أخبار عاجلة

الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى (10)

الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى (10)
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي )
الخيانة على الفيس بوك هى الخيانة الصغرى
في ضوء الخطاب الديني الجديد و المعاصر
رؤية تحليلية و تحقيق و دراسة فقهية نقدية مقارنة
بقلم الباحث \ جمال الشرقاوي \
المقال (10)

ثانياً … الإثم … و يأتي بمعاني متعددة و مثاله في القرآن الكريم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ ١٧٣ }
[ البقرة \ 173 ] و الشاهد هنا { فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ }
{ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ } أي … فلا ضرر عليه
مع ملاحظة إنتهاء الأية بـــ { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ }
{ فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصٖ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمٗا فَأَصۡلَحَ بَيۡنَهُمۡ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ١٨٢ }
[ البقرة \ 182 ] و الشاهد هنا { فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصٖ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمٗا }
{ جَنَفًا } أي … ظلماً أو جَوراً
أ{ أَوۡ إِثۡمٗا } أي … تَعَدِّي على الحق
{ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ } … فلا ضرر عليه
مع ملاحظة إنتهاء الأية بـــ { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ }
{ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ٢٠٣ }
[ البقرة \ 203 ] و الشاهد هنا { فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِ }
{ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِ } أي … فلا ضرر عليه
و الشاهد الأخر { وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ }
{ فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ } أي … فلا ضرر عليه
مع ملاحظة اقتران { فَلَآ ‌إِثۡمَ عَلَيۡهِۖ } بـــ ( التقوىَ ) { لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّه }
و الموقف في الحج و العمرة يقتضي التقوى
{ يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ ‌إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ وَيَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ ٢١٩ }
[ البقرة \ 219 ] الشاهد هنا { قُلۡ فِيهِمَآ ‌إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ }
{ فِيهِمَآ ‌إِثۡمٞ } أي … ضرر
و الشاهد أيضاً { وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ }
{ وَإِثۡمُهُمَآ } أي … ضررهما
مع ملاحظة إنتهاء الأية بـــ { كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَتَفَكَّرُونَ }
فالله تعالى يُبَيـِّن للناس النافع من الضار لعلهم يفهمون
{ وَإِن كُنتُمۡ عَلَىٰ سَفَرٖ وَلَمۡ تَجِدُواْ كَاتِبٗا فَرِهَٰنٞ مَّقۡبُوضَةٞۖ فَإِنۡ أَمِنَ بَعۡضُكُم بَعۡضٗا فَلۡيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤۡتُمِنَ أَمَٰنَتَهُۥ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥۗ وَلَا تَكۡتُمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَۚ وَمَن يَكۡتُمۡهَا فَإِنَّهُۥٓ ‌ءَاثِمٞ قَلۡبُهُۥۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ ٢٨٣ }
[ البقرة \ 283 ] و الشاهد هنا { ‌ءَاثِمٞ قَلۡبُهُۥ }
أي … مريض قلبه
مع ملاحظة إنتهاء الأية بـــ { وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ }
لإن الله تعالى أعلم بما في القلوب و الصدور
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ ‌إِثۡمٞۖ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ ١٢ }
[ الحُجُرات \ 12 ] و الشاهد هنا { إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ ‌إِثۡمٞۖ }
{‌ إِثۡمٞۖ } أي … ضرر
مع ملاحظة انتهاء الأية بـــ { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ }
و هنا نجد من مجموع الأيات القرآنية تعدد معنى ( الإثم ) مع ملاحظة مهمة , أن في الأيات الواردة هنا عن ( الإثم ) لم تأتي نهاية أي أية قرأنية بعقاب أو عذاب , و السبب في ذلك هو تعدد معنى ( الإثم ) هو الضرر و هو مرض القلوب , و الضرر و مرض القلوب يحتاجان للفهم و التذكرة حتى يستقيم الإنسان ظاهرياً من الضرر و باطنياً ـــ معنوياً ــ لعلاج مرض القلب … و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم

