البيت الحرام.. أصل الحضارات ومهد الإنسان

بقلم: محمد محسن السهيمي
حين يتحدث العالم عن أقدم حضارة تبدأ الأسماء تتوالى: سومر، بابل، الفراعنة، وادي السند… لكن يغيب عن كثيرين أن هناك بيتًا في مكة المكرمة سبق كل تلك الحضارات، بيتًا لم يُبنَ ليكون قصرًا أو معبدًا وثنيًّا، بل ليكون أول بيتٍ وُضع للناس لعبادة الله.
إنه البيت الحرام، الكعبة المشرفة، التي قال الله عنها في كتابه الكريم:
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (آل عمران: 96)
بيت بدأ مع الإنسان
يروي المفسرون أن آدم عليه السلام هو أول من وضع أساس هذا البيت، ثم اندثرت معالمه عبر القرون، حتى جاء إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام، فأعادا بناءه من جديد بأمر الله، وجعلاه مركزًا للعبادة والتوحيد.
ومنذ ذلك الحين، لم يزل البيت الحرام شاهدًا على مسيرة البشر بين الأرض والسماء، بين الطين والروح.
عندما يقف التاريخ أمام الوحى
العلم الحديث يقيس التاريخ بما تبقى من حجارة ونقوش، لذلك يصنف حضارة سومر في العراق كأقدم حضارة موثقة؛ لأنها تركت كتابة وقوانين وآثارًا مادية.
لكن الحقيقة الأعمق التي يرويها الوحي هي أن بداية الحضارة لم تكن حين اخترع الإنسان الكتابة، بل حين عرف ربه، واتجه بقلبه إلى الكعبة أول مرة.
فما قيمة حضارة لا تعرف الخالق؟ وما معنى التقدم إن غابت عنه الروح؟
من مكة بدأت الحكاية
من أرض مكة خرجت الرسالة الأخيرة لتعيد للعالم إنسانيته.
ومن حول هذا البيت، قامت حضارة الإسلام التي جمعت بين الإيمان والعلم، وبين الروح والعقل.
البيت الحرام ليس فقط بناءً من حجارة سوداء، بل رمزٌ للاستقرار، والقبلة التي توحّد ملايين القلوب كل يوم، شرقًا وغربًا.
كلمة أخيرة
قد تتفاخر الأمم بآثارها القديمة، لكن مكة المكرمة تحتضن الأثر الأقدم والأقدس فى تاريخ البشرية.
فالكعبة المشرفة ليست مجرد مَعْلم، بل أصل الوجود الحضاري للإنسان، ومن حولها وُلدت قيم الرحمة والعدل، وتجدّدت معاني الإيمان.
من يقف اليوم أمامها، إنما يقف أمام تاريخٍ بدأ منذ خلق الإنسان، وأمام بيتٍ كتب الله له البقاء إلى قيام الساعة.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 