حديث الصباح
أشرف عمر
عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كان رسول الله صلى الله عليه و آله وصحبه و سلم إذا عصفت الريح يقول :
*{ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا ، وَخَيْرَ مَا فِيهَا ، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا ، وَشَرِّ مَا فِيهَا ، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ }.*
رواه مسلم.
*شرح الحديث:*
اللهُ سُبحانَه وتعالَى خالقُ كلِّ شيءٍ، وقدْ جعَل في بعْضِ تِلك الأشياءِ سببًا لِما يصِيبُ الإنسانَ مِن الخيرِ أو مِن الشَّرِّ أحيانًا.
وفي هذا الحَديثِ تقولُ عائشَةُ رَضِي اللهُ عَنها: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم “إذا رأَى الرِّيحَ”، أي: ظهَرَت بآثارِها، “قال”، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُك مِن خيْرِها وخيْرِ ما فيها”، أي: مَنافِعِها؛ فللرِّيحِ مَنافِعُ عديدةٌ، “وخيرِ ما أُرسِلَتْ به”، أي: ما أُرسِلَتْ به في هذا الوقْتِ، فكأنَّه تأكِيدٌ لأوَّلِ الدُّعاءِ، “وأعوذُ بك مِن شرِّها وشَرِّ ما فيها”، أي: ما قد تتسبَّبُ فيه مِن شَرٍّ، “وشَرِّ ما أُرسِلَتْ به”، أي: ما أُرسِلتْ به في هذا الوقْتِ، فكأنَّه تأكِيدٌ لأوَّلِ الدُّعاءِ؛ فقد كانتْ مِن أسبابِ هلاكِ بعضِ مَن سبَق مِن الأمَمِ؛ كقوْلِه تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24]، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم واثِقًا مِن عهْدِ اللهِ له بألَّا يُهلِكَ أمَّتَه وهو فيهم؛ كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33]، ولكنَّه لا يُؤْمَنُ مكْرُ اللهِ؛ لأنَّه {لَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]؛ وذلك لكثْرةِ المكذِّبين والضَّالِّين المستحِقِّين للنِّقمَةِ ممَّن لم يُؤمِنوا بعدُ.
صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.