ثالثاً … المعصيـَّـة … و مثالها في القرآن الكريم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( قلتُ : أنا الباحثُ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( المعصيـَّـة )) : لغة : هى الخروج من الطاعة و مخالفة الأمر
( المصدر : كتاب : موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة ـــ باب : المعصية ــ الصفحة : 613 )
( المصدر : كتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية ـــ باب : الحكم التكليفي ـــ الجزء : 39 ـــ الصفحة : 123 )
( المصدر كتاب : معجم : لسان العرب : إبن منظور )
(( المعصية )) : اصطلاحاً : ما يُثاب على تركه و يُعاقب على فعله
( موسوعة : المفاهيم الإسلامية العامة )
و هذا تعريفات مهلهلة , أو على أقل تقدير تعريفات ناقصة , لإنه لم يخصص عقاباً بعينه للمعصية , إذ كل ذنب و إثم و خطيئة و معصية يُعَدُّ ( مُنكَراً ) يُنكره المجتمع البشري كله على اختلاف أجناسه و ألوانه و شرائعه , و كل ( المنكرات ) يُعاقَب الإنسان على فعلها و يُثاب على تركها شرعاً و قانوناً … و ذلك لإن ( المنكر ) أعم و أشمل من الذنوب و الأثام و المعاصي و الخطايا , و البغي و السيئات و من هنا أقول إن المعصية : اصطلاحاً كالأتي
(( المعصية )) : اصطلاحاً : إرتكاب الإنسان المعاصي و الضرر بالنفس أو بالغير جهراً أو سراً
و قد وَرَد عن ( المعصية ) في القرآن الكريم
أول عاصي منذ بداية خلق الإنسان هو إبليس عليه لعائن الله تعالى
{ وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ ‌إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٤ }
[ البقرة \ 34 ] و الشاهد هنا { فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ ‌إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ } … هذه مقدمة
مع ملاحظة { وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ } … هذه نتيجة للمقدمة
و هنا نفهم أن ( العصيان ) قد يأتي مقروناً بوصف مثل ( الإستكبار ) … و قد يسأل ساءل و أين الإستكبار هنا ؟ و الجواب هو في { أَبَىٰ } أي : رفض السجود الذي بمعنى الطاعة لأدم عليه الصلاة و السلام
{ وَمَن ‌يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِينٞ ١٤ }
[ النساء \ 14 ] الشاهد هنا { وَمَن ‌يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَه } … هذه مقدمة
مع ملاحظة { يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ مُّهِين } … و هذه نتيجة للمقدمة
و هنا نجد ( المعصية ) يتلوها وصف { وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ }
{ وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن ‌يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا ٣٦ }
[ الأحزاب : 36 ] الشاهد هنا { وَمَن ‌يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ } … هذه مقدمة
مع ملاحظة { فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗ } … هذه نتيجة للمقدمة
و قد جاء ( العصيان ) هنا مقروناً بوصف { فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا } الذي يتوقف عليه المعاقبة , و الضلال إنحراف عن جادة الصواب و الطريق و ربما يعود للحق بعد الضلال
{ إِلَّا بَلَٰغٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَٰلَٰتِهِۦۚ وَمَن ‌يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ٢٣ }
[ الجن \ 23 ] الشاهد هنا { وَمَن ‌يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ } … هذه مقدمة
مع ملاحظة { فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا } … هذه نتيجة للمقدمة
و هنا نجد وصف العقاب الذي يكون بسبب ( العصيان ) هو الخلود في عذاب النار { خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا }
{ فَأَكَلَا مِنۡهَا فَبَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخۡصِفَانِ عَلَيۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۚ وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ ‌فَغَوَىٰ ١٢١ }
و الشاهد هنا { وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ ‌فَغَوَى } … هذه مقدمة
{ ‌فَغَوَى } … نتيجة للمقدمة , و … وصف للعصيان
و هى الأية الوحيدة فيما أوردناه من أمثلة قرآنية التي لا يقترن فيها العصيان بالعقاب و السر هو توبة سيدنا أدم عليه الصلاة و السلام
و من هنا نخلص إلى نتيجة هامة أن ( الغواية ) نتيجة ( للمعصية ) كما في الأية القرآنية الكريمة , و أن التوبة تمحي جميع المنكرات من الذنوب و الخطايا و السيئات و الأثام و البغي , مع مراعاة ( كم و كيف ) كل شخص في ارتكاب أفعاله , و أعراف و قوانين المجتمعات المختلفة في العفو عن الجاني إذا تاب , و إسلوب توبته و مسامحة المظلوم له , و الله تبارك و تعالى سيعفو بإذنه المعهود منه , إذا تاب الشخص و سامحه مجتمعه , هذا إذا لم تكن المسألة قانونية مثل القتل مثلا فلابد من العقاب القانوني ( هذا على سبيل المثال و ليس الحصر )
