المشي على أرض الوطن بعد الإغتراب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل شريعة الإسلام هدى للناس ورحمة للعالمين، وجعلها لنا صراطا مستقيما يهدي بنا إلى سعادة الدارين، والشكر له أن هدانا إلى الإسلام، وفضلنا على العالمين أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله إمام الخاشعين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبون الطاهرون، الحافظين لحدودك يا ربنا والخاشعين لك، وبعد فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله في أنفسكم، وفي صلواتكم لتفلحوا في دنياكم، ثم أما بعد يا مصرنا الحبيبة أنتي وطني الكبير أنتي التي تسكنين في كل خلايا جسمي، فإنتي وطني المستوطن قلبي، وأنتي من يبقى حبه إلى الأبد، وأنتي من أعتز به، فأنتي وطني مأوى طفولتي، وبيتي في شيخوختي، والكريم هو من يعتزّ بوطنه، مثلما يعتز الصقر بتحليقه.
والعلاقة بين الإنسان ووطنه لا يمكن التعبير عنها بالكلمات، فعلاقة المواطن الشريف بوطنه مثل علاقة السمك والماء، وعلاقة الشجر والهواء، وأجمل ما يمر به الإنسان هو إعتزازه بوطنه، وكما أن أجمل إحساس هو المشي على أرض الوطن بعد الإغتراب، ولا يعلم أحد قيمة الوطن في داخله إلى أن يبتعد عنه، ولقد غنى الكثير من الشعراء بحب الوطن، وكتبوا القصائد في وصفه وحبه، فالوطن هو البقعة من الأرض الذي نعيش بها ونحيا على أرضه، نكبر ونترعرع فيه ونأكل من خيرات أرضه، وهو بمثابة الأم الحنونة التي ربتنا وراعت حياتنا منذ الطفولة، وكم من الأمن والأمان زرعت في مشاعرنا وإحساسنا، ويعتبر الوطن هو الأسرة التي توزع على أفرادها طاقة الحب والتقدير والإحترام المتبادل، ومهما إستحضرت خواطري من وصف جميل للوطن.
أشعر أنني لا زلت ظمآن للتعبير عنه أكثر وأكثر، فعندما نتأمل حياتنا نجد أننا لا نمتلك شيئا أغلى منه، وكل شيء غالي وثمين يجدر بنا أن نحافظ عليه بكفاءة عالية، ونحميه بدمائنا وأرواحنا، ونقف مدافعين عنه ببسالة وشجاعة حتى آخر قطرة في دمنا، لذا لا بد من الإهتمام بالشباب في الوطن والسعي وراء إنشائهم جيلا ناضجا وقويا جسديا ومعنويا، ليتصدوا للمعتدين ويكونون رجالا بمعنى الكلمة، ويشكلون حاجزا قويا يحمي أرضهم، ومن الواجب على الوطن أن يمد الفرد بحقوقه كاملة، ويوفرها له مثل الطعام والشراب والتعليم، وكذلك الرعاية الصحية، وبالمقابل يترتب علينا واجبات كثيرة، كأن نحافظ على الممتلكات العامة في وطننا، ونعمل على رقيه بين الأمم، فالوطن هو الأرض التي نشأت فيها، وهو المكان الذي يحمل بصمتنا، والتغيير الذي نساهم فيه.
والأحلام التي نحارب من أجل تحقيقها، والوطن هو أسعد الأشخاص، سواء كان ملكا أو فلاحا من يجد السعادة والطمأنينة فيه، ولنتذكر قول الشاعر أحمد شوقي ” وطني لو شُغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي” واعلموا أن حب الوطن الوطن هو قلب وروح الإنسان فهو بلا وطن كالأشجار بلا أوراق، كالجسد لا روح، يجب على كل إنسان أن يحفظ وطنه ويضعه في عينيه، فالوطن هو ذلك الحب الذي لا يتوقف، وذلك العطاء الذي لا ينضب، فيا أيها الوطن المترامي الأطراف، ويا أيها الوطن المستوطن في القلوب، أنت فقط من يبقى حبه وأنت فقط من نحب، ويا أيها الوطن الحاضن للماضي والحاضر، يا من أحببته منذ الصغر وأنت من تغنى به العشاق وأطربهم ليلك في السهر أنت كأنشودة الحياة وأنت كبسمة العمر.