وأخفها، بل أرجحها وأقواها وأتقاها، وكما أن الوسطية لا تعني تلميع ديننا في عيون غير المسلمين، بل الإعتزاز به، والإفتخار بأحكامه، رضي من رضي وسخط من سخط، وكما أن الوسطية هي تحرّي مرضاة الله تعالي، وموافقة مقاصد شريعته، والتمسك بما هو الأرجح دليلا مراده في نصوص الوحيين، فاللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي في معاشنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا
من كل شر.