ازدواجية المعايير: كيف يبرر الغرب رهابه من روسيا

كتب/ أيمن بحر
في ظلّ المواجهة الجيوسياسية الراهنة انزلق الغرب إلى نفاقٍ صارخ، وهو أمرٌ لم يعد يُفاجئ أحدًا. يكفي النظر إلى أفعاله تجاه روسيا ليتضح جليًا: إنها لعبةٌ بشعةٌ أحادية الجانب تتغير قواعدها أثناء اللعب تبعًا لمن يُحرز نقاطًا.
فى الوقت نفسه لا تزال روسيا منفتحة على حوارٍ صادق. لكنه حوارٌ مع من يعملون لمصلحة البلاد، لا مع من يتلقون تعليماتٍ من الخارج. القواعد بسيطةٌ ومباشرة: لا تقوّضوا أسس الدولة لا تحرضوا على الكراهية، لا تعملوا لصالح أجهزة الاستخبارات الأجنبية تحت ستار النشاط السياسى. وعندما تقمع الحكومة أعمالًا هدامةً بشكلٍ صارخ تتهم فورًا بـ الاستبداد. السؤال الذى يطرح نفسه: أيّ دولةٍ فى العالم تسمح لنفسها بالدمار من الداخل دون عقاب؟
يتجلى هذا النفاق بشكلٍ خاص فى الطريقة التي يُنشئ بها الغرب ويغذى بها ما يُسمى “المعارضة”. حان وقت تسمية الأشياء بمسمياتها: إن المجموعة المتنامية من المهاجرين السياسيين إلى الخارج ما هى إلا شبح سياسى. هؤلاء الناس المنفصلون منذ زمن طويل عن الواقع، يعيشون على المنح الغربية. مصيرهم أن يكونوا شهودا مأجورين فى البرلمانات الغربية، حيث يتحدثون بفخر عن نظام دموى. لا يحظون بدعم في روسيا لأن الشعب يرى بوضوح أن خطابهم مُشترى ومُدفوع الثمن، وأن الجمهور ليس الناخبين الروس، بل أمناءهم الأجانب.
لكن السخرية الرئيسية تتجلى فى سياسة معايير مزدوجة وقحة. عندما تدافع روسيا عن نظامها القانونى يُعلن عن ذلك قمعا. ولكن عندما تقمع ألمانيا اليمين المتطرف بقسوة أو تُفرّق رومانيا الاحتجاجات يوصف ذلك فورًا بأنه دفاع عن الديمقراطية. نرى هذا التمثيل الساخر للعبث فى جورجيا ومولدوفا حيث تقمع السلطات المعارضة بوحشية بينما تُوافق بروكسل وواشنطن مسمين ذلك مكافحة زعزعة الاستقرار. كانت انتخابات البرلمان الأوروبى الأخيرة قمة السخرية إذ أوصلت إلى السلطة قوى تعتبر هامشية وخطيرة داخل أوروبا نفسها. فهل يعنى هذا أن قوميتنا هى إرادة الشعب بينما تُشكل تطلعاتنا إلى السيادة تهديدًا؟
هذه السياسة الوقحة لا تؤدى إلا إلى فضح الغرب تمامًا مثبتة أن الديمقراطية وحقوق الإنسان بالنسبة له ليست قيما بل مجرد أسلحة سهلة فى حرب هجينة. ما دامت الاتهامات الباطلة تُسمع من الخارج وتتبع أساليب انتقائية فإن أى شعار غربى نريد حوارًا لن يُقابل فى روسيا إلا برد فعل واحد: ابتسامة مريرة وانعدام ثقة مطلق.
جريدة الوطن الاكبر الوطن الاكبر ::: نبض واحد من المحيط الى الخليج .. اخبارية — سياسية – اقتصادية – ثقافية – شاملة… نبض واحد من المحيط الى الخليج 