أخبار عاجلة

العشر الأوائل من ذي الحجة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد اعلموا أن من فضائل العشر من ذي الحجة أن فيها صيام يوم عرفة فقد سن النبي صلى الله عليه وسلم صيامه لغير الحاج، أما الحاج فعليه أن لا يصوم ذلك اليوم ليتفرغ للدعاء ويتقوى على العبادة هناك، وأما غير الحاج فالمستحب له ألا يترك صيام ذلك اليوم العظيم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صوم يوم عرفة يكفر سنتين، ماضية ومستقبلة” رواه مسلم وأحمد والترمذي، وكما أن من فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة أن فيها ليلة مزدلفة، والمبيت بها واجب من واجبات الحج، وتسمى جمع، والمشعر الحرام، فإذا وصل الحاج إليها بدأ بالصلاة قبل أن يضع رحله. 

 

فيصلي المغرب والعشاء جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين، ويجب على الحاج أن يبيت بالمزدلفة إلى طلوع الفجر، ثم يؤدي صلاة الفجر فيها وينتظر حتى يسفر جدا، ثم يدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس مخالفة للمشركين، الذين كانوا ينتظرون طلوع الشمس ثم يدفعون من المزدلفة، فإذا وصل وادي محسر أسرع السير لأنه وادي تعسر فيه الفيل الذي أتي به لهدم الكعبة، وقيل هو مكان من أمكنة العذاب، وهذه عادة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم، وهو الإسراع في المواضع التي نزل بها عذاب الله تعالي بأعدائه كمدائن صالح وديار مدين وثمود، ومن ترك المبيت بمزدلفة وجب عليه دم، وذلك جبرانا لنسكه ولا يأكل منه شيء بل يقدمه لفقراء الحرم ومساكينه، ويسن الوقوف في أي مكان منها، لقوله صلى الله عليه وسلم ” وقفت هاهنا وجمع كلها موقف ” رواه مسلم. 

 

أما الضعفاء والمرضى والأطباء ومن يحتاج إليهم فلهم الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل، وكذلك من كان مرافقا لهم، وكما أن من فضائل العشر أن فيها رمي جمرة العقبة وهي القريبة من مكة، فإذا وصل الحاج منى بدأ برمي جمرة العقبة وقطع التلبية، فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويجوز أن يلتقط الحصى من أي مكان تيسر له، ويستحب أن يرمي الجمرة من بطن الوادي فيجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه، وإن رماها من أي مكان أجزأه ذلك، المهم أن يقع الحصى داخل الحوض، فإن وقع داخل الحوض ثم خرج فالرمي صحيح، أما إذا وقع الحصى في الشاخص وهو العمود الذي في وسط الحوض ثم خرجت الحصاة وجب عليه أن يعيدها، ثم بعد ذلك ينحر هديه إن كان متمتعا أو قارنا، أما المفرد فلا هدي عليه، ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل. 

 

وعليه أن يعمم جميع رأسه بالحلق أو التقصير، والمرأة تقص من شعرها قدر أنملة وهو ما يعادل رأس الإصبع، ثم يحل إحرامه بعد ذلك فيحل له كل شئ حرم عليه بسبب الإحرام إلا النساء، فإذا طاف طواف الإفاضة حل له كل شئ حتى النساء، ألا فاعلموا أيها الناس أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، لا يتم الحج إلا به، وبعد الطواف يصلي ركعتين خلف المقام إن تيسر وإلا ففي أي مكان، وعلى المتمتع سعي الحج، وكذلك القارن والمفرد إذا لم يكونا قد سعيا مع طواف القدوم، فإذا رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر وطاف بالبيت فقد تحلل التحلل الأكبر أو التحلل الثاني، وإذا فعل إثنين من ثلاثة فقد تحلل التحلل الأصغر، ومن حصل منه جماع قبل التحلل الأصغر فقد فسد حجه وعليه أن يكمله ويمضي فيه، ويجب عليه أن يقضيه من العام المقبل وتلزمه فدية وهي ذبح بدنه. 

 

وإن حصل الجماع بعد التحلل الأول فيلزمه ذبح شاة وحجه صحيح، وبعد تلك الأعمال التي يعملها الحجاج يوم النحر، يرجعون إلى منى فيبيتون بها يوم الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل، والثالث عشر لمن تأخر، فيرمون الجمرات الثلاث كل يوم بدءا بالصغرى ثم الوسطى فالكبرى، يرميها الحاج بسبع حصيات، ثم يقف ويدعو بعد رمي الأولى والثانية، ولا يقف بعد رمي الكبرى وهي الثالثة، ويبدأ الرمي بعد الزوال من كل يوم ولا يجزئ قبله ويمتد إلى طلوع الفجر للضرورة، نتيجة للزحام وكثرة الحجاج، والمبيت بمنى أيام التشريق ورمي الجمار واجب من واجبات الحج من تركه فعليه دم يجبره لقول ابن عباس رضي الله عنهما ” من ترك نسكه أو نسيه فليهرق دما ” 

 

وبعد الرمي يتجه الحاج إلى مكة لأداء طواف الوداع ومن ثم الرجوع إلى بلده، إلا أن طواف الوداع يسقط عن الحائض والنفساء، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال ” أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض ” ويدخل في حكم الحائض النفساء، وطواف الوداع واجب من واجبات الحج من تركه لزمه دم يوزعه على

فقراء الحرم.

شاهد أيضاً

المدينة قافلة للضحايا

المدينة قافلة للضحايا الى روح صديقي الاديب الراحل جاسم العايف لمناسبة مرور عام اخر على …