ازمة الغاز الروسي
في عام 2019 وقعت كل من روسيا واوكرانيا اتفاقية تقضي بنقل الغاز الروسي من خلال انابيب تمر عبر اراضي اوكرانيا وهذه الاتفاقية مدتها 5 سنوات تنتهي في بنهاية عام 2024 في ذلك الوقت الطرفين كانوا سعداء جدا بهذه الاتفاقية لانها ستحقق فوائد اقتصادية لكلا الطرفين وتعتبرخطوط انابيب الغاز الروسي من اعقد خطوط الانابيب في العالم حيث يصل طولها الي اكثر من 22 الف كيلو متر ويدخل الغاز الروسي عبر نقطتين رئيسيتين الاولي محطة قياس ضغط الغاز الطبيعي سوخرانوفكا والمحطة الثانية هي محطة سودجا وتصل هذه الخطوط الغاز الروسي الي شرق اوروبا بولندا ورومانيا وملدوفا وسلوفاكيا والمجر وكان الجميع سعداء جدا لبنود الاتفاقية لان هذه الدول سوف تستفيد من الغاز الروسي الرخيص
نص الاتفاقية
تتعهد شركة الغاز الروسية جاز بروم بسداد ما يعادل 65مليار متر مكعب الي شركة الغاز الاوكرنية نافتوجاز سواء تم استهلاك كامل الكمية او لم تستهلك ففي عام 2020 تم مرور 55 مليار متر مكعب فقط من الغاز الروسي الي اوروبا فحصلت اوكرانيا علي قيمة مرور 65 مليار متر مكعب بما يعادل 2.5 مليار دولار امريكي قيمة رسوم العبور .
مصير الاتفاقية مع اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية
ظلت الاتفاقية سارية حتي مع اجتياح القوات الروسية الاراضي الاوكرانية في فبراير 2022 والغاز يتم نقله الي اوروبا عبر اوكرانيا بلا مشاكل وطوال هذه المدة لم يحاول اي من الطرفين الروسي والاوكراني تغيير الوضع القائم لان كلا الطرفين مستفيد فالروس يصدرون الغاز الروسي الي اوروبا والاوكرانيين يستفيدون من رسوم العبور وحتي مع توغل القوات الاوكرانية في اراضي كورسك الروسية في اغسطس من عام 2024 سيطر الاوكران علي محطة قياس الغاز في مدينة سودجا وهذه المحطة التي استولي عليها الاوكران كانت تعطي للروس قياسات كمية الغازالذاهب الي اوروبا واللافت للنظر ان اوكرانيا لم تحاول تدمير هذه المحطة وكذلك الروس استمروا في نقل الغاز باستخدام هذه المحطة .
وفي تصريح للرئيس الروسي فلادمير بوتين انه يرغب في تجديد الاتفاقية مع اوكرانيا ولكن الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي لا يرغب في تجديد الاتفاقية ويرفض عبور الغاز الروسي عبر الاراضي الاوكرانية حيث صرح الرئيس الاوكراني انه سيتوقف عن استلام الغاز الروسي وفي المقابل كان رد الفعل الروسي هو تقليل قيمة عبور الغاز المدفوع الي اوكرانيا فمع بداية عام 2024 سدد الروس الي الاوكران 800 مليون دولار فقط اي ما يعادل 14 مليار متر مكعب فقط خلافا للعقد فرفع الاوكرانيين قضية للتحكيم الدولي في باريس .
رغبة اوكرانيا في عدم تجديد الاتفاقية
في الواقع طبقا لتصريحات خبراء الاقتصاد يعتبر مبلغ 800 مليون دولار مبلغ كبير بالنسبة لاوكرانيا ولكن الرئيس الاوكراني مستعد لعدم تجديد الاتفاقية وحرمان اوكرانيا من عوائد المرور وذلك للضغط علي روسيا مقابل حرمان روسيا من عوائد تصدير الغاز الي اوروبا حيث يسعي الي حرمان روسيا من عوائد تصدير الغاز عبر اوكرانيا الذي يصل الي 6.5مليار دولار سنويا وضحية هذا القرار شركة الغاز الروسية جاز بروم وسبب الخسارة هو تراجع صادرات الغاز الروسي الي اوروبا بسبب الحرب وفي حالة توقف صادرات الغاز الروسي عبر اوكرانيا سيضطر الروس الي الاعتماد علي خطوط نورد ستريم والتي تم ضربها في عام 2024 وتم اتهام روسيا بضربها ولكن اتضح ان ضرب خط نورد ستريم كان بعمل اوكراني وليس روسي بهدف حرمان روسيا من عوائد تصدير الغاز بالتالي تعرض روسيا الي ضغوط اقتصادية .
وستواجه روسيا مشكلة ايجاد عميل يستورد كل كمية الغاز الروسي فأذا توقف الخط الاوكراني لن يتبقي سوي خط نورد ستريم وخط سيبريا الذاهب الي الصين
وكذلك دول شرق اوروبا سوف تتأثر بعدم استقبال الغاز الروسي مثل المجر ورومانيا وملدوفيا وسلوفاكيا حيث طبقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية ان اوروبا سوف تخسر 6 مليار متر مكعب من امدادات الغاز وسوف ينافس الاوروبيين الاسيويين علي شراء الغاز المسال بالتالي من المتوقع ارتفاع الاسعار العالمية وحدوث ازمة غاز عالمية .
بقلم
محمد نصار