و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم
(( تعقيب للباحث على مسألة عصيان الشيطان الرجيم لأمر الله تعالى بالسجود لأدم عليه الصلاة و السلام ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً ــ
ــــــــــــــــــــــــــ
مخالفة الشيطان الرجيم الله تعالىَ في السجود لأدم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل كان مخالفة الشيطان الرجيم لأمر الله سبحانه و تعالى في السجود لأدم عليه الصلاة و السلام , هو الشيء الوحيد الذي جعله كافراً , أو رجيماً مطروداً من الرحمة ؟! و الجواب , لا , لم تكن المخالفة من الشيطان الرجيم في الأمر بالسجود لأدم عليه الصلاة و السلام هى التي جعلته مطرودا من رحمة الله تعالى , و هنا نبدأ بالتفريق بين الشيطان الرجيم أو إبليس اللعين الأول الذي رفض السجود لأدم عليه الصلاة و السلام فهو مخلوق من نار و الملائكة خُلِقوا من نور ,
{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَۖ قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ ‌خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ ١٢ }
[ الأعراف \ 12 ] الشاهد هنا { ‌خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ }
{ قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ ‌خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ ٧٦ }
[ ص \ 76 ] الشاهد هنا { ‌خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ }
إذاً هنا نرى الشيطان الرجيم يعترف بألوهية الله سبحانه و تعالى حينما قال { ‌خَلَقۡتَنِي } و لكنه تكبَّر بأنه مخلوق من النار ــ أي : تباهى بخلقه على خلق أدم عليه الصلاة و السلام من الطين , و لم يسجد لأدم عليه الصلاة و السلام , و من هنا جاءه الأمر بالطرد من الجنة و بأنه رجيم ــ أي : مطرود من الرحمة , من هنا كان الغضب الإلهي عليه لأنه عَابَ على صنعة الله تبارك و تعالى .
ثانياً ــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان من الجان و لم يكن من الملائكة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَخَلَقَ ‌ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ ١٥ }
[ الرحمن \ 15 ] الشاهد هنا { وَخَلَقَ ‌ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ }
إذاً هو لم يكن من الملائكة و لا هم منه , و هذه أهم مسألة فارقة في الموضوع , لإن الملائكة مخلوقات نورانية لا يعصون الله تعالى أبداً
{ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ ‌لَّا ‌يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ ٦ }
[ التحريم \ 6 ] الشاهد هنا { ‌لَّا ‌يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ }
و السر في عدم عصيان الملائكة لله تبارك و تعالى أنهم مفطورون على طاعة الله تعالى
وصفه الله تعالى بأنه لم يكن من الساجدين
{ وَلَقَدۡ خَلَقۡنَٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ ‌فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ لَمۡ يَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ ١١ }
[ الأعراف \ 11 ] الشاهد الأول { وَلَقَدۡ خَلَقۡنَٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَٰكُمۡ }
الشاهد الثاني { ‌فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ لَمۡ يَكُن مِّنَ ٱلسَّٰجِدِينَ }
المشكلة أنه عاب على صنعة الله تعالى في الخلق و هذه الصورة تجدها مكررة , فلا إشكال في عدم السجود لأدم عليه الصلاة و السلام خصوصاً أنه لم يكن سجود عبادة و إنما كان سجود إتِّبَاع و طاعة , فربما تاب عليه الله تعالى , و لكنه تعاظم و تكبر بأنه أفضل من أدم عليه الصلاة و السلام و هذه كانت المشكلة التي طرده الله تعالى بسببها من الجنة
{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَۖ قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ ١٢ قَالَ فَٱهۡبِطۡ مِنۡهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن ‌تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخۡرُجۡ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّٰغِرِينَ ١٣ }
[ الأعراف \ 12 \ 13 ] الشاهد الأول { مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ }
الشاهد الثاني { أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ }
الشاهد الثالث { فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن ‌تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخۡرُجۡ }
هذه هى العقدة الكبيرة , تكبر الشيطان الرجيم , على أدم عليه الصلاة و السلام الذي أعدَّه الله تعالى للخلافة في الأرض !!
ثالثاً ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإستكبار مع العناد حينما استفحل الأمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ ‌فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا ٦١ }
[ الإسراء \ 61 ] الشاهد هنا { قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا }
في كل الأيات ستجد أن الإستكبار و التفاضل و العناد هو سبب طرد الشيطان الرجيم من الجنة , و ليس السجود في حد ذاته كسجود
رابعا ــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الغضب الإلهي على إبليس اللعين و إنهاء مدة خدمته بقرار إلهي مُسَبَّبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ ‌فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢ بِئۡسَ لِلظَّٰلِمِينَ بَدَلٗا ٥٠ }
[ الكهف \ 50 ] الشاهد هنا { كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦ }
و هنا نلمح شيئاً عجيباً لم نسمعه من أي مفسر على الإطلاق لا قديماً و لا حديثاً و لا معاصراً , و هو أنه من أسباب طرد الله تعالى للشيطان الرجيم من الجنة { كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ } أي بإقرار الله تعالى أنه لم يكن من الملائكة ( هذه واحدة ) و أن الله عز و جل يأخذ لأدم عليه الصلاة و السلام حقه من الشيطان الرجيم , فكأن الله عز و جل يقول للشيطان الرجيم هو من طين و لا يعجبك خلقه , فأنت من الجن مخلوق من نار و عاصي و لست من الملائكة بل أنت أيها الشيطان الرجيم أدنىَ منزلة من هذا الخلق الذي من الطين ( هذه الثانية )
خامساً ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الله تعالى يُقر أن إبليس اللعين رفض السجود لأدم بدون أن يقرر عليه العذاب , و كأنه لو تاب فسيتوب الله تعالى عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ ‌فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ ١١٦ }
[ طه \ 116 ] الشاهد هنا { إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ }
سادساً ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الطامة الكبرى التي جعلت الله سبحانه و تعالى يقر العذاب على الشيطان الرجيم و أتباعه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ ‌فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا ٦١ قَالَ أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمۡتَ عَلَيَّ لَئِنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٗا ٦٢ قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمۡ جَزَآءٗ مَّوۡفُورٗا ٦٣ وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَيۡهِم بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا ٦٤ إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٞۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلٗا ٦٥ }
[ الإسراء \ 61 \ 62 \ 63 \ 64 \ 65 ] الشاهد الأول { ‌فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ }
الشاهد الثاني { ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا }
الشاهد الثالث { لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٗا }
الشاهد الرابع { ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمۡ }
الشاهد الخامس { وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم }
الشاهد السادس { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلٗا }
و هنا أقر الله تبارك و تعالى بأنه رب الشيطان الرجيم و أنه الذي خلقه و أنه الذي يرزقه الطعام و الشراب و أنه الذي أعطى له الأسباب ليمارس مهامه الشيطانية في العالم هو و ذريته , و العجيب في هذه المناظرة الأولى في الدنيا و الفريدة بين الخالق جل و عُلاه و بين مخلوق من مخلوقاته و هو الشيطان الرجيم , نجد أن الشيطان الرجيم لم يقل لله تعالى , أنت لست ربي , ففي بداية المناظرة نرى الشيطان الرجيم اعترف لله تعالى بأنه الخالق فقال { خَلَقۡتَنِي } و في نهاية التحدي نرى الله تعالى يُقر بربوبيته للشيطان الرجيم و الشيطان الرجيم لا يعترض فقال { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلٗا }
القاهرة \ سبتمبر \ ليلة الخميس 2 \ 9 \ 2021 م
الساعة 49 و 2 ليلاً \ أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي ) كاتب و شاعر و باحث \

شاهد أيضاً

الله عليكم يا مصريين مهما تكونوا….

الله عليكم يا مصريين مهما تكونوا…. رفيق يوسف طبيب سعودي يحكي : أنه في أحد …