قصه قصيره بقلمي /وحيد علي الجمال
المحكمة
لقد ظلت منتظرة أمام قاعة المحكمة تصغي الي حاجبها وهو ينادي علي أسماء الخصوم مدعين ومدعي عليهم كانت عينيها ذائغتين تنظر يمنة ويسرى تتلهف قدومه وتخشي لقائه هي ترتجف وتعرف أنها ترتجف وكلما اقترب رقمها في الرول تبعثرت أجزائها وتحشرج صوتها عن النطق ووجدت صعوبة في الكلام ماذا دهاكي لماذا انت هنا الآن أنا من أنا أسالني وأنا لا اجيب أنا لا أعرف لماذا انا هنا الآن أجننتي أم علي نفسك انقسمتي هل تبررين أم أنك تتنصلين ألم تكوني أنت من قدمتي اوراق دعوي الأنفصال والطلاق نعم أنا ألم يمكث الجميع في جدالك أياما أن لا تفعلي فضربتي بكلماتهم عرض الحائط وقلتي أنا أدرى بحالي لم يذق النار غيري والمرارة إلا أنا ألم تكن تلك كلماتك وهل حقا تنتظرين لقائه أم تخافين مواجهته الوقت يمر ببطئ بل هو اسرع من الريح المرسلة الناس علي باب القاعه أشكالها شاحبه وكلماتهم مختلفه حتي لغتهم أكاد أنكرها ولا استوعبها فهاهي إحدي الواقفات تسب وتعلن زوجها من ظلمه وقله إنفاقه عليها وسوء معاملته لها وتطاوله المستمر عليها بالإهانة والتجريح بكلمات تخدش الحياء العام وما خفي كان اعظم لكن زوجي لم يفعل ذلك فهو كالنسيم بل ارق لم ينطق كلمة ابدا في حقي الا وكانت بلسم تداوي جراحي وتمسح دموعي وتزيل اي كرب قد سكن خلجات نفسي سخي كريم يكثر في عطائه فلو طلبت امطرني وإن لم أطلب كان كالغيث يدهشني رقيق وعطوف ولين باسم الثغر مشرق الوجه وجيه الطلة له رهبة وهبها الله له يحتويك إذا نظر إليك لا ينطق الا بكل جميل لم يعب طعام صنعته له أو يتافف من لبس نظر إلي فيه قليلة حامد كثيره شاكر لا يترك فرضا في مسجد ولا واجبا الا واداه رحمة لا يقطعها بعيده قريب وقريبه يملئ قلبه سلامه يسبق كلامه تهابه الرجال وتعمل له ألف حساب إذا حدث سمع وإذا صمت وقر ميسور الحال لكنه متواضع إلي درجة الشفقة من من لا يعرفه الحب خلق ليكون هو بكل تفاصيله وذراته لا تكفي قصائد الشعر في وصفه ولا مناقب الرجال في خلقه
لكنه قليل الكلام نادر الحديث له ضمة قلب تكفي العالم وماحوي لكنه لا يتكلم أشعر أني أنا وحدي من تزوج وغيري لم يكن له حظ لكنه لا يتكلم يسمع ويطيل السمع ولا يمل من الاستمرار في الاصغاء اليك مهما ارسلتي إليه بوابل من الانفعالات والنرفزه يصبر ولا يرد بل يعترف بخطئه ويعدني بأن يغير من طباعه التي حاول مرارا وتكرارا أن يغيرها ولم يفلح أنه الصمت الذي خيم على مفاصل حياتي حتي سكن جميع شقوقها فتعنكبت جميع أركان حياتها حتي شعرت بأنها مدينة أشباح مهجوره برغم مافيها لكنه دون روح أو حياه فكل تلك الصفات لا تكفي لاقامه حياة لها معني ماهذا صوت زغاريت ودعوات بالحمد يخرج من داخل القاعة لقد هلل الجميع بالحمد وبعضهم سجد شكرا وانا احملق في الواقفين لعلي اعرف السبب وكنت على وشك سؤال أحدي الواقفات بجانبي امام القاعه فقالت لقد أكرمها الله وقضي لها بالخلع خلع ماذا يعني الخلع يعني يا اختي الراجل يأخذ كل شئ ويروح في ستين داهيه وده حلال شرع يعني ايوه انت مش في الدنيا ولا ايه خلع الوحده فينا بتشتري نفسها ويغور في الف دهيه لكن كل شئ هو موجود فيها ملابسي وجميع اجزائي شكلي ومشيتي وتسريحتي هو من يختار ملابسي وعطوري واحزيتي هو مرآتي التي انظر فيها لأصلح كل شئ أشعر أنه غير ملائم لطباعه فهو طباعي وكل حياتي حياتي وهل هناك حياة بدونه
ماهذا رقم 39 رقم 39انا هذا هو رقمي ايوه انا دخلت مسرعه ماهذا النهجان الذي أصابني انفاسي تتلاحق لا استطيع التفس بصوره طبيعيه أكاد أن اخنق أنه موجود ويقف أما المنصه من قبل دخولي لم ينظر إلي ولم يلقِ علي اي تحية كما تعود أن يضمني إذا شاهدني يضمني بزراعيه أو بعينيه أو بوجه الذي يشرق كالبدر لازالت ملامحه تبتسم وينظر الي بلحظ عينيه ويظن اني لم اشاهده لقد تلاحقت خطواتي حتي التصقت به دون شعور وكاد الدوار أن ينال مني بالسقوط مد يده وأسند يدي ومالت اجزائي عليه نظر القاضي الي وقال انت المدعيه فقلت لا أنا المذنبة التي طار عقلها ودعت زوجها إلي هذا المكان لتعترف امامك أنه اعظم رجل في هذا العالم أرجوك أن تصدر عقوبتك علي أن جعلته يقف هذا الموقف لكنني أعلمك بأنه موقوف في قلبي وقف لا يجوز حله أو التنازل عنه لقد كانت تهزي ولا تدرك أنها أستاذة جامعية لها مكانتها لقد نسيت أنها في قاعة المحكمة وهي تغوص في أحضانه وتذوب في تفاصيله دون أي خجل ممن يحيطون بها لقد حملها بين ذراعيه وانهالت قاعه المحكمة بالتصفيق والتهليل من روعة ما قد شاهدوا حتي أن القاضي لم يتمالك نفسه فتساقتط دموعه أمام الحضور فرفع الجلسة إجلالا للمتحابين.