أخبار عاجلة

الإنسان محاط بين أمرين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الإنسان في الحقيقة محاط بين أمرين، وهما أمر قبل الإقدام على العبادة يثبطه الشيطان، فيقول لا تعمل هذا رياء ترى الناس يمدحونك وأمر ثاني بعد أن يشرع في العبادة يأتيه الشيطان أيضا، فعليه أن يدحض الشيطان وأن يستعيذ بالله منه وأن يمض في سبيله وألا يفتر فإن قال قائل إذا فرغ الإنسان من العبادة وسمع الناس يثنون عليه وفرح بهذا هل يضره ؟ فالجواب لا يضره لأن العبادة وقعت سليمة وكون الناس يثنون عليه هذا من عاجل بشرى المؤمن أن يكون محل الثناء من الناس لكن هذا بعد أن ينتهي من العبادة نهائيا سمع الناس يثنون عليه يقول الحمد لله الذي جعلني محل الثناء بالخير كذلك أيضا لو أن الإنسان فعل العبادة ولما انتهى منها سر بها فهل نقول هذا السرور إعجاب يبطل العمل ؟

لا ما يضره لأن الإعجاب أن الإنسان إذا فرغ من العبادة أعجب بنفسه وأبلي على الله بها ومن على الله بها، هذا هو الذي يبطل عمله والعياذ بالله، لكن هذا الإنسان ما خطر على باله هذا، ولكن حمد الله وفرح أن الله وفقه إلى الخير، هذا لا يضره، والنبي صلي الله عليه وسلم يقول “من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن” جعلنا الله وإياكم منهم، ويقول الله عز وجل فى كتابه العزيز “فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ولا يشرك بعادة ربه أحدا” ولقد سأل رجل من الأنصار وقال “يا رسول الله من أكيس الناس؟ فقال صلى الله عليه وسلم “أكيس الناس أكثرهم ذكرا للموت، وأكثرهم استعدادا للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة” رواه الطبراني، فالعاقل اللبيب هو الذي يذكر الموت.

وهو الذي يستعد للموت، وهو الذي يذكر نفسه دائما وأبدا بالموت، وهو الذي يعلم علم اليقين أن هذه الحياة مهما عاش فيها فهي قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة، لأن الليل مهما طال لا بد من طلوع الفجر، ولأن العمر مهما طال لا بد من دخول القبر، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول “الكيس أي بمعني العاقل من دان نفسه أي من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني” وهذا هو المغرور الذي يتواكل على سعة رحمة الله ولا يعمل، الذي يتواكل على سعة عفو الله وهو في المعاصي ليل نهار، ويقول إن الله غفور رحيم، وما الذي أنساك أن الله شديد العقاب للعاصين والمذنبين والمقصرين؟ إنها الحقيقة الكبرى أيها الأحباب، حقيقة الموت.

إنها الحقيقة الكبرى في هذا الوجود، الحقيقة التي خضع في محرابها المتكبرون والمتجبرون، إنها الحقيقة الكبرى التي تسربل بها العصاة والطائعون والرسل والأنبياء والمقربون والأصفياء، وإنها الحقيقة الكبرى التي ترن في أذن كل سامع وعقل كل مفكر قائلة إنه لا بقاء إلا لله وحده، ولا ألوهية إلا لله وحده، ولا حاكمية إلا لمن تفرد بالبقاء والجلال، فسبحانه وتعالي يقول ” كل شيء هالك إلا وجهه” فإنها حقيقة الموت التي قال الله تبارك وتعالى عنها في سورة ق ” وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” فالحق أنك تموت والله حي لا يموت “وجاءت سكرة الموت بالحق” والحق أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ترى ملائكة العذاب “وجاءت سكرة الموت بالحق”

والحق أن تكون حفرتك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران “وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” ذلك ما كنت منه تهرب، ذلك ما كنت منه تفر، ذلك ما كنت منه تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض، وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع خوفا من الموت، وتحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ خوفا من الموت.

شاهد أيضاً

كدا علمتني أية :

كدا علمتني أية : كتب سمير ألحيان إبن الحسين “أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن …