المغادرة الصامتة.. الرد العظيم لكل من استهان بطيبة قلوبنا
كتب/ أيمن بحر
في زحمة الأيام وتقلّب الوجوه، نتعلّم أن بعض الرحيل لا يحتاج إلى كلماتٍ تُقال، بل إلى صمتٍ يُعبّر عن كل ما عجز اللسان عن قوله. فـ”المغادرة الصامتة” ليست انكسارًا، بل كبرياء القلب حين يختار الكرامة على البقاء في أماكن لم تعد تشبهه.
كم هو مؤلم أن تُهدر طيبتنا في قلوبٍ لا تُقدّرها، وأن يُساء فهم حناننا على أنه ضعف! ولكن حين نصحو على الحقيقة، ندرك أن أرقى انتقام هو الرحيل بهدوء، دون أن نغلق الأبواب بعنف، فقط نتركها خلفنا بصمتٍ يشبه السلام.
المغادرة الصامتة ليست نهاية قصة حب أو صداقة، بل بداية إدراكٍ عميق لمعنى الذات. فهي لحظة يهمس فيها القلب لنفسه: لقد حان وقت الراحة، لا العتاب.
نرحل دون ضجيج، لأننا تعلمنا أن بعض الردود لا تُقال… بل تُفهم من الغياب.
هي لحظة نضجٍ داخلي، حين يُقرر القلب أن الحب لا يعني التمسّك المؤلم، وأن الكرامة لا تُقايض بأي مشاعر مهما كانت صادقة. فنحن لا نغادر لأننا لم نحب، بل لأننا أحببنا بصدقٍ في زمنٍ لم يعد يُقدّر الصدق.
وفي النهاية، تبقى المغادرة الصامتة الرد الأعظم لكل من استهان بطيبة قلوبنا.
هي قصيدة لا تُكتب بالحروف، بل تُروى بنبضٍ موجوعٍ اختار الصمت احترامًا لنفسه، لأننا حين نرحل بصمت… نُعلن للعالم أن الطيبة ليست ضعفًا، بل قمة القوة حين تتوّجها الكرامة.