العمل الصالح وحسن الخاتمة ويوم القيامة
بقلم : د فوزي الحبال
بكت زوجة سيدنا ابو ذر وهو يحتضر فسألها ما يبكيك؟
قالت تموت هنا في صحراء الربذة ، لا ثوب نكفنك فيه ولا احد يصلي عليك .
فقال لها ابشري هذا ما بشرني به النبي محمد صل الله عليه وسلم ذات يوم ، فقد كنت انا وفلان وفلان وفلان وسماهم بالاسم ودخل علينا النبي فقال “سيموت رجل منكم بالصحراء وسيصلي عليه جماعة عظيمة من المؤمنين”
وقد مات جميع الصحابة الذين كانوا معي اثناء تلك البشرى النبوية ، ولم يبق الا انا فانا المقصود من تلك البشرى .
فقالت و ماذا افعل الان ؟ قال وهو يلفظ انفاسه الاخيرة ضعيني على قارعة الطريق فاول ركب قادم سيكون هم كبار الصحابة العظام الذين بشر بهم النبي محمد صلي الله عليه وسلم ، وانهم سيصلون عليي بلا ادنى ريب كما بشرني النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
وفي الحال مر وفد قادم من العراق من الصحابة الكبار وفي مقدمتهم سيدنا عبد الله بن مسعود وكبار الانصار رضي الله عنهم جميعا فسالوها ما يبكيك ؟
قالت هذا زوجي ابي ذر ، لا نجد ثوبا نكفنه فيه .
فتسابق الانصار من يكفنه في ثوبه فكفنوه ثم صلوا عليه جميعا ، ودعوا له بالجنة والمغفرة .
وتذكر الصحابة يوم غزوة تبوك لما تاخر ابو ذر عندما تعثر بعيره ، وجاء ماشيا يلهث ، يجري تارة ويمشي تارة اخري ، وحيداً بلا أنيس ولا جمل يركبه في الصحراء المحرقة ، يريد اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم بتبوك .
وما ان راه النبي يومها حتى امتلأ وجهه صلى الله عليه وسلم بالبشر والسرور ، ثم البسه تاج التميز والانفراد والاخلاص .
فقال يومها الرسول للصحابة “يرحمك الله يا ابا ذر تمشي وحيداً وتموت وحيداً وتبعث يوم القيامة وحيداً “، وحيداً أي متميزاً من كثرة خصالة الحميدة وقد تحققت البشرى .
رضي الله عن سيدنا ابي ذر الغفاري وأرضاه ، وصل الله وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد .
يوم القيامة سيكون في غاية الروعة وأنت تمشي ولأول مرة في زمرة المرضي عنهم ويتقدمك سيدنا محمد ﷺ ، { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } ،
سيكون يوماً جميلاً جداً عندما تكون ضيفاً مرغوباً أنت وأهلك وتسمع نداءً خاصا لك ادخل ،{ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } .
سيكون يوماً رائعاً ،عندما تُبعث وترى الملائكة في إنتظارك تتلقاك { وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } ،
سيكون يوماً رائعاً عندما تطلقها صرخة في العالمين من الفرح ..
{ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } ، سيكون يوماً سعيداً عندما تنظر خلفك وترى ذريتك تتبعك لمشاركتك فرحتك { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } .
لن تكون قادراً على إخفاء نضارة وجهك السعيد عندما يكون رفيقك هناك سيدنا محمد ﷺ وموسى وعيسى ونوح وإبراهيم عليهم السلام { فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} ،
هناك ستتذكر ما تلوته هنا { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}.
يوم القيامة ليس مرعبا كما يتخيل البعض ولكنه سيكون يوما رائعاً وجميلاً لمن سار على العهد وعمل لذلك اليوم ، ( لا يحزنهم الفزع الأكبر ) .
رزقنا الله ووالدينا وإياكم وجميع المسلمين الفردوس الأعلى من الجنّة برفقة ،حبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .