الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى ( المقال 12 ) ـــ
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر ـــ
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) ـــ
الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر ـــ
رؤية تحليلية و دراسة فقهية نقدية مقارنة
بقلم الباحث \ جمال الشرقاوي \
( المقال 12 )
رابعاً … الخطيئة … و مثالها في القرآن الكريم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( و قد وضعت للخطيئة تعريفاً لغوياً و اصطلاحياً ))
[ الخطيئة لغة ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هى كل فعل أو قول يبدأ من الهَمْز و اللَمْز و ينتهي بالكبائر و الموبقات التي تستوجب الكفارات في الدنيا أو الحساب في الآخرة , و أيِّ خطأ يتعمده الإنسان , فهو خطيئة
{ وَيۡلٞ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٧ }
[ الجاثية \ 7 ]
الشاهد هنا
{ وَيۡلٞ }
و ( الويل ) هو التهديد و الوعيد بعنف و شدة
( قال أبو حيان في ( البحر المحيط ) 5/ 313 , الإفك : الكذب أو أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء , والزّور : الباطل أو شهادة الباطل ، أو الكذب )
{ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ }
و هذا ( الإفك ) منه الصغير ( خطيئة صغيرة ) و منه الكبير ( خطيئة كبيرة ) , فهو يبدأ صغيراً لا يؤبه له بالاً مثل أي شيئاً صغيراً حقيراً تافهاً ثم يكبر و يَعْظُم فيصبح كبيراً بالإستمرار عليه و التمادي فيه , و هكذا حتىَ يصل لمرحلة ( الخطيئة ) و قد وَرَدَت كلمة { أَفَّاكٍ } بصيغة مبالغة أي ( كثير الإفك ) أو ( شديد الإفك ) و هو الكذب و الإفتراء و الزور و الباطل
و كذلك ( أثيم ) أي … ( كثير الذنوب و المعاصي ) و قد وَرَدَت
{ أَثِيمٖ } بصيغة مبالغة , أي ( شديد الذنوب و المعاصي )
{ وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ١٥ }
[ المرسلات \ 15 ]
و الشاهد هنا
{ لِّلۡمُكَذِّبِينَ }
و تأتي ( المكذبين ) هنا بصيغة مبالغة , أي ( كثيري الكذب )
{ وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ ١ }
[ المطففين \ 1 ]
الشاهد هنا
{ لِّلۡمُطَفِّفِينَ }
و ( المُطَفِّفِين ) هم التجار و البائعين سواء أصحاب المحلات و السوبرماركت ( الغشاشين ) الذين إذا وَزَنُوا السلعة مثل الفاكهة و الخضار و كل ما يُوزَن … يُنْقِصُون الكيل و الميزان … و لذلك فهم يأخذون أثمان السلع التي باعوها كاملة و لكنهم في نفس الوقت لا يعطون المشتري حقه كاملاً في الوزن , و لذلك تعهدهم الله تعالىَ بالويل و العذاب يوم القيامة , و كذلك تأتي ( المطففين ) بصيغة المبالغة , أي ( الوَزَّانُون ) و هم التجار و البائعين لأنهم يكيلون الوزن و يُوزِنُون للناس كل يوم
(( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و كذلك يدخل تحت { وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ ١ } أصحاب شركات الأدوية التي نجد بها المادة الخام التي يتوقف على وجودها بالتمام و الكمال تساعد على الإستشفاء , نجد هذه المادة الخام ناقصة , و لذلك نجد المريض يأخذ الدواء كله و مع ذلك لا يتماثل للشفاء و يذهب للطبيب مَرَّة أخرىَ ة أيضاً نجد الطبيب يأمُر المريض بتكرار العلاج للمريض مَرَّة أخرىَ , ثم بعد ذلك يتماثل المريض للشفاء , و السبب في ذلك هو نقص المادة الخام في الأدوية , أليس هذا الغش في الأدوية فيه إرهاق لصحة المريض و إهدار لصحته و حياته و أمواله و ربما يموت المريض بهذه الطريقة التي تهدف إلى ( التطفيف ) أي نقص الكيل و الميزان
عزيزي القاريء ( قس ) علىَ ذلك أي سلعة في العالم , لإن كل سلعة لها كيل و وزن و الإنتقاص من هذا العالم يُقلل من جودة هذه السلعة و بالتالي تكون هذه السلعة إمَّا ضارَّة أو لا تؤتي ثمارها , و قس على ذلك رغيف الخبز البلدي الأسمر المصنوع بالرَدَّة و الخميرة , فلو نقصت الخميرة و الرَدَّة أو لم يضعهما الخبَّاز في العجين , فلن يؤتي رغيف الخبز الغذاء المرجو منه , و لذلك هل عرفت أيها القاريء الكريم لماذا توَّعد الله تعالىَ ( المُطففين ) بالويل و الثبور و عظائم الأمور ؟
و الله تبارك و تعالىَ أعلىَ و أعلم
{ وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ ١ }
[ الهمزة \ 1 ]
و الشاهد هنا
{ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ }
