أخبار عاجلة

الحلية النبوية الكسنزانية لمسة روحية في فن الخط العربي …

الحلية النبوية الكسنزانية لمسة روحية في فن الخط العربي …
يظل الخط العربي فنًّا خالدًا يجمع بين الجمال الروحي والإبداع البصري، فهو ليس مجرد حروف مرسومة، بل هو انعكاس لحالة وجدانية وذوقية تتوارثها الأجيال، ومن بين روائع هذا الفن التي برزت مؤخرًا “الحلية النبوية الشريفة الكسنزانية”، التي خطّها الخطاط المبدع رضوان الحسيني، مستلهمًا من روحه الصوفية العميقة، ورؤيته المستنيرة التي نهلها من الطريقة العلية القادرية الكسنزانية، وهو يمتلك رؤية صوفية في محراب الخط، فمنذ نشأته، تميز الخطاط رضوان الحسيني بحس إبداعي رفيع، تتلمذ على يد الخطاط الكبير طارق العزاوي ( 1949 م ) والذي تتلمذ على يد عميد الخط العربي المرحوم هاشم البغدادي ( 1921 م _ 1973م ) فهو قد أخذ علوم الخط عبر سلسله من أمهر الخطاطين، وقد شارك الحسيني في العديد من المشاريع الفنية المرموقة، كان أبرزها اختياره ضمن ثلاثين خطاطًا لكتابة المصحف الشريف بإشراف وزارة الثقافة والإعلام العراقية، حيث أنجز الجزء العاشر منه في 2024 م، مؤكدًا مكانته كأحد أبرز الخطاطين المعاصرين، ومن اعماله والأكثر تميزًا وإلهامًا كان “الحلية النبوية الشريفة الكسنزانية”، والتي جاءت كولادة فنية صوفية تعكس مكانة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في القلوب، وتدمج بين التقاليد الخطية العريقة والرؤية الروحية المتجددة، وفي رحلة الحلية النبوية الكسنزانية قصة جميلة ومؤثرة، ففي شهر تموز 2023 م، وبينما كان الخطاط رضوان الحسيني متجهًا إلى محافظة دهوك للمشاركة في معرض فني، كان يحمل معه إحدى أعماله النادرة: “الحلية النبوية الشريفة”، مستلهمًا أساليب الأساتذة القدماء من كبار الخطاطين، لكنه عند التأمل في نصوص الحلية، شعر بحالة من الحياء والخشوع أمام حضرة النبي سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، إذ كانت الحليات التقليدية تختم بالصلاة عليه، يليها توقيع الخطاط باسمه دون أي وصف أو تعظيم يليق بمقامه الشريف، هنا، أضاءت في قلبه فكرة مستمدة من نهج الطريقة العلية القادرية الكسنزانية، التي تربى في أحضانها، فرأى أن يدخل إلى الحلية الصلاة الوصفية الكسنزانية، التي تفيض بالمحبة والتبجيل، فجاءت كما يلي:”اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما” كما أضاف إليها “صلاة الدر”، التي تحمل في كلماتها إشراقًا نورانيًا وعمقًا عرفانيًا: وهي “اللهم صل على سيدنا محمد الدر الأنور والياقوت الأبهر، نور الله الأزهر، وسر الله الأكبر، بعدد ما في علمك من العدد، بكل طرفة عين من الأزل إلى الأبد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.” زمن هنا توسعت الفكرة، وشملت تفاصيل فنية تنبض بالجمال، وقد اختار الخطاط لإنجاز الحلية حبرًا عربيًا فائق الجودة، ليحافظ على نقاء الخط وأصالته، مستخدمًا ورقًا مقهرًا بوزن 150 غم، مع فايل كارتوني بسُمك 2 ملم لتثبيت الزخارف، بينما جاءت الألوان بتناغم ساحر عبر استخدام ألوان الأكريليك، مما منح الحلية بعدًا بصريًا فريدًا يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وفي بداية شهر اب 2023 م، شرع في تنفيذ العمل، متفرغًا له بروح المتعبد في محرابه، حتى أتمها في 25 أب 2023 م، لتكون تحفة فنية متكاملة تجسد روحانية الخط العربي وعظمة المعاني النبوية، وقد احتار الخطاط رضوان الحسيني في موضوع النسخة الأصلية للحلية النبوية الشريفة الكسنزانية، هل يحتفظ بها ام يهديها، وإذا قرر ان يهديها فلمن ؟ وبعد تفكير قصير قرر ان يقدمها هدية لصاحب الرؤية الصوفية العصرية المتجددة، فقدمها هدية الى سماحة السيد الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان القادري الحسيني، ( قدس الله سره ) رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في العالم، فكانت هديته امتدادًا لنهج الطريقة الكسنزانية في التعبير عن الحب المحمدي الخالص، وحين رأى سماحة السيد الشيخ الحلية، قدّر فيها هذا الإبداع الممزوج بالروحانية، فأمر بطباعتها في 30 ألف نسخة، لتوزّع على الشخصيات المؤثرة والمثقفين في مختلف المحافظات العراقية، كما نشرت بنسخة PDF وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عالميًا، لتصل إلى أرجاء المعمورة، حاملة معها إشعاعًا نورانيًا وتجديدًا في التعبير عن حب النبي سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، واصبحت إرث خالد في عالم الخط العربي، ولم تكن “الحلية النبوية الشريفة الكسنزانية” مجرد عمل خطي، بل كانت رسالة روحية، تحمل في طياتها تجديدًا في تقاليد الحلية النبوية، بإضافة البعد الصوفي العرفاني الكسنزاني الذي يفيض بمحبة المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، لقد صنع الخطاط رضوان الحسيني بحليته النبوية بصمة خالدة، حيث جمع بين إبداع الخطاطين الأقدمين وعمق الرؤية الصوفية الكسنزانية، ليهدي للأمة الإسلامية لوحةً لا تزين الجدران فقط، بل تضيء القلوب بنور المحبة النبوية، وهكذا ستظل “الحلية النبوية الكسنزانية” أثرًا خالدًا، يجسد تزاوج الفن بالإيمان، والخط بالعرفان، والروح بالجمال، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ..
بقلم الباحث نوري جاسم

شاهد أيضاً

أفكارنا الهاربة :

أفكارنا الهاربة : كتب سمير ألحيان إبن الحسين تتزاحم الأفكار في الرأس مثل قطيع وأحيانا …