الدلالة على الخير غنيمة كبيرة

الدلالة على الخير غنيمة كبيرة 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى فهي سبب عظيم لتنفيس الكروب، وتفريج الضوائق، وبسط الأرزاق، وحلول الأمن ثم أما بعد إن من نعم الله العظمى على عباده المؤمنين أن يسّر لهم من الخير والبر أبوابا وطرائق كثيرة، يختار منها العبد ما يشاء في هذه الحياة ليترك أثرا من خلاله، فينبغي للمرء أن يسعى في ترك أثر حميد يكون له ذخرا، وذكرا حسنا، ويجري له أجره بعد مماته، ومن الأعمال التي يترك بها الإنسان الأثر، وينال بها الأجر هو الدلالة على فعل الخير، وأن الدلالة على الخير غنيمة كبيرة، فإن الدلالة على الخير قد لا تكلف الإنسان جهدا شاقا ولا مالا طائلا، ومع ذلك يحصل بها على الثواب العظيم.

 

وما أعظمها من غنيمة يغفل عنها كثير من المسلمين، وكما أن من أجل الأعمال التي يبقى أثرها ويستمر فضلها بين الناس نشر العلم النافع، وقال الإمام ابن القيم في كتابه النفيس طريق الهجرتين، قد ذكرنا مائتي دليل على فضل العلم وأهله في كتاب مفرد، فيا لها من مرتبة ما أعلاها، ومنقبة ما أجلها وأسناها أن يكون المرء في حياته مشغولا ببعض أشغاله، أو في قبره قد صار أشلاء متمزقة، وأوصالا متفرقة، وصحف حسناته متزايدة تملى فيها الحسنات كل وقت، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب، تلك والله المكارم والغنائم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وعليه يحسد الحاسدون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وكما يقول رحمه الله “إن العالم إذا زرع علمه عند غيره ثم مات جرى عليه أجره، وبقي له ذكره، وهو عمر ثان، وحياة أخرى. 

 

وذلك أحق ما تنافس فيه المتنافسون، ورغب فيه الراغبون” ومن يرى هذه الشواهد ويعي ما فيها من الخير فإن عليه أن يسعى إلى نشر العلم النافع بكل ما تيسر له من سبل، سواء في ذلك تعليم الناس، أو مساعدة طلاب العلم دعما وتشجيعا، ونصحا وإرشادا وتوجيها، وقال الإمام ابن جماعة واعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه وأقرب أهله إليه، ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الإجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم ومن بعدهم، ولو لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وعمله وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى، فإنه لا يتصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نصيب من الأجر كما جاء في الحديث الصحيح، وإن الصدقة من أعظم الأعمال أجرا وأكثرها نماء. 

 

فالإنفاق في سبيل الله من أربح البيوع، والمسلم الموفق يحرص دائما على أفضل الأعمال وأعظمها ثوابا، وإذا أقبل على الصدقة حرص على أن تكون له صدقة جارية يستمر أجرها وثوابها حتى بعد موته، والتاريخ الإسلامي مليء بالكثير من الرجال الصالحين الذين ماتوا وتركوا صدقات جارية انتفع بها المسلمون لسنوات عديدة وأزمنة مديدة، وهم أهل لأن نغبطهم ونسعى لأن نكون منهم، ونقتدي بهم، هذا وصلوا على الرحمة المهداة كما أمركم الله تعالى بذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم “من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا” فاللهم صلي وسلم وبارك عليه، وارضي اللهم عن أصحابه أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمي حوزة الدين. 

 

اللهم آمنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

شاهد أيضاً

سكان غزة يرفضون النزوح والمشهد يتعقد أمام الجيش الإسرائيلي

سكان غزة يرفضون النزوح والمشهد يتعقد أمام الجيش الإسرائيلي كتب بلال سمير  نقلاً عن رويترز: …