و الهَمْز و اللَمْز هو السخرية و الإستهزاء بالناس و التقليل و التحقير من شأن الناس و { هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ } هو وصف لكثيري أو شديدي الهمز و اللمز و مفردها ( هَمْزَة ) أو ( لَمْزَة ) واحدة , و لكنها جاءت بصيغة مبالغة{ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ } أي إن الهمز و اللمز كان دأبهم و دَيدَنَهم و كان شيئاً عاديَّاً بالنسبة لهم حتىَ اشتهروا به و صاروا هَمَّازون أو لَمَّازون لغيرهم من الناس { هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ }
و كما نجد في الأيات القرآنية الشريفة الكريمة أن في كل أية منها تأتي الصفة بصيغة مبالغة و ذلك لأنها تدل على كثرة الحدوث و كثرة التَكْرَار , و هنا يجب أن نعرف أن الخطايا و الذنوب و المعاصي و الأثام لا تُولَد كبيرة و إنما تُولَد صغيرة و لكن الإنسان يُنَمِّيِهَا بالمداومة عليها و تَعَهُدِهِ لها بالإستمرار فيها حتىَ تكبر و تصبح خطيئة أو مُوبِقَة من المُوبِقَات أي من المُهْلِكَات في الدنيا و الأخرة , و كذلك نجد القاسم المشترَك في كل الأيات هو كلمة ( ويل ) و هو تهديد شديد و وعيد قاسي من الله تعالى لكل مَن يرتكب مثل هذه الأخطاء و يتمادىَ فيها , و هذا يدل على خطرها على الفرد و المجتمع , كما يدل على الأثر الضار و البعيد الذي يؤذي النفس البشرية لدرجة المرض المادي و المعنوي , لذلك شدَّد في العقوبة عليها الله سبحانه و تعالى
و الله تبارك و تعالىَ أعلىَ و أعلم
هى كل فعل أو قول يبدأ صغيراً ثم يتكرر حدوثه فيصبح كبيراً , أو أيِّ خطأ يتعمده الإنسان ليضر به نفسه أو يضر به المجتمع و له أثاراً تؤدي للضرر البعيد فإن الله سبحانه و تعالىَ لا يمحيها , و لا يمحيها الزمن مثل القتل و الزنا و شهادة الزور و السحر , فهذه الموبقات التي تؤثر في الإنسان و تعمل على تدمير المجتمع , لابد من الحساب عليها من الله تعالىَ , فهى خطيئة
{ وَمَن يَكۡسِبۡ خَطِيٓـَٔةً أَوۡ إِثۡمٗا ثُمَّ يَرۡمِ بِهِۦ بَرِيٓـٔٗا فَقَدِ ٱحۡتَمَلَ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا ١١٢ }
[ النساء \ 112 ]
الشاهد هنا
{ فَقَدِ ٱحۡتَمَلَ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا }
معنىَ الخطيئة تحديداً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأمر أو موضوع ( الخطيئة ) من الأمور المبهمة و الغامضة في حياة المسلمين , فالمسلم يخلط الخطيئة مثلاً بالذنب و الإثم و المُنكَر و الزور و البهتان و النفاق و غير هذه من الكلمات التي لها دلالة تدل على ( الفعل الحرام ) يخلطها المسلم ببعضها البعض , و السبب أننا لا نجد أيَّاً من هذه الكلمات لها تعريفاً محدداً نستطيع كمسلمين الوقوف عنده و الإعتماد عليه علمياً و اصطلاحياً و لغوياً , و هذا من أشد دروب الجهل و الظلمة العلمية و الثقافية بل و الفقهية , و ذلك لأننا قلنا في ثنايا البحث عندما تكلمنا عن ( الإثم ) قلنا أنه يأتي بمعنى ( الضرر ) غالباً , و المقصود بهذه الأية الكريمة أن الذي يعمل أي خطيئة كالقتل أو السرقة أو الزنا أو الكذب المتكرر و النفاق أو الخيانة مثلاً , ثم يتهم شخصاً أخر بأنه هو القاتل أو السارق أو الزاني أو الكذاب أو المنافق أو الخائن لينجو من العقاب , فإنه بذلك قد أتىَ ببهتان ــ أي : زوراً , لأن ( البهتان ) أن تقول و تتهم شخصاً بما ليس فيه و هو بريء ,هنا يكون الشخص الظالم احتمل ذنب أو وزر , و بالأدق إرتكب خطيئة ( الزور ) و ( البهتان ) و ( الإثم ) ــ أي : الضرر الذي لَحِقَ بالمظلوم , و هنا يبرز دور ( الخطيئة ) كخطيئة يُعاقَب فاعلُها عندما تظهر في ثوب ( الإثم ) أو ( البهتان ) أو ( الزور ) مثلاً , و عندما تحدث ضرراً على المستوى الشخصي و الإجتماعي
هل يدخل الزور و الإثم و الغيبة و البهتان و النفاق و غيره من هذه الكلمات تحت معنىَ أو مُسَمَّىَ الخطيئة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقول بالله تبارك و تعالىَ ( نعم ) يدخل الزور و الإثم و الغيبة و البهتان و النفاق و غيره من هذه الكلمات تحت معنىَ أو مُسَمَّىَ الخطيئة , فلطالما يستفحل أمر الكذب أو الزور و الإثم و البهتان و النفاق و المُنكَر و البغي و غير هذه المعاني و يُحدث الضرر و الفساد على المستوىَ الشخصي و على المستوىَ الإجتماعي و يُعكِّر صفو الحياه , فهو يندرج تحت الخطيئة التي تستوجب العقاب شرعاً و قانوناً
مثال ـــ الإثم | و هو يأتي بمعنىَ الضرر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن يَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَٰتٍ غَيۡرَ مُسَٰفِحَٰتٖ وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخۡدَانٖۚ فَإِذَآ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَيۡنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٢٥ }
[ النساء \ 25 ]
و الشاهد هنا
{ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ }
و العنت هنا تأتي بمعنىَ الإثم ( الضرر )
[ قال : يا ابن عباس : أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ .
قال : ذلك لمن خشي الإثم منكم فيتزوج الأمَة وإن لم يفعل فهو خير .
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟
قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول :
رأيتك تبتغي عنتي وتسعى … على السّاعي عليّ بغير ذحل ]
( المصدر : كتاب : مسائل نافع بن الأزرق . غريب القرآن في شعر العرب ــ باب : ع ن ت ( العنت ) ــ الصفحة : 151 )
( المصدر : كتاب : الأدب المفرد للإمام البخاري ــ باب : الغيبة و قول الله تعالىَ و لا يغتب بعضكم بعضاً ــ الصفحة : 387 )
الشاهد الأول
[ إِنْ قَالَ فِيهِ مَا يَعْلَمُ فَقَدِ اغْتَابَهُ ] الشاهد الثاني
[ وَإِنْ قَالَ فِيهِ بِمَا لَا يَعْلَمُ فَقَدْ بهته ] (( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَن بنظر لهذا الحديث النبوي الشريف يجد أن العيب الذي يجده الإنسان في مؤمنٍ و يسخر من المؤمن بسبب هذا العيب فهو بمثابة ( الإغتياب ) و إن لم يكن في المؤمن ذلك العيب الذي يسخر منه الإنسان فهو بمثابة ( البهتان ) و من هنا نفهم أن ( الغيبة ) و ( البهتان ) من الخطيئة لأنهما دائماً يمتزجان بالسخرية و اللَمْز و التنابز بالألقاب و هو ( الفسوق ) بعينه , و ذلك تحقيقاً لقول الله سبحانه و تعالىَ
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ١١ }
[ الحجرات \ 11 ] الشاهد الأول
{ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ }
الشاهد الثاني
{ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ }
الشاهد الثالث
{ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ }
الشاهد الرابع
{ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ }
الشاهد الخامس
{ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }
و كما نرىَ بلا لَبْس و لا غموض أن ( السخرية ) و اللَمْز ) و ( التنابز بالألقاب ) أي : ــــ ذكر الشخص سواء مؤمن أو كافر بما فيه أو ليس فيه على سبيل السخرية و دعوة المجتمع للسخرية منه , و ( الفسوق ) كل هذا يدخل في عموم الخطيئة , و للأسف كل هذه العيوب التي ذَمَّها الله سبحانه و تعالىَ في هذه الجزئية من البحث تُولَد كبيرة , و ليس ( كالكذب ) ـــ مثلاً ـــ الذي يبدأ صغيراً في أحيانٍ كثيرة جداً ثم مع المُدَاوَمَة يصبح كبيراً و يتحول من ( ذنب ) كفارته ( الإستغفار ) إلىَ خطيئة يحتاج التوبة , فالسخرية و الإستهزاء و الهَمْز و اللَمْز و التنابُز , كل هذه العيوب في مجملها العام تُسَمَّىَ ( الفسوق ) , و الفسوق هو ( الخروج من الإيمان ) و لذلك ختم الله سبحانه و تعالىَ بأن مَن يفعل كل هذه العيوب فهو الظالم
(( تعقيب للباحث على الشاهد الخامس ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشاهد الخامس
{ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }
فمَن ينظر لهذه الأية القرآنية الكريمة يجد أنها تشتمل على
{ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ } من السخرية و الهمز و اللمز و التنابُز و الفسوق فهو ظالم { فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ } لأن هذا الظلم الذي كانت الخطيئة من ثمرته و لذلك فهو يحتاج للتوبة و تجديد الإيمان و ليس للإستغفار , و لذلك قال الله تعالى في هذه الأية
{ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ }
و هنا قرر الله عز و جل أن { ٱلۡفُسُوقُ } هو إسم مذموم للإنسان حينما يُوصَم به و يُقال له يا ( فاسق ) { بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ } و ذلك لإن الفسق يُخرج الإنسان المؤمن من دائرة الإيمان كالمنافق المُصِرُ على النفاق تماماً بتمام , فهو قد انخلع أو خَلَعَ نفسه من إيمانه بنفسه لارتكابه ( الفسق ) أو ( النفاق ) و انظر لقول الحق تبارك و تعالىَ في شأن هؤلاء الفاسقين المنافقين
