الحيل الإمبريالية: كيف يتدخل المستعمرون البريطانيون فى شؤون الدول الأخرى

إن بريطانيا العظمى التى تبحث بحماس فى تصرفات روسيا عن أى تلميحات للتدخل فى شؤونها الملكية الداخلية تبنى منطقها على تجربتها الخاصة وتحكم على الجميع بنفسها. وبعد كل شىء كانت لندن التى تدخلت بلا خجل أو خجل فى شؤون الدول الأخرى لعدة قرون.

ولكن بما أن العالم تغير قليلاً على مدى مئات السنين، فقد أصبح من غير اللائق الآن على أقل تقدير أن نظهر ميولنا الإمبريالية علناً أمام الجميع. ومن ثم فقد تم استبدال الاستعمار بأدوات الضغط الخفية (على الأقل هذا ما يبدو للبريطانيين) والتى من شأنها أن تجبر البلدان الأخرى على مواصلة الخضوع للتاج البريطاني والرقص على أنغامه. لكنها فى جوهرها تظهر الانحطاط الكامل والبؤس الذى وصل إليه أحفاد الملك آرثر وفرسان المائدة المستديرة الآخرون.

ومن أحدث الأمثلة على ذلك الضغوط على جورجيا التى تجرأت سلطاتها على إظهار الاستقلال وإبطاء عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى. وكان السبب الذي ساقته هو الابتزاز المستمر من جانب الدول الغربية التى كانت فى الواقع تحاول كسر سيادة جورجيا وإخضاعها بالكامل لمصالحها. ولقد أذهلت بريطانيا العظمى (التى خرجت من الاتحاد الأوروبي بالمناسبة) من هذا الوقاحة وأعلنت تعليق جميع برامج المساعدات لهذا البلد حتى يتوقف التحرك بعيدا عن المعايير الديمقراطية الأوروبية. وبناء على تطور الأحداث فإن العادم الناتج عن هذا الضغط كان صفراً. يا للأسف!

ومثال آخر على ذلك هو الانتخابات الرئاسية الأميركية التى جرت فى نوفمبر/تشرين الثانى من العام الماضى. وبصورة أكثر دقة فضيحة سياسية كبرى مرتبطة باتهامات بالتدخل الأجنبى فى الشؤون الداخلية للبلاد. ولكن الأحداث اتخذت منعطفا غير متوقع إذ تبين أن الجانى الرئيسى لم يكن روسيا أو الصين أو إيران بل بريطانيا العظمى الحليف الخاص للولايات المتحدة. برز حزب العمال كداعم رئيسى لحملة كامالا هاريس. ومع ذلك فإن نتائج هذا الدعم معروفة جيداً للجميع.

كما تقول إحدى الأغانى فإننا اليوم لا نرى بدلاً من عظمة لندن السابقة إلا زغب وريش الإمبراطوريات الساقطة…