الكلمة الطيبة كالشجرة الثابتة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن هناك صلة كبيرة بين المؤمن والنخلة، ومن أوجه المقارنة بين المؤمن والنخلة هو ثبات الأصول، وكما أن النخلة شديدة الثبوت، كما قال الله تعالى في الآية الكريمة، وهكذا الشأن في الإيمان إذا رسخ في القلب فإنه يصير في أشد ما يكون من الثبات لا يزعزعه شيء، بل يكون ثابتا كثبوت الجبال الرواسي، وسئل الأوزاعي عن الإيمان أيزيد؟ قال نعم حتى يكون كالجبال، قيل أينقص؟ قال نعم حتى لا يبقى منه شيء، وسئل الإمام أحمد عن زيادة الإيمان ونقصانه.
فقال ” يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حي يصير إلى أسفل السافلين السبع، وقال الإمام ابن عاشور عند قوله تعالى ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ” بأنها جملة مستأنفة إستئنافا بيانيا ناشئا عما أثاره تمثيل، والكلمة الطيبة بالشجرة الثابتة الأصل بأن يسأل عن الثبات المشبه به ما هو أثره في الحالة المشبهة فيجاب بأن ذلك الثبات ظهر في قلوب أصحاب الحالة المشبهة وهم الذين آمنوا إذ ثبتوا على الدين ولم يتزعزعوا فيه لأنهم إستثمروا من شجرة أصلها ثابت، والقول هو الكلام، والثابت الصادق الذي لا شك فيه، والمراد به أقوال القرآن لأنها صادقة، المعاني واضحة الدليل، فالتعريف في لفظ القول، لإستغراق الأقوال الثابتة، والباء في بالقول للسببية، ومعنى تثبيت الذين آمنوا بها أن الله يسر لهم فيهم الأقوال الإلهية على وجهها وإدراك دلائلها.
حتى إطمأنت إليها قلوبهم ولم يخامرهم فيها شك فأصبحوا ثابتين في إيمانهم غير مزعزعين، وعاملين بها غير مترددين، وذلك في الحياة الدنيا ظاهر، وأما في الآخرة فبإلفائهم الأحوال على نحو مما علموه في الدنيا، فلم تعترهم ندامة ولا لهف، ويكون ذلك بمظاهر كثيرة يظهر فيها ثباتهم بالحق قولا وإنسياقا، وتظهر فيها فتنة غير المؤمنين في الأحوال كلها، وقال الإمام ابن القيم في سياق بيانه لمعنى المثل في قول الله ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء” فإن المقصود بالمثل المؤمن، والنخلة مشبهة به وهو مشبه بها، وإذا كانت النخلة شجرة طيبة فالمؤمن المشبه بها أولى أن يكون كذلك، ويقول الدكتور عائض القرني ” ووجه الشبه بين المسلم والنخلة أمور قالها أهل العلم ثبات الأصل، فالنخلة ثابتة الأصل والمسلم ثابت الأصل.
تعاليمه سماوية، لا يأخذ تعاليمه من البشر، ولا من أفكارهم ولا من خرافاتهم فهو ثابت في الأرض لأن مبدأه ثابت وعميق في الأرض، ويعتمد على لا إله إلا الله ويعتمد على قرآن من الله، وعلى سنة من المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، والنخلة ليس على وجه الأرض مثلها فالحنظلة مثلا لو مرت شاة وأكلت منها إقتطعتها وإقتطعت عروقها، أما النخلة فإنها تقاوم الإعصار، فهي مثل المسلم بثبات الأصل، وهذا وجه شبه بين المسلم والنخلة، والنخلة لابد لها من ثلاثة أشياء لا تكتمل حياتها إلا بها وهي الجذور والعروق الراسخة في الأرض والأصل القائم والفروع العوالي، وكذلك شجرة الأيمان في قلب المؤمن لا تصلح لها حياة إلا بثلاث تصديق خالص الله تعالى راسخ في قلب المؤمن وقول وعمل.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 