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ٧٣ يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ وَهَمُّواْ بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ وَمَا نَقَمُوٓاْ إِلَّآ أَنۡ أَغۡنَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ مِن فَضۡلِهِۦۚ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيۡرٗا لَّهُمۡۖ وَإِن يَتَوَلَّوۡاْ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَا لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ ٧٤ وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ٧٥ فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُواْ بِهِۦ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ ٧٦ فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقٗا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ يَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَآ أَخۡلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ٧٧ أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ ٧٨ ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٩ ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ٨٠ }
[ التوبة 73 \ 74 \ 75 \ 76 \77 \ 78 \ 79 \ 80 ] الشاهد الأول
المنافقين بصفة عامة ـــ بالإجمال ـــ
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ }
الشاهد الثاني
الكذب و هو من صفات المنافق
{ يَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ }
الشاهد الثالث
التمكين بعد المسكنة … أو الإنقلاب على النعمة … من صفات المنافق
{ وَهَمُّواْ بِمَا لَمۡ يَنَالُواْۚ وَمَا نَقَمُوٓاْ إِلَّآ أَنۡ أَغۡنَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ مِن فَضۡلِهِۦۚ }
الشاهد الرابع
الرجوع في العهد و الوعد من صفات المنافقين
{ فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُواْ بِهِۦ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ }
الشاهد الخامس
النفاق و الكذب ينبتان في القلب … و هو مُسْتَوجِب غضب الله تعالىَ
{ فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقٗا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ يَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَآ أَخۡلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ }
الشاهد السادس
عَمَىَ البصر و البصيرة من صفات المنافق
{ أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ }
الشاهد السابع
اللَمْز و السخرية من المؤمنين البُسَطَاءْ من صفات المنافقين
{ ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
و إليكم مناسبة هذه الأية الكريمة في الشاهد السابع
[ أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حدثنا إِبْرَاهِيمُ ، حدثنا آدَمُ ، حدثنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} [ التوبة : 79 ] يَعْنِي : عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ إِذْ جَاءَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ { وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ } [ التوبة: 79 ] رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَجَّرَ نَفْسَهُ لَيْلَةً عَلَى صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ : لَقَدْ كَانَ اللَّهُ غَنِيًّا عَنْ صَاعِ هَذَا ] الشاهد الثامن
حتىَ الإستغفار من النبي صلى الله عليه و سلم سبعين مَرَّة للمنافقين فلن يُغني عنهم من غضب الله تعالى شيئاً و لن يغفر الله تعالى لهم بسبب كفرهم و فسقهم .. لإن المنافق و الفاسق يكرههم الله عز و جل
{ ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ }
الشاهد التاسع
فالإستغفار لن يُجدي من المنافق شيئاً و لابد من التوبة
{ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيۡرٗا لَّهُمۡۖ وَإِن يَتَوَلَّوۡاْ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ عَذَابًا أَلِيمٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَا لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ }
كما قال الحق سبحانه و تعالى
{ فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَآ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ١٨١ }
[ البقرة \ 181 ] الشاهد هنا { فَإِنَّمَآ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥ }
أي : ضرره على الذين يبدلونه
و هذه الأية جاءت بعد أية الوصيَّة
{ كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ ١٨٠ }
[ البقرة \ 180 ] الشاهد هنا { حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِينَ }
و المقصود : أن التقي الذي أتته الوفاة يكتب وصيَّته بالعدل بين ورثته , و كذلك الأتقياء أو الأوصياء الذين يحضرون تنفيذ الوصية شفاهاً أو كتابة لا يكذبون و لا يمارسون الزور في تنفيذ الوصيَّة لغرض ما في نفوسهم ليأخذوا شيئاً لأنفسهم ليس من حقهم أخذه أو يحرمون وارثاً من إرثه بالشهادة الزور , لذلك قال الله تعالى { فَإِنَّمَآ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُۥ } أي : ضرره على الذين يبدلونه , و شهادة الزور أو الكذب أو النفاق هو جوهر ( الخطيئة ) و لا يخلط أي إنسان بين ( الخطأ ) و بين ( الخطيئة ) فالخطأ إمَّا أن يكون مُتَعَمَّد أو غير مُتَعَمَّد , فالخطأ المُتَعَمَّد هو ( الخطيئة ) و ربما يكون عن استكراه مثلما حدث في حالة سيدنا عمَّار بن ياسر ظلت قريش تعذبه حتى فقد الوعي و قال كلاماً خاطئاً في حق رسول الله صلى الله عليه و سلم , و أمَّا الخطأ الغير مُتَعَمَّد هو الهفوة , أي : بسبب النسيان أو عدم الإنتباه و سنذكرهما بالتفصيل للقاريء الكريم
أولاً : الخطأ الغير مقصود مثلما سنقرأ في هذه الأية الكريمة
{ وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـٔٗاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَـٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا ٩٢ }
[ النساء \ 92 ] الشاهد هنا
{ وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـٔٗاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَـٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ }
و الخطأ : هنا غير مُتَعَمَّد , و لذلك وضع الله تعالى له في الأية الكريمة كيفية التحلل منه و الخلاص و التوبة مثل
{ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ } أو أن أهل القتيل يتصدقوا بدِيَّتِهِ فلا يأخذونها { إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ } أو { فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ } أو { فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ } أو { فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ }
ثانياً : الخطأ المقصود و هو الخطيئة بعينها
{ وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا ٩٣ }
[ النساء \ 92 ] و الشاهد الأول هنا { وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا }
الشاهد الثاني { فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا }
هذه هى الخطيئة و هذا هو عقابها { جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا } { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ } و { وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا }
الخطيئات التي ذكرها الرسول صلى الله عليه و سلم , و هىَ ( الكبائر ) أو ( المُوبِقَات السبع )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و هذا الحديث يشتمل على سبع شروط نهانا الرسول صلى الله عليه و سلم بالبُعد عنهن , فتشتمل ( الشروط ) السبع علىَ أهم حقوق الإنسان بل و جميع المخلوقات , عدا الشرط الأول منها و هو [ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ]
[ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حدثني سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ المدني ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ : اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَ أَكْلُ الرِّبَا ، وَ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ]
( المصدر : كتاب : صحيح البخاري ــ باب : قول الله تعالى . إن الذين يأكلون أموال اليتامىَ ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيراً ــ النساء \ 10 ـــ الجزء : 13 ـــ الصفحة : 1017 )
( حديث صحيح )
الشاهد الأول
[ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ]
الشاهد الثاني
[ السِّحْر ]
الشاهد الثالث
[ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ]
الشاهد الرابع
[ أَكْلُ الرِّبَا ]
الشاهد الخامس
[ أَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ]
الشاهد السادس
[ التَّوَلِّي يوم الزحف ]
الشاهد السابع
[ قذف المحصنات المؤمنات الغافلات ]
(( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا حديث صحيح لموافقته للقرآن الكريم و واقع حياة الناس و أيضاً هذا حديثاً صحيحاً بألفاظه وحدها التي بالقطع هىَ من المكروهات و المُحَرَّمَات التي يأباها كل مجتمع بشري على وجه الأرض , و فعلاً هىَ ( موبقات ) أي : مُهْلِكَات ــ للفرد و المجتمع , بل و فيها ما يَنُصَ علىَ حقوق الحيوانات و المخلوقات بسائرها ما نراه منها و ما لا نراه منها فلا يجوز أذِيَّتِهِ بحال من الأحوال , ألا و يتجلَّىَ هذا الحق في [ قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ] بل و لا يجوز ممارسة السحر على الحيوانات و لا المخلوقات أيضاً , و هذا يتجلَّىَ في [ السِّحْر ]
