الإسلام تكليفا ربانيا ورسالة إلزامية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد اتقوا الله تعالى يا عباد الله وراقبوه سبحانه مراقبة من يعلم أن ربه يسمعه ويراه، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية قول الإمام الغزالي “أنا أكره التعصب المذهبي وأراه قصور فقه، وقد يكون سوء خلق، لكن التقليد المذهبي أقل ضررا من الإجتهاد الصبياني في فهم الأدلة، وبديهي أن تنشأ مشكلات ثقافية وإجتماعية من هذا النهج، وأن تسمع حدثا يقول مالك لا يعرف حديث الإستفتاح، ولا سنة الإستعاذة، ولا يدرك خطورة البسملة، ويخرج من الصلاة دون أن يتم التسليمتين، فهو جاهل بالسنة، وحدثا آخر يقول أبو حنيفة لا يرفع يديه قبل الركوع ولا بعده، ويوصي أتباعه.
ألا يقرؤوا حرفا من القرآن وراء الإمام، وربما صلى بعد لمس المرأة، فهو يصلي بلا وضوء، إنه هو الآخر جاهل بالدين، وينظر المسلمون إلى مسالك هؤلاء الفتية فينكرونها ويلعنونهم، وقد كان علماء الأزهر القدامى أقدر الناس على علاج هذه الفتن، فهم يدرسون الإسلام دراسة تستوعب فكر السلف والخلف والأئمة الأربعة، كما يدرسون ألوان التفسير والحديث، وما تتضمن من أقوال وآراء، ولكن الأزهر منذ ثلاثون عاما أو تزيد ينحدر من الناحية العلمية والتوجيهية، ولذلك خلا الطريق لكل ناعق، وشرع أنصاف وأعشار المتعلمين يتصدرون القافلة، ويثيرون الفتن بدل إطفائها، وإنتشر الفقه البدوي، والتصور الطفولي للعقائد والشرائع” وحين أصدر الشيخ محمد الغزالي رحمه الله كتابه الشهير السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، اجترح مصطلح الفقه البدوي.
الذي أثار زوبعة من ردود الفعل الغاضبة، سعوديا على وجه التحديد، وكان الغزالي في إستخدامه لهذا المصطلح، أشار بلا قصد إلى حقيقة من صميم الدين الإسلامي، وهي أن الإسلام دين المدنية، وهذا ليس خاصا بالإسلام وحده، بل إن الأديان السماوية الثلاثة نزلت كلها في مدن، وكان إختيار المدينة يعتمد على القطبية الحضارية وفق معايير زمن نشأة الدين والقرب من الطرق التجارية، وجاء الإسلام تكليفا ربانيا، ورسالة إلزامية بحضارة ذات سمات خاصة، تستمد قوتها ورشدها من الكتاب والسنة، وتستمد قيمها وأهدافها من الوحي الرباني، وتقول المصادر إذا جئنا للإسلام على وجه الخصوص، نلحظ بزوغه في مكة وهي العاصمة المعنوية والتجارية لشبه الجزيرة العربية، وحين إنتقل الرسول الأعظم صلي الله عليه وسلم إلى يثرب سماها المدينة، وفي ذلك دلالة لافتة.
تعززها أحاديث نبوية منها “من بدا فقد جفا” ومنها “اللهم بارك لنا في يمننا وشامنا” فضلا عن آيات قرآنية صريحة حيث يقول تعالي ” الأعراب أشد كفرا ونفاقا، وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، والله عليم حكيم” وكما يقول ” ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما، ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء، والله سميع عليم ” وكما يقول تعالي ” ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم، سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم” وما يهمنا هو قوله تعالى ” وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ” الذي أوصى بتأكيد مدنية الإسلام، بتحصين عقله الديني الممثل في الفقهاء وفي العلماء من البادية، إذن فقد جاء الإسلام تكليفا ربانيا، ورسالة إلزامية بحضارة ذات سمات خاصة.
تستمد قوتها ورشدها من الكتاب والسنة، وتستمد قيمها وأهدافها من الوحي الرباني، وتحس بمسؤوليتها الحضارية العمرانية، والإبداعية، وتنفتح برشد على الحضارات الأخرى محتفظة بخصائصها، وعمدها الرافعة دون أن تذوب، أو تنماع، أو تتنازل، وتفتح عقلها للمعارف البناءة النافعة، رافضة التسلط والطغيان، وإحتكار المعارف والعطاءات، وعلى التعارف حيث يقول تعالي” لتعارفوا ” الذي هو التثاقف، ونقل الخبرات، وعمدها الرافعة في ذلك هو الإيمان والأخلاق والعلم الذي يعود على الإنسانية بالنفع والخير والرقي، والإجتهاد في التطبيق مهما كلف حيث يقول تعالي ” فإذا فرغت فانصب” اللهم اجعلنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين، واجعلنا من الناجين برحمتك يا أرحم الراحمين.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 