بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن يوم القيامة هو يوم الصاخة والقارعة والطامة، ويوم الزلزلة والآزفة والحاقة ويوم يقوم الناس لرب العالمين، فتذكر أهل الإيمان والعمل الصالح حين يخرجون من قبورهم وقد ابيضت وجوههم بآثار الحسنات، لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون وتذكر عندما يقول الرب تبارك وتعالى بحقهم يا ملائكتي، خذوا بعبادي إلى جنات النعيم، خذوهم إلى الرضوان العظيم، فأصبحوا بحمد الله في عيشة راضية، وفتحت لهم الجنان، وطاف حولهم الحور والولدان، وذهب عنهم النكد والنصب، وزال العناء والتعب، وتذكر في المقابل تلك النفس الظالمة المعرضة عن دين الله عندما يقول الله تبارك وتعالى بحقها يا ملائكتي، خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني.
فسيقت تلك النفس الآثمة الظالمة إلى نار تلظى وجحيمٍ تَغيظ وتَزفر، وقد تمنت تلك النفس أن لو رجعت إلى الدنيا لتتوب إلى الله وتعمل صالحا، وهيهات هيهات أن ترجع، فكبكبت على رأسها وجبينها، وهوت إلى أسفلِ الدركات وتقلبت بين الحسرات والزفرات، فلا إله إلا الله ما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك وصدق الله تعالى إذ يقول ” إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ” فاتقوا الله واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهو لا يظلمون، وإن الطواغيت هى كل من عبد من دون الله وهو راضى، ويؤمن بأن المعبود الحق هو الله وحده لا شريك له، فمن لم يؤمن بهذا فليس بمسلم، فلا بد أن يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة، وأن عبادة الطواغيت عبادة الجن عبادة الأصنام عبادة من دعا إلى عبادة نفسه كل هذا باطل، لا بد أن يتبرأ منها.
والطواغيت هى كل من عبد من دون الله وهو راضى، وهكذا الأصنام تسمى طواغيت والأشجار والأحجار المعبودة تسمى طواغيت، أما الأولياء والأنبياء والملائكة فليسوا طواغيت، وأعني الطاغوت الذي دعا إلى عبادته، فالطاغوت هو الذي دعا إلى الشرك بالله وعبادته، من الشياطين، سواء كان شياطين الإنس أو الجن هم الطواغيت، وأن من أعظم المقاصد وأجلّ الغايات وأنبل الأهداف هو توحيد رب العالمين رب الأرض والسماوات، والإقرار له عز وجل بالوحدانية ، وإفراده عز وجل وحده بالذل والخضوع والانكسار، وإسلام الوجه له خضوعا وتذللا رغبا ورهبا، خوفا ورجاء، سجودا وركوعا، وإخلاص، والبراءة من الشرك كله كبيره وصغيره قليله وكثيره، فهذه هي الغاية العظمى التي خُلق الخلق لأجلها وأوجدوا لتحقيقها.
فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم ” وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ” وهي الغاية التي أرسل الله سبحانه وتعالى لأجلها رسله الكرام وأنزل كتبه العظام، وإن بالتوحيد يحيا العبد حياة حقيقية ملؤها رضا الرحمن والفوز بالكرامة والإنعام، وبدون التوحيد يحيا حياة بهيمة الأنعام وإن فاقد التوحيد ميت ولو كان يمشي على الأرض ، ومحقق التوحيد هو الذي يحيا الحياة الحقيقية ، كما قال الله تعالى فى كتابه العزيز ” أو من كان ميتا فأحييناه ” أي أحييناه بالإيمان والتوحيد، وإن بالتوحيد أمن الأوطان والبلدان وراحة االاجساد وسعادة الناس، وبالتوحيد سعادة الإنسان وطمأنينته وراحته، وبالتوحيد تنزاح عن القلب الأوهام وتنطرد الوساوس ورديء الافكار، ويحصل للقلب طمأنينته وراحته وهدوؤه وسكونه.