و هذا الحديث يشتمل على سبع شروط نهانا الرسول صلى الله عليه و سلم بالبُعد عنهن , فتشتمل ( الشروط ) السبع علىَ أهم حقوق الإنسان بل و جميع المخلوقات , عدا الشرط الأول منها و هو [ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ]
و السبب في ذلك هو أن هناك مجتمعات غير إسلامية لا تؤمن بالله تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد , فلا ينطبق عليها هذا الشرط من حقوق الإنسان عملاً بقاعدة قرآنية جميلة , و أنا أعتبرها قاعدة أصولية قرآنية من أصول الدين الإسلامي الحنيف
{ وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّٰلِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن يَسۡتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٖ كَٱلۡمُهۡلِ يَشۡوِي ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرۡتَفَقًا ٢٩ }
[ الكهف \ 29 ]
الشاهد هنا
{ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُر }
و بُنَاءً عليه فلا يصح إلزام أي إنسان لا يريد أن يؤمن بالله تعالى بالغصب أو بالإكراه بحُجِّة الدعوة إلى الله تعالى أو بحُجِّة الأم بالمعروف و النهي عن المنكر , أو بحُجِّة الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام ؟؟؟!!! و الدليل على ذلك ما أطلق عليه (( أنا الباحثُ )) القاعدة الأصولية … الأتية
{ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ ١١ }
[ فصلت \ 11 ]
و الشاهد هنا
{ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ }
( إذاً ) ألله سبحانه و تعالىَ لا يجبر أو يغصب أحداً من مخلوقاته و عباده أن يأتي إليه كَرْهَاً و إنما عباد الله تعالى هم الذين يؤمنون به طوعاً و حُبَّاً , و من هنا كان الحساب و العقاب و الثواب بالجنة أو بالنار
{ ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ ١٨٢ }
[ آل عمران \ 182 ]
الشاهد
{ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ }
{ ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ ٥١ }
[ الأنفال \ 51 ]
الشاهد
{ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ }
{ ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ 10 }
[ الحج \ 10 ]
الشاهد
{ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ }
{ مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ ٤٦ }
[ فصلت \ 46 ]
الشاهد
{ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ }
{ مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ ٢٩ }
[ ق \ 29 ]
الشاهد
{ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ }
و مَن يتأمّل في هذه الأيات القرآنية الشريفة يجد أن منها أن في سورة آل عمران الأية 182 ـــ و سورة الأنفال الأية 51 ـــ و سورة الحج 10 ــــ تبدأ هذه الأيات الشريفات بـــ { ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ } و تنتهي بـــ { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ } … و أمَّا أية 46 من سورة فصلت ـــ بدأت بــ { مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَا } و خُتِمَت بـــ { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ }
و آية 29 من سورة ق بدأت بــ { مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ } و خُتِمَتْ بـــ { وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ }
و معنى هذا أن الحساب يأتي على أساس الإيمان بالإختيار و أن قَبُول الإيمان بالله تعالى أو الكفر به مسألة معقودة بيمين الإنسان عملاً بالقاعدة الأصولية القرآنية الأتية
{ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُر }
[ الكهف \ 29 ]
و يكون الحساب نتيجة القاعدة الأصولية القرآنية الأتية
{ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ }
[ فصلت \ 11 ]
( إذاً ) الإيمان عملية اختيارية من كسب الإنسان , و لكنها لا تخرج عن مشيئة الله تبارك و تعالىَ الي يعلم كل شيء بسابق علمه القديم و لكنه لا يغصب أحداً علىَ أي شيء
و الله تبارك و تعالىَ أعلى و أعلم
القاهرة \ سبتمبر \ ليلة الخميس 2 \ 9 \ 2021 م
الساعة 49 و 2 ليلاً \ أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) كاتب و شاعر و باحث \