بقلم د/أيمن عيسى إستشاري إدارة وتنمية الموارد البشرية
يعد الإقتصاد الدائري من أهم النماذج الاقتصادية التي يهدف إلى تحقيق الإستدامة البيئية والإجتماعية والإقتصادية من خلال إنتاج واستهلاك الموارد بطريقة مستدامة ومتجددة. يركز هذا النموذج على تحويل النفايات إلى موارد وإعادة استخدامها في دورة اقتصادية مستدامة، بدلاً من التخلص منها كنفايات.
تعتمد فكرة الاقتصاد الدائري على مفهوم الدورة الحيوية، حيث يتم إنتاج الموارد، ويتم استهلاكها، ويتم إعادة تدويرها واستخدامها مرة أخرى في دورة اقتصادية جديدة، و يتم تطبيق هذا المفهوم على جميع القطاعات، بدءًا من الزراعة والإنتاج الصناعي وانتهاءً بالخدمات.
يعتبر الإقتصاد الدائري حلاً مستداماً للعديد من المشاكل الاقتصادية والبيئية التي تواجه العالم اليوم، مثل النفايات والتلوث ونقص الموارد الطبيعية وارتفاع تكاليف الإنتاج. ومن خلال تحويل النفايات إلى موارد وإعادة استخدامها، يمكن تقليل الحاجة للموارد الطبيعية الغير متجددة، وتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف.
يمكن تحقيق الاقتصاد الدائري من خلال العديد من التدابير، مثل تصميم المنتجات والخدمات بطريقة تسمح بإعادة استخدامها وإعادة تدويرها، وتحسين عمليات الإنتاج لتقليل النفايات وزيادة كفاءة الاستخدام، وتشجيع الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وتطوير تقنيات جديدة لإعادة تدوير المواد الصناعية والبلاستيكية والإلكترونية.
يعتبر الإقتصاد الدائري أيضاً فرصة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة، حيث يمكن توفير فرص عمل جديدة في مجالات مثل إعادة التدوير والتصميم المستدام وإدارة النفايات، كما يمكن تحسين الصحة العامة والحد من التلوث البيئي وتحسين جودة الهواء والمياه.
ومن أمثلة التجارب الناجحة للاقتصاد الدائري حول العالم، يمكن ذكر مدينة آمستردام في هولندا التي تعتبر من الرائدة في هذا المجال، حيث يتم جمع النفايات وفرزها وإعادة تدويرها بطريقة مستدامة، وتشجيع التصميم المستدام وتطوير التقنيات الجديدة.
يعتمد الاقتصاد الدائري على ثلاثة محاور، هي: إعادة تجديد نظام الطبيعة، تصميم نظام للمخرجات والنفايات، واستمرارية استخدام المنتجات والمواد. إن تبني النظام الاقتصادي الجديد من شأنه أن يقلل انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 48% بحلول عام 2030، ويخفض كلفة النظام الصحي والغذائي بـ550 مليار دولار. ويقلل الازدحام المروري بنسبة 47%.
جدير بالذكر أن بعص الدول مثل أسكتلندا قد بدأت في وضع إستراتيجية وطنية للتحول نحو هذا النظام الجديد، كما بدأت بعض الجامعات والجهات التعليمية في طرح مساقات وبرامج دراسات عليا في أساليب الاقتصاد الدائري، وأعتقد أنه سيكون هناك المزيد من خطوات التحول السريع وخاصة في في الدوات ذات الاقتصاديات النامية مثل مصر
فالاقتصاد الدائري يستطيع أن يحقق أهداف التنمية المستدامة فى مصر، حيث أن إجمالى المخلفات المتواجدة فى مصر تبلغ 26 مليون طن سنوياً، والاستراتيجية الوطنية الخاصة بالمخلفات خصصت 20% منها لإنتاج الكهرباء، و60 % لتصنيع الأسمدة والوقود البديل، و20% يتم دفنها .
يبلغ اجمالى الفرص الاستثمارية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الكهرباء من المخلفات نحو 974 مليون دولار، ونحو 319 مليون دولار لتنفيذ مشروعات إنتاج الأسمدة والوقود البديل.
ووفقاً لاستراتيجية وزارة البيئة، جار إعداد البنية الأساسية والمحطات الوسيطة وانشاء المدافن الصحية للتخلص من النفايات حتى عام 2027 بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع.
و في الختام: يعتبر الاقتصاد الدائري نموذجاً مستداماً للاقتصاد العالمي يساعد على تحقيق الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، ويمكن تحقيقه من خلال تبني مفهوم الدورة الحيوية وتطبيقه على جميع الصناعات والقطاعات، وتطوير تقنيات جديدة لإعادة تدوير المواد وتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل النفايات.