الشيخ الطبلاوي نبؤة رؤيا أمه لجده

بقلم الشريف_أحمدعبدالدايم

نتوقف خلال شواطئ الذكريات مع احد قارئي القرأن الكريم الذى اثرى بصوته الجميل العالم نحن الان نسبح مع آخر حبات عنقود المبدعين من الزمن الجميل (الشيخ محمد محمود الطبلاوي)، لُقّْب الشيخ بـ”سلطان التلاوة”

مولده:

وُلد في ميت عقبة بالجيزة عام 1934، حفظت القرآن الكريم في كتاب القرية وكان عمره وقتها 9 سنوات، وقرأ في سن مبكرة بالمآتم والمناسبات المختلفة، إلى أن حقق الشهرة والانتشار، دخل الكتاب بعد رؤيا أمه لجده في المنام يخبرها أنها ستضع ولدًا، وسيكون حافظًا لكتاب الله، الرؤيا لم تكن السبب الوحيد في حفظه للقرآن، لكنها إرادة الله، ووالده كان حريصًا على تعليمه.

أيوب المقرئين:

ويعد الشيخ الطبلاوي أكثر القراء تقدمًا للالتحاق بالإذاعة كقارئ بها، وقد يحسد على صبره الجميل الذي أثبت قيمة ومبدئا وثقة في نفس هذا القارئ المتين بكل معاني هذه الكلمة. لم يتسرب اليأس إلى نفسه ولم تنل منه أي سهام وجهت إليه. وإنما تقبل كل شيء بنفس راضية مطمئنة إلى أنّ كل شيء بقدر وأنّ مشيئة الله فوق مشيئة البشر، تقدم تسع مرات للإذاعة ولم يأذن الله له.

وفي المرة العاشرة اعتمد قارئًا بالإذاعة بإجماع لجنة اختبار القراء وأشاد المختصون بالموسيقى والنغم والانتقال من مقام موسيقي إلى مقام آخر بإمكاناته العالية، وحصل على تقدير “الامتياز” بعد صبر 9 سنوات نصف، حتى وصفه البعض بأنه “أيوب المقرئين”

بداياته صعبة:

وبعد أن حفظ الطبلاوي القرآن كاملًا بالأحكام، لم يتوان لحظة واحدة في توظيف موهبته التي أنعم الله بها عليه، فلم يترك الكتّاب أو ينقطع عنه وإنما ظل يتردد عليه بانتظام والتزام شديد ليراجع القرآن مرة كل شهر، بدأ قارئًا صغيرًا غير معروف كأي قارئ شق طريقه بالنحت في الصخر وملاطمة أمواج الحياة المتقلبة، فقرأ الخميس (حيث اعتاد المصريون الاستعانة بشيخ لقراءة القرآن في أول خميس يكون بعد وفاة الميت)، والأربعين (حيث اعتاد المصريون الاستعانة بشيخ لقراءة القرآن عند اكتمال مرور 40 يوما على وفاة الميت)، والرواتب والذكرى السنوية وبعض المناسبات البسيطة, كل ذلك في بداية حياتي القرآنية قبل بلوغه الخامسة عشرة من عمره، وكان راضيا بما يقسمه الله له من أجر، لم يزد على ثلاثة جنيهات في السهرة، ولما حصل على خمسة جنيهات تخيل أنه بلغت المجد ووصلت إلى القمة”.

وكانت الفترة ما بين 1975 وحتى 1980 بمثابة غزو مفاجئ من الشيخ الطبلاوي فاحتل المقدمة مع المرحوم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد .

ويقول الشيخ الطبلاوي فى احدى لقائاته لم ينسى كل من قدم له نصحًا وإرشادًا وتوجيهًا.. ودائمًا يذكر من تسببوا في صقل موهبته في الحفظ والتجويد بكل خير فيقول: “دائمًا أتحين الفرصة التي أخلو فيها مع نفسي وأتذكر بدايتي مع القرآن ونشأتي وأول خطواتي على درب الهدى القرآني، وما وصلت إليه الآن، فأشعر أنني مدين بالكثير والكثير لكل من هو صاحب فضل عليّ بعد ربي العلي القدير، فأدعو لوالدي ولسيدنا رحمهما الله، ولزملائي الذين شجعوني واستمعوا إلي وأنا صغير وجعلوني أشعر بأنني قارئ موهوب، وأتذكر قول شيخي الذي حفظني القرآن: يا محمد أنت موهوب وصوتك جميل جدًا وقوي معبر. ولأن سيدنا كان خبيرًا بالفطرة استطاع أن يميز الأصوات بقوله: محمد الطبلاوي صوته رخيم وفلان صوته أقرع والآخر صوته نحاسي، وكان دائمًا يحثني على الاهتمام بصوتي، وأولاني رعاية واهتمامًا خاصًا على غير ما كان يفعل مع زملائي من حيث التحفيظ بدقة والمراجعة المستمرة”.

ترحال الطبلاوي الكثير من البلاد:

سافر الشيخ الطبلاوى إلى أكثر من ثمانين دولة عربية وإسلامية وأجنبية بدعوات خاصة تارة ومبعوثًا من قبل وزارة الأوقاف والأزهر الشريف تارة أخرى ممثلًا مصر في العديد من المؤتمرات ومحكمًا لكثير من المسابقات الدولية التي تقام بين حفظة القرآن من كل دول العالم.

ومن الدعوات التي يعتز بها، تلك التي تلقاها من الملياردير اليوناني الشهير جون لاتسيس ليتلو القرآن أمام جموع المسلمين لأول مرة في تاريخ اليونان.. وكذلك الدعوة التي وجهت إليه من قبل المسئولين بإيطاليا عن طريق السفارة المصرية لتلاوة القرآن الكريم بمدينة “روما” لأول مرة أمام جموع غفيرة من أبناء الجاليات العربية والإسلامية هناك.

وقبول دعوة القصر الملكي بالأردن لإحياء مأتم الملكة “زين الشرف” والدة العاهل الأردني الملك حسين، حيث أقيم العزاء الرسمي بقصر رغدان في العاصمة عمان.

وسافر أيضاً إلى الهند ضمن وفد مصري وكان رئيس الوفد الدكتور «زكريا البري» وزير الأوقاف حينذاك ، وتأخر عن موعد حضور المؤتمر العام المقام بجامعة الندوة بنيودلهي بسبب ظروف الطيران. فاقترح الدكتور «البري» أن يتقدم الوفد عند الدخول لأنه الوحيد المميز بالزي المعروف ولأنه مشهور وله مكانة كبيرة في قلوب الناس هناك. وبالفعل تقدمت الوفد فرحب به رئيس المؤتمر.

حزن الطبلاوي لعدم تكريم بلده مصر له:

كان قول: “إني حزين لأنني كرمت خارج وطني ولم أكرم في بلدي مصر أم الدنيا ومنارة العلم وقبلة العلماء”.

حصل الشيخ محمد محمود الطبلاوي على وسام من لبنان في الاحتفال بليلة القدر تقديرًا لجهوده في خدمة القرآن الكريم، ورغم السعادة والفرحة التي لا يستطيع أن يصفها بهذا التقدير، وآخر منصب له كان نقيب القراء خلفا للشيخ أبو العنين شعيشع وقارئ مسجد الجامع الأزهر الشريف.

وفاته في رمضان ودفن بالبساتين:

توفى يوم الثلاثاء 5 مايو 2020م، الموافق 12 من رمضان عام 1441 هـ، بعد معاناة مع المرض، وقد شيع المصريون يوم الأربعاء الشيخ محمد محمود الطبلاوي الذي غيبه الموت عن عمر ناهز 86 عامًا، وقد أعلنت نقابة محفظي وقراء القرآن الكريم العامة في مصر وفاة القارئ المعروف مساء الثلاثاء، بعد رحلة عطاء ثرية مع القرآن لأكثر من ستين عاما، وصاحب شهرة واسعة في العالمين العربي والإسلامي، وبعد صراع طويل مع المرض، وتم دفن جثمانه صباح يوم الأربعاء بمقابر العائلة بالبساتين – بالقاهرة

شاهد أيضاً

قصه سيدنا شعيب نقدمها لكم عبر جروبنا احباب رفيق يوسف

قصه سيدنا شعيب نقدمها لكم عبر جروبنا احباب رفيق يوسف قصه سيدنا شعيب [ قصة …