المعرفه العقليه
د.عبدالواحد الجاسم
* القضايا العقلية الإختلاف فيما بينها
تنقسم القضايا العقلية إلى أقسام عديدة كالتالي:
1ـ المعرفة الذهنية البحتة(البديهيه)، مثل قضية مبدأ عدم التناقض والواحد المضاف إلى مثله يساوي إثنين.
2ـ المعرفة الإخبارية الضرورية، مثل مبدأ السببية العامة، كما سيأتينا تفصيل الحديث عنها فيما بعد.
3ـ المعرفة الحضورية الوجودية، وتتمثل بمعرفتنا بأنفسنا مباشرة دون حاجة للدليل، وبالتالي فهي لا تتقبل الاستدلال الديكارتي القائلة: (أنا افكر فإذاً أنا موجود).
4ـ المعرفة الإخبارية الوجدانية، مثل الإعتقاد بالواقع الإجمالي للعالم. فهذه المعرفة ليست ضرورية، كما لا يمكن الإستدلال عليها، وبالتالي فهي من المعارف الوجدانية الصرفة.
5ـ المعرفة الإحتمالية، وتتصف بأن إخبارها عن الواقع الموضوعي لا يطابق غالباً ما عليه الواقع، خلافاً للمعرفة الإخبارية الضرورية التي تشترط مطابقة الواقع حتماً.
6ـ المعرفة القيمية، وهي معرفة وجدانية عقلية كالحسن والقبح العقليين، رغم أنها ليست بصدد الإخبار عن أشياء الواقع الموضوعي أو التطابق معها، وليس لها علاقة بالقضايا المنطقية المجردة، بل لها ما يجعلها حالة أخرى تختلف عن جميع الحالات التي مرت معنا، حيث تتضمن الكيفية القيمية
الضرورات العقلية:
1_ الضرورة منطقية كما في عدم التناقض
2_ تحدّية كما في السببية العامة
3_ إحتمالية كما في الإحتمالات العقلية،
4_ قيمية كما في القيم..
فهذه الضرورات بعضها يختلف عن البعض الآخر، والصفة المشتركة فيما بينها هي(( عدم إمكان تغييرها وإبدالها، لِما لها من طبيعة شمولية وكلية مطلقة))
بما فيها النوع الأخير من الضرورات الخاص بالعقل العملي تمييزاً له عن سائر الأنواع التي يتضمنها العقل النظري.
والإختلاف بين هذه الضرورات هو أن
الأولى (المنطقية) لها علاقة بالقضايا النظرية التجريدية
الثانية (التحدّية) لها علاقة بالواقع الموضوعي مباشرة، بإعتبارها إخبارية وكاشفة عن الواقع بالقيد الذي ذكرناه
الثالثة (الإحتمالية) فهي وإن تحدثت عن الواقع إلا أنها تتميز بعدم مطابقتها للواقع بالضرورة، بل وإختلافها عنه في أغلب الأحيان.
الرابعه ( الضرورة القيمية) فهي أنها لا تتحدث عن أشياء الواقع الوجودي والتكويني، وبالتالي لا يمكن محاكمتها كما يحاول البعض محاكمة الضرورة التحدّية
إنما المهم مشاهدتها بالرؤية المباشرة تبعاً لما يفضي إليه الوجدان العقلي المدرك لشموليتها وكليتها المطلقة ضمن قيودها الخاصة، كغيرها من ضرورات العقل النظري.
هذه هي خارطة القضايا العقلية غير المعهودة لدى الفلاسفة، فالقدماء منهم عندما يتناولون القضايا العقلية فإنهم لا يميزون فيما بينها((فكلها تتصف بالضرورة واليقين المطلق بلا استثناء)) دون ان يكون لديهم انطباع حول اختلافها واختلاف نوع الضرورة فيما بينها. ويحاكيهم في هذا التصور الفلاسفة المحدثون، وغالباً ما يحصرون الضرورات العقلية في القضايا المنطقية البحتة دون غيرها.